ميزانية محافظة مأدبا: تحديات التمويل لمحافظة سياحية بامتياز
الدكتور محمد نهار الهواوشة يكتب:
تعتبر محافظة مأدبا واحدة من أبرز الوجهات السياحية في الأردن، فهي تجمع بين التاريخ العريق والطبيعة الخلابة، وتحتضن إرثاً ثقافياً ودينياً يجعلها محط أنظار الزوار من مختلف أنحاء العالم. ومع ذلك، تعاني مأدبا من معضلة تضعها في دائرة الضوء: ميزانيتها تُعدّ من الأقل بين المحافظات الأردنية، رغم ما تزخر به من مقومات اقتصادية وسياحية.
*المفارقة بين الموارد والتمويل*
تشكل مأدبا واحدة من أبرز المحافظات الغنية بالمواقع السياحية، مثل جبل نيبو، وكنيسة الخارطة، وحمامات ماعين الساخنة، وقلعة مكاور، فضلاً عن المواقع الأثرية التي تسرد تاريخاً يمتد لآلاف السنين. ومع ذلك، فإن ضعف الميزانية المخصصة للمحافظة ينعكس على البنية التحتية والخدمات الأساسية، مما يحد من قدرتها على استغلال إمكانياتها السياحية والاقتصادية بشكل كامل.
*التحديات التي تواجه مأدبا*
1. البنية التحتية: تعاني مأدبا من نقص في التمويل اللازم لتطوير الطرق والمرافق العامة التي تخدم السكان المحليين والسياح على حد سواء. على سبيل المثال، بعض الطرق المؤدية إلى المواقع السياحية تحتاج إلى صيانة دائمة وتحسينات، ما قد يعيق حركة الزوار ويؤثر سلباً على تجربة السياحة.
2. الاستثمار السياحي: ضعف التمويل المخصص للمحافظة يؤدي إلى محدودية المشاريع الاستثمارية في القطاع السياحي. كثير من المشاريع السياحية تظل غير مكتملة أو تعاني من قلة الموارد اللازمة لتحسينها وتطويرها.
3. الخدمات العامة: القطاع الصحي والتعليمي في المحافظة يعانيان من نقص الإمكانيات، مما يجعل المحافظة تعتمد بشكل كبير على الدعم الخارجي أو المبادرات المحلية لسد العجز.
4. ضعف الاهتمام الحكومي: بالمقارنة مع محافظات أخرى، يبدو أن مأدبا تحظى باهتمام أقل من حيث تخصيص الموارد، ما يثير تساؤلات حول العدالة في توزيع الميزانيات على مستوى المملكة.
*الفرص الواعدة لتنمية مأدبا*
رغم التحديات، تمتلك مأدبا فرصاً كبيرة لتغيير واقعها إذا تم توجيه الدعم والتمويل بشكل صحيح. يمكن أن تساهم الاستثمارات في البنية التحتية والسياحة في تعزيز اقتصاد المحافظة، وزيادة الإيرادات المحلية، وتحسين مستوى معيشة سكانها.
1. تعزيز السياحة الداخلية والخارجية: الاستثمار في الترويج السياحي وتطوير المرافق السياحية يمكن أن يجعل مأدبا وجهة سياحية رائدة على مستوى الإقليم.
2. الشراكة بين القطاعين العام والخاص: يمكن للشراكة مع المستثمرين المحليين والدوليين أن توفر تمويلاً مستداماً للمشاريع الكبرى في المحافظة.
3. إعادة توزيع الميزانيات: يجب أن يكون هناك نقاش وطني حول ضرورة تخصيص ميزانية عادلة لمحافظة مأدبا تأخذ بعين الاعتبار إمكانياتها السياحية والاقتصادية.
*الخلاصة*
محافظة مأدبا تمثل نموذجاً للمفارقة بين الإمكانيات والواقع. فهي تمتلك كل المقومات لتكون من بين المحافظات الأكثر ازدهاراً في الأردن، إلا أن ضعف الميزانية يحد من تحقيق هذا الطموح. على الحكومة الأردنية والجهات المعنية إدراك أهمية مأدبا كمحافظة سياحية تستحق استثمارات أكبر وتمويلاً عادلاً يواكب تطلعاتها وإمكاناتها. دعم مأدبا هو استثمار في مستقبل الأردن السياحي والاقتصادي.