أسعار النفط، إلى أين؟ تخبط داخل مجموعة أوبك+

المستشار الاقتصادي الدكتور محمد عبدالستار جرادات

 

أبقت المملكة العربية السعودية على خطتها لتقليص إنتاجها من النفط بشكل كبير خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي أثناء اجتماعات أوبك+ في فيينا، ولم يتعرف بعض الدول الأعضاء على هذا التقليص إلا من خلال المؤتمر الصحفي النهائي. حيث تعتبر المملكة السعودية أكبر منتج في أوبك والدول الأعضاء التي تتمتع بأكبر مرونة لرفع أو خفض الإنتاج، مما يمنحها تأثيرا لا مثيل له على سوق النفط. على الرغم من أن التأثير على أسعار النفط منذ إعلان خططها كان متواضعا حتى الآن. إذ استخدم وزير الطاقة السعودي قوة المفاجأة في إدارة أسواق النفط، حيث تعرضت الأسعار للضغط بسبب المخاوف المتعلقة بضعف الاقتصاد العالمي وأثره على الطلب.

أعلنت المملكة العربية السعودية عن تقليص إنتاجها في يوليو بمقدار 10٪ أو 1 مليون برميل يوميا، إلى 9 ملايين برميل يوميا، وصرحت بإمكانية تمديد قيود الإنتاج بشكل أكبر إذا دعت الحاجة. وفي الوقت نفسه، اتفقت أوبك+ على تمديد القيود حتى عام 2024. وبالإضافة إلى تقليص الإنتاج السعودي، خفضت المنظمة هدفها الإنتاجي الجماعي لعام 2024، كما قامت التسع دول المشاركة بتمديد قيود الإنتاج الطوعية التي تم الاتفاق عليها في شهر أبريل حتى نهاية عام 2024.

من جهة أخرى، حصلت دولة الإمارات العربية المتحدة على حصة إنتاجية أعلى من المستوى الذي طالما كانت تسعى إليه؛ وهي مسألة أثارت التوتر بين المجموعة وأبوظبي، الذي زاد طاقته الإنتاجية. فيما لم تستجب وزارة الطاقة السعودية ومقر أوبك في فيينا لطلبات التعليق. ناهيك عن تصريح السعودية بأن ” هناك فكرة لمزيد من القيود من دول أوبك+”، على الرغم من عدم استمرارها لتصل إلى مناقشات متقدمة في فيينا. ومع ذلك، تمكنت السعودية من إقناع أعضاء آخرين في أوبك+ (الذين لم يتمكنوا من الإنتاج بالمستويات المطلوبة بسبب نقص الاستثمار في القدرة) وعلى وجه الخصوص نيجيريا وأنغولا، بقبول أهداف إنتاجية أقل لعام 2024 بعد اجتماعات طويلة.

وبدوره، صرح وزير الطاقة السعودي في مؤتمر صحفي رسمي بعد الاجتماع، بأن المجموعة تعبت من إعطاء حصص للدول التي لا يمكنها أن تفي بها، وأن روسيا بحاجة إلى الشفافية بشأن مستويات إنتاجها وصادراتها. وأفادت مصادر أخرى داخل أوبك+؛ بأن الأهداف الجديدة لأنغولا ونيجيريا لا تزال أعلى من مستويات إنتاجهما الواقعية، مما يعني أنهما لا تحتاجان إلى قيود حقيقية.

على الرغم من العقوبات الغربية، إلا أن صادرات روسيا استمرت بقوة وتجنبت الحاجة إلى تقليص الإنتاج بشكل أكبر. ولا يزال غير واضح ما إذا كانت السعودية قد ألمحت عن تقليصها الطوعي المحتمل لبعض المسؤولين في روسيا أو المنتجين الأفارقة للمساعدة في إقناعهم بالموافقة على صفقة أوسع.

علاوة على ذلك، أعلنت السعودية عن خفض إضافي أحادي الجانب بمقدار مليون برميل يوميا لشهر يوليو. واتفقت أوبك+ رسميا على الإبقاء على تخفيضات الإنتاج الإلزامية الحالية حتى نهاية العام، والإبقاء على تخفيضات الإنتاج الطوعية الإضافية التي التزم بها بعض الأعضاء في أبريل.

المشكلة الحقيقية بالنسبة للمتداولين هي مقدار النفط الذي يضخه أعضاء أوبك+ والموجود بالفعل في السوق، وليس مقدار النفط الذي تسمح به حصص أوبك+، وتخفيضات الإنتاج الطوعية التي يجب أن تكون موجودة في السوق. وكلما تراكمت التخفيضات الطوعية على قمة الحصص المتفق عليها، كلما أصبح الوضع مربكا للسوق. على سبيل المثال، هناك العديد من دول أوبك لا تنتج ما تسمح به حصصها لأنها تفتقر إلى القدرة على القيام بذلك. كما أنه قد لا يلتزم أعضاء أوبك + الآخرون بإجراء التخفيضات الطوعية التي تعهدوا بها. في حين أن كل من نيجيريا وأنغولا والجزائر والكونغو والعراق تنتج كميات أقل من حصصها المقررة، فإن روسيا ربما تفرط في الإنتاج ولا تلتزم بالخفض الطوعي البالغ 500 ألف برميل يوميا الذي تعهدت به في أبريل.

تسببت التخفيضات الطوعية المفاجئة في زيادة بنسبة 7٪ في أسعار النفط في أبريل، على الرغم من محو هذه المكاسب بعد أسبوعين. حيث ارتفعت أسعار النفط بنسبة 1.9٪ فقط بعد الإعلان، وخسرت تلك المكاسب بحلول يوم الثلاثاء الماضي. فكيف ستؤثر التخفيضات المستمرة للإنتاج في أسعار النفط عالميا؟ وهل سيتربع النفط مجددا على عرش التداولات مع قدوم فصل الشتاء؟

 

حفظ الله الأردن تحت ظل الرعاية الهاشمية الحكيمة من كل مكروه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى