إستهداف مخيمات الضفة .. ليس صدفة

 

عوض ضيف الله الملاحمة

بدء العدو مرحلة التهجير في الضفة الغربية ليس صدفة . هذا الاستهداف في هذا الوقت مبرمج ضمن استراتيجية العدو التي تهدف الى التخلص من كل أماكن الوجع والألم والضعف بالنسبة للعدو في محاولة للتخلص من المقاومة في كافة الأراضي المحتلة ، وتهجير الفلسطينيين الى الأردن .

وهنا سوف أنقل لكم جزءاً من كتاب النتنياهو ، كما سأنقل تصريحاً رسمياً لوزير خارجية العدو ، لتطلعوا على ما يتضمنان من مساس وتهديد لسيادة الأردن ، وحكومتنا تغط في سُباتٍ عميق ، وكأن الأمر لا يعنيها :—
أولاً :— تصريح .. وزير خارجية العدو ،حيث قال :— [[ قبل بضعة أيام طالب وزير خارجية الكيان / يسرائيل كاتس بترحيل الفلسطينيين من حملة البطاقة الصفراء من الضفة الغربية ، الى الأردن ، والذين يبلغ عددهم نحو ( ٧٠٠,٠٠٠ ) فلسطيني ، لأن لديهم مكان آخر للعيش فيه ]] . وعمّان الرسمية لم تُعلّق ، والصِدام مع يمين تل أبيب يتجه نحو الحتمية . وهذه تعني البداية الحقيقية لمخاوف التهجير والترحيل والترانسفير ، لأن البطاقة الصفراء تصدر عن وزارة الداخلية الأردنية بالعادة ومضمونها ان من يحمل هذه البطاقة يحمل الرقم الوطني الأردني ولديه جنسية أردنية .

وثانياً :— ما ذكره النتنياهو في كتابه ( مكان بين الأمم ) ، إعداد وتقديم الإعلامي الأستاذ / سامي كُليب ، حيث يقول ، تحت عناوين محددة :—
[[ السلام :— ان السلام الذي تستطيع اسرائيل ان تتوقع الحصول عليه مع العرب هو سلام الردع فقط ، اي تسويات سلمية منوطة بقدرة اسرائيل على ردع الطرف الثاني عند خرق هذه التسويات ، وشن حرب جديدة عليها .
الجولان :— لا مقارنة بين الانسحاب من سيناء والانسحاب من هضبة الجولان ، ففي الهضبة يدور حديث عن عرض لا يزيد عن ( ٢٥ ) كم فقط ، وهي منطقة يستطيع الجيش السوري اجتيازها خلال بضع ساعات ، فيما لو انسحبت اسرائيل منها .
ولهذا السبب لا يوجد بديل لاحتفاظ اسرائيل بمنطقة هضبة الجولان ، اذ بواسطتها فقط يمكن صد اي هجوم سوري في المستقبل .
الدولة الفلسطينية :— ان المطالبة بقيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية تتعارض كلياً مع السعي لقيام سلام حقيقي . اذ ان وجودها يضمن وجود حالة عدم استقرار ونزاع مستمر ، يؤدي في النهاية الى حرب حتمية ، وبالتالي فان الفلسطيني الذي اختار العيش في الضفة الغربية عليه الاعتراف بانه سيكون أقلية في منطقة خاضعة لسلطة الدولة اليهودية ولا يحق له المطالبة بدولة فلسطينية ثانية في الضفة الغربية .
الأردن الوطن البديل :— ان ارض اسرائيل الإنتدابية كبيرة لدرجة تجعلها قادرة على استيعاب دولة يهودية صغيرة هي اسرائيل ، ودولة اكبر لعرب فلسطين تلك التي تدعى الأردن ، وبالتالي فهناك حل للنزاع بين الشعبين يتمثل بإقامة دولتين الاولى يهودية للشعب اليهودي المقيم غرب الأردن والثانية عربية للشعب العربي الذي يقيم معظمه شرقي النهر . ان القول بأن الأردن هو الدولة الفلسطينية انما هو تعريف لوضع قائم فعلاً ، وبالتالي فهو ليس دعوة للقيام بأية عملية ولا لإستبدال نظام الحكم في هذه الدولة .
القدس :— هي مركز الطموح للشعب اليهودي في سبيل العودة لأرض إسرائيل ، وبعثا من جديد ، ولذا يجب ان لا يُطلب من اسرائيل التفاوض بشأن اي جزء من القدس ، ولا بأي ظرف من الظروف تماماً مثلما لا يجوز ان نطلب من الامريكيين التفاوض على واشنطن ، ومن الانجليز على لندن ، ومن الفرنسيين على باريس ، وبالتالي لا يجوز مطلقاً لإسرائيل الموافقة على اي مساس بالمكانة السيادية في القدس او تقسيمها او على قدرتها على إبقاء المدينة مفتوحة وموحدة تحت حكم اسرائيل . ويجب على اسرائيل تعزيز حلقة الاستيطان اليهودية حول المدينة للحؤول دون مواجهتها من خلال تجمعات سكانية غريبة .
الضفة الغربية :— ان على الانظمة العربية التي تملك مساحت كبيرة من الأرض تبلغ ( ٥٠٠ ) ضعف مساحة اسرائيل ان يتنازلوا عن اربعة اجزاء من عشرة الآف جزء يسيطرون عليها وعليهم بالتالي التنازل عن منطقة الضفة الغربية قلب الوطن القومي اليهودي والسور الواقي لدولة اسرائيل ، والتي تشكل استمرار الجدار الواقي في هضبة الجولان . كما يجب على اسرائيل ضمان سيطرتها على مصادر المياه في الضفة الغربية لانها حيوية بالنسبة لها ، ومنع إقامة اية سيادة اجنبية على هذه الضفة .
غور الأردن :— إن اسرائيل مُلزمة بضمان سيطرتها الحتمية على المناطق الحيوية لصد اي هجوم من الشرق ، وهذا يعني السيطرة الكاملة على غور الأردن وعلى المحاور المؤدية اليه في وسط البلاد .
اللاجئون :— يجب على اسرائيل اقامة مناطق عازلة لمنع عودة اللاجئين وعليها الإحتفاظ بالسيطرة على المعابر الحدودية ، لمنع دخول اعداد كبيرة من السكان المعادين لإسرائيل ، وبالتالي فإن واجبها العودة الى مبدأ توطين اللاجئين الفلسطينين في الأماكن التي يتواجدون فيها حالياً ، أي لبنان ، وسوريا ، والأردن وغيرها .
حدود ١٩٦٧ :— إن حدود ما قبل الأيام الستة كانت حدود حرب وليست حدود سلام ، وبالتالي من غير المقبول الحديث عن السلام والأمن الإسرائيلي والمطالبة في الوقت نفسه بانسحاب اسرائيل الى حدود غير قابلة للدفاع عنها ، هذا مرفوض رفضاً تاماً .
تعزيز الهجرة اليهودية :— حين يصبح عدد سكان اسرائيل بين ( ٨ — ١٠ ) ملايين يهودي بعد بضع عشرات السنين ، يمكن لدولتنا التمتع بالاستقرار والإزدهار ، وسيضطر العالم العربي في نهاية الأمر الى إبرام سلام حقيقي معها ، ولذلك علينا اعادة إحياء الفكرة الصهيونية في الخارج وتشجيع اليهود على العودة . إن من شأن موجات الهجرة الجماعية ان تضع حداً للحلم العربي برؤية دولة اليهود تنهار كدولة الصليبين التي ظلت تصغر وتتقزم حتى تلاشت تماماً ]] . إنتهى الإقتباس.

وها هو العدو يشن حرباً جديدة وشديدة على مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية . فيدمرون كافة مقومات الحياة بتدمير الخدمات ، وكافة البنى التحتية ، هذا اضافة الى التقتيل والاعتقال بسادية لم تشهدها الانسانية ، وكل هذا ليدفعوا السكان لهجرها .

انتقل العدو من مرحلة الاستهداف الى تنفيذه . اين وزير خارجيتنا ، لم نسمح صوته . ربما لم تصدر له الأوامر ليزأر .

مشكلتنا ان عدد المتصهينين في وطني قد إزداد كثيراً . وهؤلاء يعجبهم لا بل ويعملون لقدوم العدو لاحتلال الاردن . ربما بالنسبة لهم ستكون حياتهم افضل ، لان المال سيفيض بين اياديهم القذرة الخائنة كما انهم ربما يقتدون بالمستقبل الذي انتهى اليه الخائن / سعد حداد ، حيث انتهى به الامر للاقامة في تل أبيب ، ويمتلك نادياً ليلاً لذلك هو يعيش في بحبوحة مادية وسقوط اخلاقي يعتبره هو قمة المتعة الحياتية .

في كتابه كشف نتنباهو عن أفكاره . وكيف انه ملتزم التزاماً تاماً بتطبيقها ، وينفذها حرفياً . ومن جانبنا ماذا فعل العرب لمواجهة هذه الافكار الإحتلالية التدميرية ، لا بل ماذا فعل الأردن للتصدي لمثل هذه الأفكار التوسعية التي تستهدف الأردن وجودياً !؟ فإستهداف مخيمات الضفة الغربية ما هي الا إرهاصات خطيرة للقادم الآت الذي ينتظر الأردن الحبيب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى