أقلام و آراء

13 رمضان/ 13 آذار …نستذكر فيه الفتح العمري والمناسبات الفلسطينية

عبدالله توفيق كنعان
أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

يأتي شهر رمضان المبارك هذا العام من ناحية التوقيت والتقويم متزامناً مع بداية شهر آذار، لتجتمع في اليوم الواحد من الشهرين الهجري والميلادي العديد من المناسبات والأحداث ، والتي يتصل بعضها بالتاريخ والثقافة والحياة في القدس وفلسطين، والوقوف على مضامين بعض هذه الاحداث والمناسبات أمر مهم، نستخلص من خلاله الدروس والعبر ونستعين به في اعداد الشباب والأمة كلها، ونعد أنفسنا لمواجهة التحديات والمخاطر وفي مقدمتها الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين المحتلة.
وهنا نستذكر في الثالث عشر من رمضان سنة 15هـ( 18 إكتوبر 636م)، وصول الخليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى فلسطين وفتح بيت المقدس، حيث كانت العُهدة العمرية والتي أعطى فيها للمسيحيين في القدس الأمان على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم، فكانت وما تزال هذه الوثيقة من أرفع دساتير حقوق الانسان وحريات العبادة في التاريخ، وهذا أمر متصل بعقيدة وثقافة ونهج الاسلام الذي أنطلقت من فهمه بُنية الوثيقة وعباراتها، باعتباره ينشر فكر الحرية والتسامح والعيش المشترك على أساس الحقوق والعدالة، وقد سبقت هذه الوثيقة التاريخية برسالتها ومضامينها السلمية ما عرف لاحقاً بالوضع التاريخي القائم( الاستاتيسكو)، وعلى نهج رسالة هذه العهدة العمرية استمرت الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس في رعاية الاوقاف والمقدسات المسيحية.
ولاشك أن مجرد رصد ما يجري من اعتداءات وانتهاكات اسرائيلية في فلسطين المحتلة من قتل وتهجير وأسر ومصادرة للمتلكات وتدمير واغلاق للمؤسسات الاجتماعية والصحية والاقتصادية، يكشف للرأي العام العالمي والمنظمات الشرعية الدولية عن الحجم الكبير لبشاعة وانتهاكات الاحتلال ضد الانسان وحقوقه المشروعة بالحرية والعبادة، هذه الانتهاكات الوحشية المستمرة حتى اليوم في غزة ومدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية لم تمنعها وتردعها المطالبات والقرارات الدولية بما فيها الصادرة في شهر آذار، ومن ذلك قرار لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة بتاريخ 4 آذار 1969م الذي أعلن عن أسفه لما يجري من انتهاكات اسرائيلية مستمرة لحقوق الانسان في الاراضي المحتلة، لكنه اسف لم يصل إلى حد فرض العقوبات الرادعة على تدمير اسرائيل اكثر من 500 قرية فلسطينية عام 1948م وقتل الالاف وتهجير ملايين الفلسطينيين في العالم، بعد ذلك التاريخ ولازالت تمارس هذه الاعتداءات حتى اليوم.
ويحمل يوم 13 آذار أيضاً فعاليات ومناسبات فلسطينية منها يوم الجريح الفلسطيني ، الذي أعلن عنه عام 1968م، حيث جاء القرار بعد إنشاء “مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى” عام 1965م، ليكون مناسبة تذكر العالم ببشاعة الاحتلال وتلفت نظر المؤسسات الدولية باهمية رعاية الجرحى، خاصة أن ارتفاع عدد الجرحى الفلسطينيين عبر عقود متواصلة من النضال ضد الاحتلال الاسرائيلي وما يتعرضون له من تضييق اسرائيلي ومنع علاجهم وتنقلهم بين مستشفيات الضفة الغربية وقطاع غزة ، يجعل لهذه الفئة الشجاعة رمزية في الصمود والرباط الفلسطيني، وكثيراً ما تعرض المصابون الى الخطف من داخل المستشفيات .
كما يصادف يوم 13 آذار يوم الثقافة الفلسطيني وهو أيضا يوم ميلاد الشاعر الراحل محمود درويش، والذي تقرر من أجل استذكار أعمدة ورواد الثقافة الفلسطينية، وللحفاظ على الهوية الثقافية الفلسطينية، وتقدم فيه جائزة باسم درويش لثلاثة مبدعين من فلسطين والعالم، والثقافة الفلسطينية بما فيها ثقافة وتاريخ القدس لها رمزيتها كهوية فلسطينية راسخة وثقافة وعي ونضال ضد الاحتلال، من هنا يسعى الاحتلال بكافة السبل والوسائل الى محوها ومحاربتها واغلاق مؤسساتها ، والعمل على تهويدها وعبرنتها .
ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وهي تستذكر بعض وقائع ومناسبات يوم الثالث عشر من شهري رمضان وآذار، تؤكد أن الذاكرة التاريخية والثقافية الفلسطينية والمقدسية تحمل رسالة محبة وتسامح وحرية ووعي وصمود ضد الاحتلال، الأمر الذي يعزز اليقين والثقة بأن حضارة العروبة والاسلام وارثها الغني بالقيم والمثل العليا لها قدرة وقوة الانتصار على وحشية الاحتلال وهمجيته القائمة على التزييف والتضييق.
وتبين اللجنة الملكية لشؤون القدس أن رمضان الصمود والصبر على ظلم الاحتلال والاستعمار، يحمل الأمل بالحرية التي ترفع شعلتها الاجيال المتمسكة بحقها وتاريخها وثقافتها، وسيبقى أردن رسالة عمّان للتسامح والاخوة الانسانية القائمة على التمسك بالحقوق العادلة، الداعم لاهلنا في فلسطين والقدس في كافة المجالات، وسيبقى الاردن شعباً وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس السند لاهلنا في فلسطين والقدس مهما كانت التحديات وبلغت التضحيات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى