القاضي يكتب : معركة الكرامة … ذكرى الأبطال الخالدة ، التي أعادت للأمة العربية هيبتها وكرامتها

بقلم : حاتم نواش القاضي
معركة الكرامة من أهم المعارك الخالدة التي سطرها الجيش العربي بقيادة المرحوم الفريق أول مشهور حديثة الجازي ” العقيد آنذاك ” ، والتي دارت أحداثها في بلدة الكرامة الأردنية بين عناصر القوات الإسرائيلية ، والقوات الأردنية (الجيش العربي) ، ومجموعة من الفدائيين الفلسطينيين ، وذلك عندما حاول العدو الإسرائيلي احتلال الضفة الشرقية لنهر الأردن والسيطرة على القطاع الزراعي في الأغوار
بدأت معركة الكرامة عند الساعة 5.30 من صباح يوم الخميس 21 أذار 1968م ، حين هاجمت قوات العدو الصهيوني ثلاثة جسور في وقت واحد، قام المهندسون العاملون في القوات الإسرائيلية ببناء جسر عائم في الشمال كي تتمكن القوات من عبور النهر ، حيث توغلت رؤوس الحربة الإسرائيلية عبر جسر اللنبي وتقدمت باتجاه الشونة الجنوبية ، واستمرت ست عشرة ساعة في قتال مرير على طول الجبهة ، ومن خلال مجرى الحوادث وتحليل العمليات القتالية اتضح أن القوات الإسرائيلية المهاجمة بنت خطتها على ثلاثة مقتربات رئيسة ومقترب رابع تضليلي لتشتيت جهد القوات المدافعة المقابلة ، وجميع هذه المقتربات تؤدي حسب طبيعة الأرض والطرق المعبدة إلى مرتفعات السلط وعمان والكرك
حيث كان هدف إسرائيل من هذه الحرب ليس الهجوم بغرض تدمير قوة المقاومين العرب في بلدة الكرامة ، بل أن الهدف الحقيقي هو احتلال المرتفعات الشرقية من الأردن والاقتراب من العاصمة عمان للضغط على القيادة الأردنية لقبول شروط الاستسلام التي تفرضها إسرائيل ، ولأنها كانت ترغب في توسيع حدودها وضم أراضي جديدة من الأردن إليها ، بالإضافة إلى محاولة العدو الصهيوني احتلال أراض أردنية واقعة شرقي النهر والتمسك بها بقصد المساومة عليها نظراً للأهمية الاستراتيجية لهذه المرتفعات
تلقى العقيد مشهور حديثة الجازي اتصالا من القيادة يخبره بان إسرائيل تطلب وقف إطلاق النار ، إلا أنه رغم ذلك واصل قصف تجمعات الجيش الإسرائيلي حتى خرجوا من المعركة ، واعترف بعدم التزامه وقف إطلاق النار بالرغم من أن الإسرائليين أوقفوا القصف الجوي ، إلا أن المدفعية الأردنية استمرت في قصف المحاور التي ينقل اليهود آلياتهم ، وكذلك المراكز الرئيسية الداخلية حتى لا يمنحوا حرية الانسحاب بسلام ، وجعل هذا الانسحاب تراجعًا انهزاميًا
انتهت المعركة وفشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق أي من الأهداف التي قام بهذه العملية العسكرية من أجلها وعلى جميع المقتربات وأثبت العسكري الأردني قدرته على تجاوز الأزمات السياسية ، وقدرته على الثبات وإبقاء روح قتالية عالية وتصميم وإرادة على تحقيق النصر
أظهرت معركة الكرامة الروح القتالية للقوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي) والدور الذي لعبه في صدّ العدوان الغاشم عن البلاد ، فالكرامة حطمت أسطورة ” الجيش الذي لا يقهر ” ، حيث أدت تلك المعركة إلى تحطيم صورتها العسكرية أمام دول العالم