تحليل لدراسة:  “التعليم ودوره في الحد من العمالة غير الرسمية في الأردن” الصادرة عن منتدى الاستراتيجيات الأردني 

د. عدلي قندح
مقدمة:
تُعد العمالة غير الرسمية من أبرز التحديات التي تواجه سوق العمل الأردني، حيث ترتبط بغياب الحماية الاجتماعية والحقوق العمالية. هذا التقرير يستعرض بالتفصيل منهجية الدراسة، أبرز النتائج، ونقاط القوة والضعف مع توصيات مستندة إلى التجارب الدولية.
أولاً: المنهجية التحليلية المعتمدة
اعتمدت الدراسة منهجية كمية باستخدام بيانات إحصائية من مصادر موثوقة، مثل منظمة العمل الدولية والضمان الاجتماعي الأردني. تشمل المنهجية:
•تحليل مقارن زمني: مقارنة البيانات عبر الفترة من 2017 إلى 2024 لتحديد التغيرات في معدلات العمالة غير الرسمية.
•تجزئة البيانات حسب الفئات: تم تصنيف البيانات حسب الجنس والمستوى التعليمي والمهنة، مما يتيح تحليلًا تفصيليًا.
•الاعتماد على المؤشرات الدولية: مثل أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وخاصة الهدف الثامن المتعلق بالعمل اللائق والنمو الاقتصادي.
تقييم المنهجية:
•الايجابيات: استخدام بيانات رسمية، شمولية الفئات، تطبيق مقارنة زمنية.
•السلبيات: غياب التحليل النوعي (مقابلات أو دراسات حالة)، وعدم تحليل التأثير الإقليمي للسياسات الاقتصادية.
ثانياً: النتائج الرئيسية
1. حجم العمالة غير الرسمية:
•ارتفعت نسبة العمالة غير الرسمية في الأردن من 44.7% عام 2017 إلى 53.2% عام 2022.
•يُشير ذلك إلى تصاعد المشكلة بالرغم من الجهود المبذولة في التوعية وتعزيز الحماية الاجتماعية.
2. توزيع العمالة غير الرسمية حسب المستوى التعليمي:
•تبلغ نسبة العمالة غير الرسمية بين حملة التعليم الأساسي 35.7%، بينما تنخفض إلى 5.4% بين حملة البكالوريوس فما فوق.
•تظهر العلاقة العكسية بين التعليم والعمالة غير الرسمية بشكل واضح، مما يشير إلى أهمية تحسين نوعية التعليم.
3. الفروقات بين الجنسين:
•تبلغ نسبة العمالة غير الرسمية بين الذكور 56.7%، وبين الإناث 33.3%.
•يرتبط هذا التباين بطبيعة الأعمال التي تميل الإناث إلى العمل فيها مثل التعليم والرعاية، والتي تتمتع بتنظيم أكبر مقارنة بأعمال الذكور في قطاع البناء والزراعة.
4. القطاعات الأكثر تأثراً:
•الزراعة: 70% من العاملين غير رسميين.
•البناء: 55% من العاملين غير رسميين.
•الخدمات: 50% غير رسميين، خاصةً في قطاع الخدمات المنزلية.
ثالثاً: نقاط قوة وضعف في الدراسة
أ. نقاط القوة:
1.شمولية البيانات: استخدام مصادر رسمية مثل منظمة العمل الدولية والضمان الاجتماعي.
2.التفصيل الديموغرافي: تحليل البيانات حسب المستوى التعليمي والجنس والقطاع.
3.التحليل المقارن: مقارنة إحصائية على مدار سنوات متعددة (2017-2024).
4.ربط البيانات بالسياسات: تم ربط النتائج بأهداف التنمية المستدامة.
ب. نقاط الضعف:
1.عدم التعمق في الأسباب الجذرية: التقرير لم يحلل بشكل كاف تأثير السياسات الاقتصادية مثل قوانين العمل والضرائب.
2.غياب التحليل النوعي: لم يتم تضمين دراسات ميدانية أو مقابلات شخصية.
3.نقص في تحديث البيانات: التقرير يستخدم بيانات حتى عام 2022 فقط، وهو ما قد لا يعكس الواقع الحالي.
4.غياب تحليل السياسات المقارنة: لم تتم مقارنة التشريعات الأردنية مع دول أخرى ذات تجارب ناجحة.
رابعاً: توصيات عملية مستندة للتجارب الدولية
1. تحسين جودة التعليم والتدريب الفني (تجربة فنلندا وألمانيا):
•إعادة هيكلة المناهج التعليمية لتشمل مهارات سوق العمل والذكاء الاصطناعي.
•تعزيز برامج التدريب المهني والشراكة مع القطاع الخاص، كما في نموذج التعليم المزدوج الألماني.
2. تعزيز سياسات الحماية الاجتماعية (تجربة السويد):
•توسيع تغطية الضمان الاجتماعي ليشمل العمالة غير الرسمية عبر آليات ميسرة للتسجيل.
•تقديم دعم مالي مشروط بالتدريب والتأهيل للانتقال من العمل غير الرسمي إلى الرسمي.
3. تحفيز الانتقال للقطاع الرسمي (تجربة تشيلي والمغرب):
•تقديم حوافز ضريبية لأصحاب العمل الذين يسجلون العمالة رسميًا.
•تبسيط إجراءات تسجيل الأعمال الصغيرة.
4. تفعيل الرقابة القانونية:
•تطوير آليات رقابية فعالة، مثل التفتيش الدوري على أماكن العمل.
•تفعيل العقوبات على أصحاب العمل غير الملتزمين بتسجيل العاملين رسميًا.
5. التوعية والتثقيف المجتمعي:
•إطلاق حملات توعوية حول مخاطر العمالة غير الرسمية وأهمية الضمان الاجتماعي.
•إدراج التوعية المالية ضمن المناهج الدراسية.
الخلاصة:
رغم أن الدراسة قدمت تحليلًا شاملاً للعمالة غير الرسمية في الأردن وارتباطها بالتعليم، إلا أنها بحاجة إلى تطوير منهجيته عبر دمج دراسات نوعية وتحليل أعمق للسياسات التشريعية. التوصيات المقترحة، المستوحاة من التجارب الدولية، يمكن أن تسهم في الحد من العمالة غير الرسمية وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأردن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى