عوض ضيف الله الملاحمة
القراء الكرام ، إسمحوا لي ان يكون مقالي هذا عن موضوع لا يجرؤ الكثيرون على الكتابة عنه سواءً بسبب الخوف ، او المجاملة ، او التغاضي عن قصد ، او الإحجام عن فضح السلطة الفلسطينية بكشف المستور من خياناتها التي لا يمكن حصرها .
أستغرب لماذا لم يتحدث أحد ويلوم السلطة الفلسطينية ، ويخوّنها في الكثير من أفعالها التي تكشف عمالتها ؟ وهنا سوف أسرد ثلاثة أحداث وقعت خلال الأيام القليلة الماضية :—
١ )) الحدث الأول والأخطر : — تم نشره في صحيفة ( رأي اليوم ) ، بعنوان :—
[[ السلطة الفلسطينية تنقذ رقبة إسرائيل مجدداً ، وتُعطِّل لجنة دولية للتحقيق في جرائمها . تفاصيل صادمة وقرارات قلبت الرأي العام . كيف جرى ذلك ؟ وما هو الثمن ؟ ومن المسؤول؟ ]] . وجاء في التفاصيل ما يلي :—
أثارت السلطة الفلسطينية حالة جديدة من الجدل وقلبت الرأي العام الفلسطيني عن دور ( سرّي ) جديد لعبته وأبعدت فيه إسرائيل عن نار المساءلة الدولية ، بعد ان كانت قاب قوسين او أدنى من فتح تحقيقات دولية كبيرة ضد جرائمها التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني على مدار سنوات طويلة . القضية الجديدة التي أثارت جدلاً واسعاً عندما أسقطت السلطة الفلسطينية صلاحية التحقيق من مشروع قرار للأمم المتحدة للتحقيق في الجرائم الإسرائيلية والتي كان من شأنها فضح الإحتلال وممارساته أمام العالم . التقرير الذي نُشر بصورة تفصيلية على موقع ( ميديل إيست ) البريطاني ، ولم يصدر اي نفي من السلطة الفلسطينية حتى الآن . وكشفت ان السلطة منعت إنشاء آلية أُممية للمساعدة في التحقيق بالجرائم الإسرائيلية المرتكبة في الأراضي المحتلة .
تصوروا ايها القراء الكرام ، العالم الحرّ بكامله سعى لتشكيل هذه اللجنة الدولية للتحقيق في جرائم العدو غير المسبوقة في التاريخ الإنساني وإدانته . والسلطة — صاحبة القضية ، والممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين — تنقذ العدو من هذا الإستحقاق الإنساني وتعطل عمل اللجنة . هل هناك اكبر من هكذا خيانة لأعدل قضية في تاريخ البشرية ؟ تصوروا معي لو ان قُطراً عربياً قام بنفس الفعل الخياني للقضية ، لقامت الدنيا ولم تقعد . ولتم تسيير المظاهرات ، والمسيرات ، والإحتجاجات ، وتجريح مواطني ذلك القُطر ، ولتم إتهام المسؤولين والشعب بأجمعة بالخيانة .
٢ )) الحدث الثاني :— قيام مجموعة كبيرة من عناصر منظمة فتح بإعدام شاب فلسطيني بتهمة إنتمائه الى حماس !؟ يعني الإنتماء الى حماس يعتبر تهمة وجريمة تستوجب الإعدام عند منظمة فتح ووجهها القبيح المتمثل في السلطة . حيث تم إقتياد الشاب في الشارع العام بالقرب من احد الجدران ، وهو محاط بالمسلحين ، واحدهم يقول له حرفياً : ( خلي حماس تنفعك ) ، والشاب يُقسم بأغلظ الأيمان ، ويقول مكرراً جملة واحدة حرفياً : (( والله إني ما أنا من حماس )) . وما تقشعر له الأبدان ان الإعدام تم بشكل وحشي ، غوغائي ، دون محاكمة ، وتم إطلاق عدة صليات عجزت عن إحتسابها لكنني أُقدّر انها ربما زادت عن مئة طلقة ، لأنني أعرف ان مخزن بندقية الكلاشينكوف سعته ( ٣٠ ) طلقة ، ويمكن تركيب مخزن بسعة ( ٤٠ ) او ( ٧٥ ) طلقة . كيف يتم إعدام شاب فلسطيني بهذه الوحشية والغوغائية !؟ أليس لديكم قضاء ؟ إذا كان الإنتماء الى حماس يعتبر جريمة بالنسبة للسلطة ، الم يكن من الأفضل على الأقل ان تتم محاكمته !؟ الرئيس ياسر عرفات على عِلّاته كان يعتبر حماس معارضة ويتحجج بها عندما كان يتفاوض مع العدو ، كما انه كان يدعمها مالياً .
٣ )) الحدث الثالث :— فيديو لأحد ضباط جيش العدو يقول فيه نصاً : [[ أنا كنت أَسَكِّر كل طولكرم لحالي وانا في الجيش . بس أقول ممنوع التجول ، بَسَكِّر كل طولكرم . وبلاقيش ولا واحد من أزلام هالسلطة العميلة يطخ عليّ طلق ، ليش ؟ لأنه ببقى منسق معاي ، ولأن إبنه بشتغل معي ، نقطة أول السطر ، هظول بشتغلوا تحت سيادة ( الكندرة ) هاي ، انا كضابط من جيش الدفاع .. الخ ]] . راجياً من القراء الكرام ملاحظة نقطتين هامتين ، وهما : الأولى : ان مسؤول السلطة ينسق معه ، وان إبن مسؤول السلطة يعمل مع ذلك الضابط الصهيوني ، يعني الأب وإبنه عملاء للعدو . والثانية : وصفه ان أزلام السلطة — كما سماهم هو — بأنهم يعملون تحت سيادة ( كندرة ) الضابط الصهيوني .
نعتب كعرب أحرار على النظام الرسمي العربي ، ونعتبره متخاذلاً في مواقفه من القضية الفلسطينية عامة ، ومع الإجرام الذي يحدث في غزة خاصة . وهذا العتب في مكانه ، لكن ماذا نقول عن أفعال السلطة الفلسطينية التي سُميت زوراً وبهتاناً بالوطنية مع انها تماهت مع الأهداف الصهيونية ، وأصبحت ذراعاً خائناً ، خبيثاً لتقويض النضال الفلسطيني في الداخل ، وتمكين العدو من تنفيذ كافة مخططاته الإحتلالية لفلسطين .
منطقياً ، وعقلانياً تجد نفسك أحياناً تستسيغ وتتقبل التخاذل الرسمي العربي عندما تتتبع بعض ما يرشح من مواقف للسلطة والمخفي منها أعظم وأخطر بكثير .
هذه السلطة مفروضة على الشعب الفلسطيني المناضل ، المقاوم ، البطل ، الصابر ، الصامد في الداخل . هذه السلطة التي أتى بها مؤتمر أوسلو الخياني عام ١٩٩٣ ، والذي شرعنته وخططت له ووافقت عليه منظمة التحرير الفلسطينية ، التي عدّلت الميثاق الوطني الفلسطيني لتعترف بالعدو ، قبل ان تحصل على اي مكتسب .
ما فعلته منظمة التحرير الفلسطينية ، يذكرني بقصة بدوي كان راكباً ذلوله في الصحراء ، وكان جائعاً ، فرأى أرنباً برياً يرقد في ظل شجيرة ، فأناخ البدوي ذلوله ، وقام بتكسير ( شداد ) الذلول ( لأبناء الكورنفليكس : الشداد هو ما يشبه سرج الفرس لكنه من خشب ) ، وأشعل النار به ، وهمّ باصطياد الأرنب ، ففرت الأرنب وهربت ، وخسر البدوي الأرنب و( شداد ) ذلوله ، وتلطخ وجهه بخيبته .
لماذا لا تشتعل ، وتشتغل وسائل التواصل الاجتماعي تشهيراً وفضحاً لهكذا خيانات فاقعة !؟