أ.د. عاطف البواب
تابعتُ بشكل حثيث على مدار اليومين السابقين معظم المقابلات التلفزيونية وإعلانات الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي حول قانون ضريبة الأبنية الجديد 2025 المقترَح، وأشدّد وأقول: القانون المقترَح، وأعني أن المجال مازال مفتوحًا أمام الحكومة ومجلس الأمة وقوى الشدّ العكسي وغيرها من الجهات التي تدلي بدلوها في هذا المقام. ولي بعضُ الملاحظات مثل غيري كمواطن مهتم بهذا الشأن، الذي يمسّ كلَّ أردني:
- هل من وضع المقترَح أردني ويعيش في الأردن أم هو أردني بالاسم؟ هل يعي ماذا تعني نسبة 1% من قيمة الأبنية السكنية المقدّرة؟ وكيف سيكون العبء الضريبي على ذوي الدخل المحدود؟
- عند متابعة المقابلات على شاشات التلفاز ورؤية من يوضح القانون بالأمثلة محاولًا إقناعك بأن الضريبة سوف تنخفض على المالكين في بعض الحالات بمعادلات يصعب فهمها على المواطن، يُطرح السؤال: لماذا لا تكون المعادلة أو الطرح أكثر بساطة؟ هذا التعقيد يؤدّي إلى إخراج الموضوع عن الرفض وتشتيت المعارضين له وخصوصًا ظهور بعض المعارضين الذين يتراجعون عن معارضتهم.
- إن النسب في القانون المقترَح واضحة ولا تحتاج إلى التأويل والتفسير. وغير ذلك هو تضليل للمواطن، فالمادة (12) من مشروع القانون تنص على نسب ضريبية سنوية على العقارات، على النحو التالي:
- 1% من القيمة التقديريّة للأبنية السكنيّة.
- 3% من القيمة التقديريّة للأبنية غير السكنيّة.
- 02 من القيمة التقديريّة للأراضي التي تزيد مساحتها عن 1000م².
- 04 من القيمة التقديريّة للأراضي التي تقل عن 1000م².
مثال مبسط وبدون تعقيد منزل مقدر ب 60 ألف دينار ستكون ضريبته 600 دينار.
- ماذا لو أصبح القانون نافذًا وساريًا اعتبارًا من العام القادم؟ فهل يمكن الرجوع عنه؟ أعتقد أن كلّ ما يسري من جباية يصبح حقًّا للدولة على حساب جيب المواطن ولا رجعة عنه، فلم نعهد أن الحكومة فرضت جباية ورجعت عنها حتى لو تقدّم العديد من المعارضين.
- ما هو مصير سوق العقارات الذي يعاني الأمرّين في ظل شح السّيولة مع المواطنين والتي في معظمها أرصدة نقديّة بسيطة لا تتعدّى مكافأة نهاية الخدمة ولا يُعرف ماذا يُفعل بها؟ هل سيتحرك هذا القطاع في ظلِّ هكذا قانون؟ أعتقد أن الجميع سيبقى في حالة انتظار مجهولة المصير.
- كيف سيتخلص المالك من عقاره هذا الذي سيصبح عبئًا إضافيًا عليه علمًا أن شريحة واسعة من المالكين مقترضون من البنوك. وبالتالي، فإن عبء الفوائد وحده جعلهم تحت خط الفقر.
- هل هذا القانون مشجع لجذب المستثمرين من خارج الأردن؟ وحتى المستثمر المحلي هل نعتقد أنه سيقوم باستثمار عقار وتأجيره في ظل ضريبة أبنية مرتفعة هكذا؟
- هل ستكون القيمة التقديريّة من قبل اللجنة أو دائرةِ الأراضي منصفة و منطقية في ظل حالة التضخّم الذي يشهده الأردن والعالم وتُؤخذ في الحسبان؟ أعتقد أن أي سكن شعبي وفي أبسط الأحياء لا يقل عن 30 ألف دينار بمعنى أن ضريبة الأبنية ستُفرَض عليه بقيمة 300 دينار سنوي. بينما كانت ضريبته السّابقة لا تتعدى 20 أو 25 دينار. فهل تعتقد أن مبلغ 300 دينار ستكون متوفرة مع بداية كلّ سنة لذوي الدّخل المحدود؟
- إن الغرامات التي ستُفرَض في حال عدم سداد ضريبة الأبنية في العام المستحق هي بنسبة 10%، وهذا يعني أن المواطن إذا تأخّر عن السداد سنتين مثلًا ستصبح عليه الضريبة مع الغرامات 660 دينار. وهكذا إلى أن يُصبح العقار مُلكَ الحكومة.
- إن الإجابات على الأسئلة أعلاه سهلة وواضحة ولا تخفى على القاصي والداني. وإن نفاذ القانون سيأخذنا إلى تحويل مُلكية الأبنية من المواطن إلى الحكومة. وهذا ما يُسمّى التأميم بطريقة قانونية.
ما عهدناه من الحكومة طرحُ القانون بطريقة مجحفة ومن ثم بعد مدٍّ وجزْر، تُخفَض الضريبة بنسبة بسيطة ويسري القانون ويشربه الجميع بمرارة، والكل يقول: “شيء خف من شيء”. والأمثلة على ذلك كثيرة من سعر كيلو الخبز إلى قانون ضريبة الدخل والمبيعات والرّسوم الجمركية على السيارات مرورًا بتعرفة الكهرباء وقانون السّير والمحروقات والطاقة المتجدّدة وغيرها من القوانين التي حلبت جيبَ المواطن ولم يبقَ إلّا ما يرتديه من لباس. فهل تقبل الحكومة بما يرتديه المواطنُ في حال لم يتوفر معه مبلغ ضريبة الأبنية؟