“الأسواق المالية: مفتاح النمو الاقتصادي في الأردن”

 

بقلم: الدكتور عدلي قندح

الكتاب السامي لتكليف دولة الدكتور جعفر حسان برئاسة الحكومة الأردنية الجديدة ، حينما أشار إلى “الأسواق المالية”، يعكس نقلة نوعية في التفكير الاستراتيجي حول دور القطاع المالي في دعم النمو الاقتصادي. هذا التركيز الجديد يأتي في وقت حاسم للأردن، حيث يواجه الاقتصاد تحديات كبيرة على عدة جبهات، بما في ذلك معدلات البطالة المرتفعة، مستويات الدين العام المتزايدة، والضغوط الناتجة عن التباطؤ الاقتصادي العالمي والإقليمي.

وفقًا للنهج الاقتصادي الحديث، ولا سيما ذلك الذي يركز على الاقتصاد الكلي وأسواق المال، فإن الأسواق المالية تلعب دورًا حيويًا في تحفيز النمو الاقتصادي من خلال توفير التمويل اللازم للقطاع الخاص، وتحسين تخصيص الموارد، ودعم الابتكار والمشاريع الصغيرة والمتوسطة. تُعد هذه الأسواق أداة رئيسية لتوجيه المدخرات نحو الاستثمارات الإنتاجية، وهو ما يرفع من كفاءة الاقتصاد ويعزز النمو المستدام.

الأردن لديه سوق مالي يتمتع بإمكانات كبيرة ولكنه يعاني من بعض التحديات، بما في ذلك ضعف السيولة، وعدم كفاية التنويع في الأدوات المالية، وعدم استغلال الإمكانيات الاستثمارية المتاحة بشكل كامل. إذن، التوجيه الملكي بضرورة “مواصلة العمل على تطويره” يعكس إدراكًا لأهمية هذه الأسواق كركيزة للنمو الاقتصادي المستدام. وهذا يتطلب تعزيز دور القطاع المالي ليصبح أكثر حصافة واستقرارًا من خلال إصلاحات هيكلية تشمل:

1. زيادة الشفافية والإفصاح: واحدة من أهم ركائز الأسواق المالية المتطورة هي الشفافية العالية، التي تعزز ثقة المستثمرين وتجذب المزيد من الاستثمارات.

2. تنويع المنتجات المالية: تطوير أدوات استثمارية جديدة مثل الصكوك الإسلامية والسندات الخضراء التي يمكن أن تسهم في جذب استثمارات محلية وأجنبية، والصناديق الاستثمارية المشتركة وغيرها الكثير، وتوجيهها نحو قطاعات استراتيجية مثل المياه والنقل والطاقة المتجددة والبنية التحتية.

3. دعم الصناديق الاستثمارية: التركيز الملكي على “الصناديق الاستثمارية” يعكس فهماً عميقاً لدورها في تعبئة الموارد المالية واستثمارها بشكل أكثر كفاءة. هذه الصناديق، إذا تم دعمها وتشجيعها، يمكن أن تكون قاطرة للنمو، حيث يمكن أن تستثمر في مشاريع البنية التحتية الكبرى والقطاعات الإنتاجية.

4. دور القطاع الخاص: تمكين القطاع الخاص هو جوهر النمو الاقتصادي المستدام. فالأسواق المالية يمكن أن تكون جسرًا بين المدخرات الوطنية والقطاع الخاص، مما يتيح تمويلاً ميسرًا ومرناً للشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تُعد عصب الاقتصاد الأردني.

من المهم أن يكون هناك إطار استراتيجي واضح لتطوير الأسواق المالية، يرتبط بالخطط الحكومية مثل “رؤية التحديث الاقتصادي 2030″، التي تركز على تحقيق نمو مستدام وشامل. تفعيل السياسات الاقتصادية التي تسهم في جذب الاستثمارات الخارجية، وتحسين البيئة التنظيمية للأسواق المالية، وتطوير البنية التحتية الرقمية للقطاع المالي هي كلها عوامل حاسمة لإنجاح هذا التوجه.

دولة الرئيس المكلف يتمتع بخبرة كبيرة ومتنوعة تمتد على مدى سنوات طويلة من العمل في مجالات اقتصادية مختلفة، ما يمنحه فهماً عميقاً وشاملاً لكافة جوانب الاقتصاد الأردني. خلال مسيرته، أثبت قدرته على مواجهة التحديات الاقتصادية بفاعلية، حيث شغل مناصب متعددة في القطاع العام، ما جعله ملمًا بالتفاصيل الدقيقة لسياسات الإصلاح والنمو. إضافةً إلى ذلك، سيساعد اختياره الحكيم لفريقه الوزاري في تعزيز قدرته على تنفيذ الأهداف الطموحة لتطوير الأسواق المالية، إذ من المتوقع أن يضم إلى فريقه نخبة من الخبراء والمتخصصين في الاقتصاد والتمويل. هذه الخبرات مجتمعةً، إلى جانب رؤيته الاستراتيجية الواضحة، تهيئ الظروف المثلى لتحقيق هذا الهدف بيسر وسهولة، مما سيعزز من قدرة الاقتصاد الأردني على النمو المستدام وجذب الاستثمارات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى