الدكتور معين القرالة يرثي أستاذة الدكتور أحمد الزعبي
الدكتور معين القرالة يرثي أستاذة الدكتور أحمد الزعبي :
أوقن يا دكتور أحمد يقين الفرزدق أن ( لن يُرجعَ الموتى حنينُ المآتمِ) ولكني سأكتب عن موتك الذي لم يكن عذبا كما كان عند أبي فراس، ولا شهيا كما عند التهامي، وابن الخياط. ولا عسّالا كما عند الصابئ، والشريف الرضي.
وأكتب مستذكرا مساءات سنين قضيناها بصحبتك نتعلل بنسائم مرود ومؤتة والمزار، وتخونني المطالع( لعمرك إنّ الموت ما أخطأ الفتى ) فحين يكون الحضور لغياهب القبور التي أخذت من دهرنا الأدبي ساعات طوال، تتساقط الحروف مني تساقط أبناء زهير ابن أبي سلمى أمام عينيه .
أكتب لك وأنت اليوم منّا، كبسطام بن قيس من الفرزدق، ومالك بن نويرة من أخيه متمّم، ووائل بن ربيعة من أخيه عَديّ، وصخر السُّلَمي من الخنساء. أكتب من المطالع ما قال زهير :
إنَّ الرزيةَ لا رزيّة مثلها
وما تبتغي غطفان يوم أضلَّتِ
فحين وقفنا اليوم عليك في مستشفى الكرك، وأنت تذبل كالياسمين بعد نضارته عند (كشاجم) رغم أنك كنت (تورق في الضحى) وفي اللظى، ووجهك يشع نورا بطاعة ربك كما شهد لك على مواقع التواصل كل من عرفوك. عجبتُ عجب طرفة، ونحن نردد معا ذات يوم :
من لم يزل متعجبا من حادثٍ
تأتي به الأيام طال تعجّبُه
المرء يطلب والمنيّة تطلبه
ويد الزمان تديره وتقلِّبه
أكتب لك فقيدا للكرك قبل إربد، فقيد قراها ومدارسها معلما ذات زمن، ولجامعتها سنوات طوال. وقد رحلت عنها هذا اليوم (كرحيل المرقّش من أرض العراق) في عيني طرفة: سراعا رواحله.
أكتب لأستاذي بوجد المرقّش على أسماء، حين تذكرت ما خطت يداه على أوراقي وأبحاثي ومسودات رسالتيّ في الماجستير والدكتوراة، وعن وداعته في الحديث، وعن وجهه البشوش، ودماثة خلقه .
وأكتب مستشهدا أيضا بوعي ليلى الأخيلية:
لعمرك ما بالموت عارٌ على الفتى
إذا لم تصبه في الحياة المعاير
لن يرجع الموتى يا دكتور أحمد حنين المآتم، ووددت أن أطيل عليك الحنين، ولكني سأختم بحنين الحكمي :
لئن أوحشت ممن نحب منازلٌ
لقد أنست بمن أحب المقابرُ.
وأخيرا، أكتب :
رحم الله الدكتور أحمد صالح الزعبي وتقبّله في الصالحين .
د. معين القرالة