نصير يكتب : فساد المؤسسات الحكومية و قراءة في تقرير ديوان المحاسبة لعام 2023

د.خلدون نصير

تقرير ديوان المحاسبة الأردني لعام 2023 ليس مجرد وثيقة رصد إنه جرس إنذار يدق ليكشف عن عمق الفساد وتقصير المؤسسات الحكومية في أداء واجباتها، ما أُدرج في التقرير ليس سوى غيض من فيض، مع تفاصيل تكشف كيف يُدار المال العام وأوجه الهدر المتكررة في بلد يعاني من تحديات اقتصادية كبيرة
وقد اشار التقرير الى مخالفات لا يمكن السكوت عنها وننتظر من رئيس الحكومة الجديد وهيئة مكافحة الفساد اجابات واجراءات حازمه لطالما انتظرها و ينتظرها المواطن الاردني لتكون خطوة جديدة في اعادة بناء الثقه ما بين المسؤول والشارع الاردني .
حيث تم رصد منح ضخمة بحجة تنفيذ مشاريع لم يُصرح عن ماهيتها، ولم يُودع سوى 30% من قيمتها في البنك المركزي، مما يفتح باب التساؤل عن مصير بقية الأموال ونسمح لانفسنا ان نسميها مشاريع وهمية بمليارات الدنانير.
وموظفون وهميون ورواتب عبثيه تُدفع لأشخاص غير موجودين أصلاً، ومديرون يتقاضون أجوراً عالية دون أن تكون لديهم مديريات يديرونها، في صورة صارخة من العبث الإداري
على الرغم من صدور أحكام قضائية ضد بعض الموظفين، إلا أنهم ما زالوا يشغلون مواقعهم ويتقاضون رواتب ضخمة، وكأن القضاء يُهمش لصالح مصالح خاصة وهنا نقول التغاضي عن الفساد القضائي
جيوش المستشارين والذي يزيد عددهم عن 5 آلاف مستشار في الدولة وكما اشار التقرير، كل منهم يتقاضى راتباً لا يقل عن 3800 دينار، بينما يعاني المواطنون من ظروف اقتصادية قاسية ، وبنفس الوقت لم نلمس تحسن بالجهاز الاداري للدولة رغم وجود هذا الكم من المستشارين وبالتالي هي وظائف ارضائيه و تنفيعات شخصيه.
واذا ما ذهبنا الى حتى الشعير والنخاله لنجد فقدان مئات الأطنان منها من كشوفات وزارة الصناعة والتجارة وهذا يضع علامات استفهام حول إجراءات التخزين والمحاسبة
المخالفات التي أوردها التقرير ليست مجرد أرقام، بل تعكس منظومة من الفساد المقونن الذي يُشرعن الهدر المالي والإداري وان استمرار هذه التجاوزات يُفقد ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة ويضعف الأمل في إصلاح حقيقي لطالما سمعنا عنه في كل المحافل والخطابات واللقاءات فماذا بعد ….
ان التعامل مع هذا التقرير يجب أن يتجاوز الشجب والتنديد، إلى خطوات عملية ومساءلة صارمه فلابد من محاسبة المسؤولين والمقصرين بغض النظر عن مواقعهم، وكذلك تطوير نظام رقابي إلكتروني يُمكن من متابعة كل دينار يُصرف في الدولة، مع ضمان وصول المعلومات إلى الرأي العام، بالاضافة الى اعادة هيكلة الادارات الحكوميه و التخلص من المديريات الوهميه وجيوش المستشارين الذين يثقلون كاهل الدولة دون انتاجيه تذكر والاهم هو فتح تحقيق موسع ومستقل في جميع المخالفات المذكورة في التقرير، مع إشراك مؤسسات المجتمع المدني والهيئات الرقابية الدولية لضمان النزاهة
ما ورد في تقرير ديوان المحاسبة لعام 2023 ليس مجرد فضائح، بل انعكاس لمنظومة تحتاج إلى ثورة إصلاحية حقيقية. مستقبل الأردن يعتمد على وقف هذا النزيف المالي والإداري، وإعادة بناء الثقة بين الدولة ومواطنيها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى