أنيس القاسم .. أُقسِمُ .. أنه فاهِم

 

عوض ضيف الله الملاحمه

هذا الدور المشبوه الذي تلعبه السلطة الفلسطينية منذ توقيع اتفاق اوسلو عام ١٩٩٣ تبين ان ما خفي فيه هو الأعظم . لقد بصم جماعة اوسلو عليه . وتبين انهم ملتزمون بما تم الاتفاق عليه ، فيما عدا بعض التجاوزات المتعلقة بالمسميات مثل : سيادة الرئيس ، ودولة رئيس الوزراء ، وأصحاب المعالي الوزراء ، وأصحاب العطوفة والسعادة ، وغيرها من مسميات النفخ والعنطزة فارغة المحتوى ، لأنها فارغة من أية سُلطة على الأرض .

أجرت الدكتورة / نبيهه عبدالرزاق لقاءاً هاماً مع الخبير القانوني الدولي الفلسطيني — الذي تشرفت بلقائه عدة مرات في لقاءات حوارية عامة — الدكتور / أنيس القاسم . حيث طَرَحَت السؤال التالي :— حسب إتفاقيات أوسلو ، ماهو الوضع القانوني للسلطة الفلسطينية ؟
وهنا أسرد ما تحدث به الدكتور / أنيس القاسم حرفياً حيث قال :— [[ حسب إتفاقيات أوسلو السلطة الفلسطينية هي مجرد إدارة مدنية خلقها الحاكم العسكري بموجب الأمر العسكري ( ٩٤٧ ) ، الحاكم العسكري أسس للاراضي المحتلة ما يسمى بالإدارة المدنية ، وأوكل للادارة المدنية القيام بالانشطة المدنية ، مثل الصحة والتعليم وغيرها . حين أُنشأت السلطة الفلسطينية تم نقل صلاحيات الادارة المدنية الى السلطة الفلسطينية ، بطبيعة الحال هذا قانونياً من الناحية القانونية الصرفة هي ادارة مدنية ، حتى ان نقل الصلاحيات تم بموجب اتفاقيات موقعة ما بين منظمة التحرير والحاكم العسكري او الحكومة الاسرائيلية اسمها ( اتفاقيات نقل السلطات والصلاحيات ) .
وهنا جاء السؤال التالي : إذاً السلطة الفلسطينية لا يمكن فصلها عن ادارة الاحتلال الإسرائيلي ؟
وهنا تابع الدكتور انيس القاسم بانه لا يمكن فصلها عن إدارة الاحتلال الإسرائيلي ، وهي جزء لا يتجزأ . وتابع قائلاً :— كان هناك وهم عند القيادة الفلسطينية ان هذه بداية الدولة . لكن هذا الوهم ، القادة الفلسطينيين هم خلقوا هذا الوهم لتسويق اوسلو على الشعب الفلسطيني ، ان هذه هي بداية تأسيس الدولة ، لم يكن هناك دولة ، ولم يكن هناك عناصر لدولة ، كان هناك عناصر لإدارة مدنية التي تستمد صلاحياتها من الحاكم العسكري الإسرائيلي، وبالتالي السلطة الفلسطينية هي تركيبة من تركيبات او جهاز من اجهزة الحكم العسكري ، الذي هو الإحتلال الإسرائيلي .
وهنا تم طرح سؤال جديد : دكتور بناءً على ما تفضلت به ، ما هو تعليقك على ما اعلنه وزير المالية الإسرائيلي / سموتريتش حينما رفض تحويل عائدات الضرائب الى السلطة الفلسطينية ، ويطالب ايضاً بمجموعة من العقوبات ، وكان هذا جزءاً من رده على اعتراف بعض الدول بدولة فلسطين مثل النرويج ، واسبانيا .. وغيرها ، وأيضاً له مطالبة غريبة عندما طالب بالغاء تصاريح جميع الشخصيات وكبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية ، كما فرض عقوبات مالية على هؤلاء المسؤولين وعائلاتهم ؟ ما تعليقك على ذلك ؟
أود ان أعلق بداية على الشق الأخير من السؤال وهو : سحب التصاريح من المسؤولين الرسميين الفلسطينيين ومعاقبتهم : أؤيد سموتريتش تأييداً بلا تحفظ على هذه الخطوة لكي يدرك المسؤولون الفلسطينيون انهم ليسوا مسؤولين ، هم في خدمة الإحتلال من اليوم الأول لتأسيس اوسلو ، حيث استمروا يسوقون كذبة إسمها : معالي الوزير ، ودولة الرئيس ، وفخامة ( مش عارف ايه ) ، كل هذه كانت أكاذيب تسوق على الشعب الفلسطيني ، لكنها لم تسوق على الإحتلال ، وبالتالي اتمنى ان ارى هؤلاء المسؤولين يصطفون بالدور في نقاط العبور على جسر اللمبي مثلاً يعبرون الى الضفة الشرقية ، حتى يعانوا كما يعاني باقي الناس . وهناك تعليق حيث قالت المذيعة : وحتى يدرك الشعب الفلسطيني من هم حقيقة . وهنا أضاف الدكتور القاسم : هم أدركوا ، والناس مدركون لانهم عارفون لان السلطة لا تَصرُّف لها الا ما أُوكل لها القيام به : كصرف الرواتب ، المستشفيات .. الخ ، وهذا كله يسمح به الحاكم العسكري ، هذه هي الادارة المدنية ، جزء من هذه الادارة المدنية كما نصت اتفاقيات اوسلو ، وهذا كان تَزيُّدْ ، انه تخصم الجمارك التي تستحق على المستوردات التي يستوردها المستوردون الفلسطينيون وتحول الى السلطة لكي تقوم بتمويل الجهاز المدني والعسكري او جزء من العسكري فضلاً عن استخدام هذه التحويلات لتثبيت الفساد القائم في السلطة ، الفساد جزء مكون وأساسي في بناء سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني ، وبالتالي سموتريتش سيقتطع هذه الأموال ويحولها الى الأسرى الإسرائيليين كما يدعي والى الجرحى والمصابين الاسرائيليين لكي يحرم السلطة من استخدام هذه الأموال لتمويل الجهاز المدني في الادارة المدنية ، بطبيعة الحال نحن نأسف ونتأذى من حرمان الموظفين الذين يعتاشون على هذه الرواتب ، وهذا إخلال بالإلتزام الذي تقوم به الحكومة الإسرائيلية كما نصت على ذلك إتفاقيات اوسلو ، لكن هذا ليس الإخلال الوحيد الذي قامت به اسرائيل ولا زالت تقوم به وهذا يؤكد على ان السلطة الفلسطينية هي القائمة حالياً والقائمة منذ إنشائها حتى الان لا زالت تتماشى مع رغبات سيدها وهو الحاكم العسكري الإسرائيلي ، وسموتريتش بالذات أصبح وزيراً مُلحقاً في وزارة الدفاع مسؤولاً عن الادارة المدنية فهو صاحب الصلاحية الأولى والمباشرة على السلطة الفلسطينية .
وهنا ورد سؤال آخر : يعني دكتور هل تتوقع ان هذه المطالبات تتحول الى امر حقيقي وواقعي تعاني منها السلطة الفلسطينية في النهاية ؟
فأجاب : هنا قد تتدخل اعتبارات عديدة ، من هذه الاعتبارات : الإدارة الاميركية مثلاً ، هل للإدارة الأميركية مصلحة في تفكيك السلطة الفلسطينية ، أم لا ؟ سموتريتش يعلن ويكرر انه مع حلّ السلطة والتخلص منها ، هل توافقه الادارة الأميركية على ذلك أم لا ؟ هنا الإدارة الأمريكية تلعب الدور الحاسم لانها هي سيدة كل المستعمرة الإسرائيلية ، هي الحامية ، وهي الممول ، وهي المُطعِم .
وهناك سؤال آخر : في حال انه تم التماشي مع هذا المطلب ، أين تجد مستقبل الأراضي المحتلة في ظل هذه الأزمة المالية الحادة خصوصاً اذا ربطنا الموضوع بما يدور في غزة ، والأزمة أيضاً في غزة وفي الداخل الفلسطيني التي تصدر ايضاً للضفة الغربية ، كيف سيكون الوضع برمته في هذا الحال ؟
وأجاب : ربما تكون النتيجة المباشرة لهذا التصرف هو تفكيك السلطة ، وتفكيك السلطة مشروع وطني رئيسي ، ويجب إنجازه ، لانه لا يمكن مواجهة الإحتلال وجهاً لوجه بوجود هذه السلطة ، السلطة الفلسطينية القائمة حالياً وظيفتها كان القيام بدور المقاول من الباطن للاحتلال ، لذلك يجب تفكيكها ، وتفكيكها بالفعل هو مشروع وطني ، انا لا أشعر بالأسف على تفكيك السلطة ( وكنسها ) ، لكن أسفي على العائلات التي سوف تتضرر ، واعتقد هنا يجب إنشاء بديل وطني فلسطيني لإنقاذ هذه العائلات ، ونأمل ان المحاولات التي تجري حالياً لخلق مجلس وطني فلسطيني جديد لفرز قيادة فلسطينية جديدة ان يكون قادراً على توأمه ما بين أهالينا في الأراضي المحتلة مع أهالينا في الشتات ]] . إنتهى الإقتباس .

نقلت نص المقابلة بأمانة شديدة ، دون اي تعليق مني .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى