أقلام و آراء

حماس ( برا برا ) .. السُلطة ( جوا جوا )

حماس ( برا برا ) .. السُلطة ( جوا جوا )

عوض ضيف الله الملاحمة

من الضروري ان أُذكركم بمقالي الذي نشرته قبل أيام وتحديداً بتاريخ ٢٠٢٥/٣/٢٠ بعنوان (( السُلطة ليست عميلة .. أبداً .. السُلطة صهيونية الإنتماء .. والأداء )) .

السلطة بالتعاون مع بعض المخاتير ، والعملاء ، وشيوخ العشائر في غزة ينفذون خطة العدو في خلق فتنة داخل غزة . وللعلم قبل اقل من عام عمل العدو على إحداث هذا الشرخ المجتمعي مع شيوخ العشائر في غزة لكن حماس أفشلته . والآن تعود هذه الخطة بمذاق فلسطيني بنكة خيانات السلطة الفلسطينية .

رغم التضييق الشديد وغير المسبوق من العدو بمنع ادخال الخيام ، والمواد الغذائية ، والمياة لأسابيع — بعد ان فجّر العدو ما يزيد عن ( ١,٠٠٠ ) بئر مياه في غزة لتموت غزة عطشاً ، وجوعاً ، ومرضاً . إلا ان جماهير غزة وجهت انتقاداتها الى حماس ، وليس للعدو الصهيوني الذي يقوم بالقتل والتجويع والتدمير .

السُلطة منذ ما يقارب العام وبعد ان عرضت استعدادها لإدارة غزة — ورغم رفض العدو في حينه — الا انها تستعد لإدارة غزة ، وتتجهز عملياتياً لذلك بتدريت اعداد كبيرة من الشرطة الفلسطينية ، إضافة لتوفير المتطلبات الإدارية لذلك .

بعد الإنقلاب الذي قامت به حماس عام ٢٠٠٦ على السلطة ، وعلى منظمة فتح في قطاع غزة ، وهروب محمد دحلان عين السلطة وذراعها في غزة سيطرت حماس على القطاع بعد ان أثخنوا الجراح والتقتيل ببعضهم .

بالتأكيد انه رغم سيطرت حماس على قطاع غزة لحوالي ( ٢٠ ) عاماً . الا ان هذا لا ينفي وجود تنظيم فتح تحديداً في القطاع ، الا انهم صامتون لا يقوون على الظهور . كما ان هناك أعداداً ليست بسيطة من أبناء غزة يرتبطون بالسلطة ويأتمرون بأمرها ، واستمرت رواتبهم تصلهم بإنتظام من السلطة ، والآن سنحت الفرصة لهم للإنقضاض على حماس .

لذلك أعتقد ان المسيرات التي ظهرت في غزة هي نتاج عمل تنسيقي تضامني بين السلطة ، والمخاتير ، وشيوخ العشائر، وعملاء العدو في القطاع . وما هتافاتهم الا دليل أكيد على ذلك عندما إستبدلوا هتافاتهم السابقة التي كانوا يقولون فيها ( إسرائيل برا برا ) الى هتافاتهم الحالية ( حماس برا برا ) . كما إستمعت لأحد المخاتير وهو يقف أمام الكاميرات ويقول نصاً (( الناس لا يريدون حكم حماس . حكم حماس انتهى . كل الناس الذين تراهم هنا ، كل الموجودين من أطفال ، وأمهات ، وشيوخ ، وشباب لا يريدون هذا الحكم . هذا الحكم خرب بيتنا . دمرنا ، قتلنا ، شردنا . وبالتالي كل بيت لاهيا بمسنيها وشبابها صفاً واحداً من أجل انهاء حكم حماس في بيت لاهيا )) . وفي خبر آخر أفاد ان عشائر وأهالي منطقة الشجاعية يطالبون بإخراج حماس من القطاع . وفي تجمع حاشد طالب المشاركون بمغادرة حماس للمشهد تماماً لأنها فشلت في ادارة القطاع ولم تحافظ على الشعب ولم يوفروا له متطلباته الحياتية للعيش الكريم ، مؤكدين ضرورة مغادرة حماس للمشهد تماماً .

