عوض ضيف الله الملاحمة
يشرفني ، ويحزنني في آنٍ معاً ، ان أنقل لكم فيديو الى البروفيسور/ روي كاساجراندا ، يتحدث فيه عن العرب ويصف تاريخهم الذي كان مجيداً ، حيث قال نصاً : [[ ماذا حدث للعرب ؟ انتهى الأمر بالحضارة العربية ان تُقدم لنا الصفر ، وعلم الجبر ، والخوارزميات ، وعلم الفلك كما نعرفه . العرب هُم من اكتشفوا ان جميع الأجسام في الكون تتأثر بالجاذبية قبل نيوتن ب ( ٦٠٠ ) عام . في الواقع الشخص الذي اكتشف ذلك ، إبن الهيثم ، وهو عربي من العراق ، لكنه عمل في القاهرة . هو أيضاً أول من وضع منهج علمي في العالم ، قبل اي اوروبي ب ( ٦٠٠ ) عام . وابتكر قانون كيبلر الأول للحركة قبل كيبلر ب (٥٠٠ ) عام . وهو مكتشف العدسات ، انا معجب به ، بفضله لا أصطدم بالأشياء دائماً . هو أيضاً أول من صنع أول كاميرا في العالم ، الكاميرا المظلمة . وهو من إكتشف إمكانية تحليل الضوء الى الوانه الأصلية ، وأنه ينتقل على شكل موجات ، وان له سرعة محددة . لقد كتب ( ٢٠٠ ) كتاباً أغلبها في الرياضيات . إبن سينا هو مؤسس الطب الحديث ، بفضله نعرف أهمية غسل اليدين ، وقطع سلسلة إنتقال العدوى . العرب اخترعوا الزراعة الحديثة . هُم من اكتشفوا الدورة الزراعية . هم من قدموا لنا صناعة القهوة ، وأثَّروا على لغتنا : السُكر ، شيفره ، الجبر ، ادميرال ، البرقوق ، الذرة ، أدنى نقطة ، … الخ ، كلها كلمات عربية الأصل ]]. إنتهى الإقتباس الحرفي .
القراء الكرام : أنا لم أقل ولا كلمة مما جاء اعلاه . ومن نقلت عنه ليس له علاقة في العرب . كما انه غير مُتحيز للعرب ، لا بل لا يعني له كل العرب شيئاً . لكن الرجل ودّ ان يقول كلمة حق للتاريخ إنصافاً لقومية إنسانية كانت حضارية ، اصبحت ضعيفة ، متهالكة ، تابعة ، والأسوأ من ذلك كله انها أصبحت منبوذة ، ومهمشة بل ومحتقرة .
أود ان أخاطب النظام الرسمي العربي قادة وحكومات ، وأقول الى متى هذه الفُرقة والتشتت !؟ الى متى هذا الخنوع ، والخضوع ، والذلّ ، والعبودية للغرب ؟ التي جلبت لنا كل الدمار ، والإنحدار ، والهوان الذي نحن فيه ؟
أخاطبكم بأسم الشعب العربي كافة — بإستثناء عملائكم وعملاء الغرب — أخاطبكم وأقول لكم : لا نود (( الوحدة )) التي نادى بها أحرار العرب منذ عقود طويلة . إعتبروا اننا تنازلنا عن الوحدة ، ونطالب (( بإتحاد )) بين الأقطار العربية ، إقتداءاً بالاتحاد الأوروبي ، حتى تحتفظوا بكراسيكم ، وتبقون كما انتم قادة وزعماء في أقطاركم .
دول الاتحاد الأوروبي لا يربط بينها أي رابط سوى الجغرافيا . ويختلفون في لغاتهم ، ومذاهبهم ، وأعراقهم ، وأصولهم ، ودمائهم ، وجيناتهم ، وأهدافهم ، واستراتيجياتهم ، وتاريخهم بين بعضهم أسود ، دموي ، معبأ ، ومحتقن بالحقد والكراهية ، والقتل ، والمذابح الدموية . وبينهم حروب إجرامية عديدة منها : حروب الانجلوساكسون ( Anglo- Saxon ) ، وحروب الفايكنغز ( Vikings ) ، والحرب العالمية الأولى ، والحرب العالمية الثانية . تصوروا أن الخسائر البشرية في الحرب العالمية الأولى بلغت ( ٢١ ) مليون قتيل . وبلغت الخسائر البشرية في الحرب العالمية الثانية حوالي ( ٦٠ ) ستين مليون قتيل يمثلون أكثر من ( ٢,٥ ٪ ) من اجمالي سكان اوروبا في ذاك الزمان . وهذا يعني ان اجمالي الخسائر البشرية في الحربين العالميتين الأولى والثانية فقط بلغ ( ٨١,٠٠٠,٠٠٠ ) واحد وثمانين مليون قتيل ، في حربين وقعتا خلال أقل من ( ٣٠ ) عاماً .
بينما ما حصل بين الأقطار العربية كلها لم يتعدى المناوشات ، وسببها مناكفات بين الأنظمة العربية . وسبب هذه المناوشات والصراعات المفتعلة هي صراعات بين الأنظمة على مصالحها ، او انصياعاً لتوجهيات الغرب الذي من اهدافه إضعافنا ، وإرباكنا ، وإلهائنا في بعضنا . أما الشعب العربي فلم يحدث بين مكوناته أي عداء ، او دماء مطلقاً .
تصوروا معي لو يحدث (( إتحاد )) بين الأقطار العربية ، كيف تكون قوتها مجتمعة ؟ ربما يصل عدد افراد الجيش العربي الى ( ٣ ) ملايين جندي ، وأكثر من ( ٢,٠٠٠ ) طائرة مقاتلة ، و( ١,٠٠٠,٠٠٠ ) دبابة . وربما تزيد موازنة الإتحاد العربي عن ( ٤ ) تريليونات ، أي اربعة آلاف مليار دولار . وسوف يسيطر الإتحاد العربي جغرافياً على ( ٣ ) مضائق بحرية ، وعليه يمكننا ( خنق ) التجارة البحرية العالمية . وستكون خارطة أقطار الإتحاد العربي كما ( الصقر ) فارداً جناحية بين قارات العالم . هذا عدا عن كميات النفط المنتجة يومياً والتي تصل الى عشرات ملايين البراميل ، وعدا عن المعادن والثروات الطبيعية والمياة وغيرها .
كل ما تم ذكره أعلاه يضاف له وحدة الدم والجينات ، ووحدة الجغرافيا ، والتاريخ المشترك ، واللغة العربية العظيمة لغة القرآن الكريم ، والمصير المشترك ، والتحديات المشتركة ، ووحدة الأهداف والإستراتيجيات ، وتنوع المناخ الذي يعتبر ثروة لوحدة ، يضاف لها العادات والتقاليد المشتركة وغيرها .
سأكتفي بما قاله البروفيسور الغربي / روي كاساجراندا عن تاريخ العرب وإنجازاتنا العلمية ، ومساهماتنا في تطوير الحضارة الإنسانية ، ولن ازيد على ذلك .
لعنة الله على سايكس وبيكو اللذين قسَّما (( الوطن العربي )) ليصبح (( عالماً عربياً)) ، واللذين أعطيا النظام الرسمي العربي فرصة ليصبح أنظمة متعددة ، وأجلسوهم على كراسي حكم في عدة أقطار ، فتقسمنا وذهبت ريحنا .
سأبقى أحلم بأن نتخلص من ذُلِّنا ، وهواننا وإستعبادنا ، وان نستعيد شيئاً من كرامتنا ، وتاريخنا الذي كان مُشرقاً ، مُشرِّفناً ، وشيئاً من امجادنا الغابرة التي يتغنى بها علماء الغرب — يامن ( غبَّرتم ) واقعنا — حتى نسيناه ، بل وأصبحنا نخجل منه .