صحيح ان شعب غزة ذاق المر ، وعانى معاناة غير مسبوقة ، وانه إستشهد منهم حوالي ( ٥٠,٠٠٠ ) شهيد ، وأكثر من ( ١٠٠,٠٠٠ ) جريح ، بالإضافة الى تدمير ( ٩٠٪؜ ) من غزة تدميراً كاملاً ، وصحيح ان غزة اصبحت طاردة ولا تصلح للعيش فيها ، لكن ما دفعته غزة وستدفعه في المستقبل هو ثمن تحرير وطنهم فلسطين ، وللعلم غالبية سكان غزة هم نازحون من فلسطين التي تم احتلالها عام ١٩٤٨ .

علينا ان ندرك ، وعلى الفلسطينيين ان يدركوا ان بلادهم لا يمكن ان تتحرر من العدو الا بالنضال المستميت ضد العدو ، فالتحرير وقوده الدمّ . وما حدث في غزة خلال عام ونصف ، وموجات القتل والتدمير التي كان يشنها العدو كل بضعة اعوام قبل ذلك ، ما هي الا حلقات في سلسلة النضال الفلسطيني المستمر منذ (٧٧ ) عاماً وربما يمتد لأكثر من ذلك بكثير . لأنه عند أخذ العبرة من نضال الشعوب على مدى تاريخ الإنسانية فإن كل احتلال الى زوال مهما طال بقاؤه ، وازدادت شراسته ، ولنا في فيتنام والجزائر كل الدروس والعبر . فالإحتلال التركي للعرب استمر ( ٤٠٠ ) عام ، واحتلال فرنسا للجزائر استمر ( ١٣٢ ) عاماً .

ما يؤلم ان العدو الصهيوني هو الذي يحاصر ويقتل ويدمر ، وتحولت هتافات بعض الفلسطينيين الى معاداة للطرف الفلسطيني الذي يناضل لتحرير الأرض وتحرر الإنسان الفلسطيني .

هذا كله نتاج تماهي السلطة مع سياسات العدو الصهيوني ، وما حصل رغم انه فاجعة ، الا انه ليس أخطر من التنسيق الأمني الذي التزمت به السلطة طوال ( ٣٢ ) عاماً منذ أوسلو الخيانة عام ١٩٩٣ الذي أتى بسلطة إسمها فلسطيني وطعمها ، ومذاقها ، وشكل رجالاتها وأداؤها صهيوني .

فلسطين لن تتحرر الا بدماء أبنائها وتضحياتهم . فلسطين لن تتحرر بالنضال من فنادق الخمسة نجوم . فلسطين لن تتحرر بالتأنق بربطات عنق ماركة تيدلابيدوس ، ولانفين ، وبذلات السموكن التي تصل أثمانها الى ( ٢٠,٠٠٠ ) دولار يا مناضلي السلطة . أعرف انكم لا تفكرون بتحرير أرضكم المغتصبة ، وانكم تماهيتم مع العدو في سياساته . وأنه لا يشغلكم الا شيئين لا ثالث لهما : مُتع الدنيا الحرام الذي تستمرؤنه ، وجمع المبالغ الطائلة لتأمين حياة الرفاهية لكم ولأحفادكم . وكل ذلك يتم على حساب قضيتكم وبقاء العدو محتلاً لأرضكم .

أنا لست مع حماس فكراً ، ونهجاً ، وإرتباطاً ، ولي عليها تحفظات كثيرة ، لكنني معها في إنتهاج أية وسيلة متاحة للنضال وإيذاء العدو وجعله يشعر ان استمرار احتلاله لفلسطين مكلّف ، وله أثمان غاليه هم ليسوا على استعداد لدفعها ، خاصة ان اغلب الصهاينة الذين يعيشون في الأراضي المحتلة لديهم جنسيات اوطانهم الأصلية .
كيف يمكن ان تتحرر فلسطين بدون تقديم تضحيات جسام !؟

لست من مؤيدي حماس . وأنا ضد إرتباطاتها الإقليمية . لكنني مع حماس في نهجها النضالي الجريء لتحرير الأرض المغتصبة . حماس هزّت ، وهزأت ، وأربكت العدو في السابع من أكتوبر . حماس أحيت القضية ووضعتها على طاولة العالم . حماس خلقت نهجاً غربياً جماهيرياً معادياً للعدو . الفرق بين حماس والسلطة، كالفرق بين المناضل والعميل .

الخيانة فعل شنيع .. وأشنع الخيانات خيانة الأوطان وهذا دور السلطة مع كل الأسف والخزي والعار .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى