نصير يكتب : صرعة رفع الحد الأدنى للأجور حديث غير مسؤول وهروب من المسؤوليه

 

بقلم الدكتور خلدون نصير

مع تفاقم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الأردن، خاصةً في ظل التبعات المستمرة لجائحة كورونا وتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى الصراعات في غزة ولبنان، تسعى الحكومة الأردنية إلى اتخاذ قرارات قد تبدو للوهلة الأولى في صالح العمال، من بينها قرار رفع الحد الأدنى للأجور.

وعلى الرغم من أن تحسين أجور العمال قد يهدف إلى رفع مستوى المعيشة، إلا أن هذا القرار يحمل في طياته تحديات وسلبيات قد تؤثر بشكل عكسي على الاقتصاد الوطني، وخاصةً القطاع الخاص.
من أبرز السلبيات لهذا القرار فأوجزها بما يلي

اولا : زيادة الأعباء المالية على الشركات: قرار رفع الحد الأدنى للأجور سيترتب عليه زيادة في تكاليف التشغيل لدى الشركات، مما سيضغط على ميزانياتها، خاصةً في القطاعات التي تعتمد على العمالة المكثفة. قد يؤدي ذلك إلى اضطرار بعض الشركات إلى تسريح جزء من موظفيها أو تقليص حجم نشاطها.

ثانيا: ارتفاع نفقات الضمان الاجتماعي: زيادة الأجور تعني أيضًا زيادة المبالغ الموردة للضمان الاجتماعي، مما يزيد العبء على الشركات التي قد تلجأ إلى التحايل على الأنظمة بعدم تسجيل الموظفين في الضمان الاجتماعي، مما يفقدهم حقوقهم القانونية.

ثالثا: زيادة البطالة: في ظل الضغوط المتزايدة، قد تتردد العديد من الشركات في تعيين موظفين جدد، مما يؤدي إلى تزايد معدلات البطالة. علاوة على ذلك، قد تلجأ بعض الشركات إلى تجميد التوظيف أو استبدال العمالة البشرية بالتكنولوجيا لتخفيض التكاليف.

رابعا : التأثير السلبي على الأسعار: إذا اضطرت الشركات لتحمل تكاليف إضافية، فقد تعمد إلى نقل هذه التكاليف إلى المستهلكين عن طريق رفع الأسعار، مما يزيد من العبء على المواطنين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها.

وعلى الحكومة او تقوم بايجاد حلول بديلة اذا كانت فعلا همها المواطن وفي جعبتها الكثير من الحلول اذا صدقت نواياه وترغب جادة في مساعدة العمالة الاردنية والتخفيف من آثار البطالة لا زيادتها ومنها

 

اولا : تخفيض الضرائب على المواد الأساسية والمحروقات: يمكن للحكومة تخفيف العبء الاقتصادي على المواطنين والشركات من خلال تخفيض الضرائب على المواد الاستهلاكية الأساسية والمحروقات، مما يساعد في تخفيض تكاليف المعيشة وتقليل الضغوط المالية على الجميع.

ثانيا : تحفيز الشركات الصغيرة والمتوسطة: ينبغي على الحكومة توجيه الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال تقديم إعفاءات ضريبية أو توفير تسهيلات مالية، مما سيمكنها من تحمل زيادة الأجور دون التأثير على قدرتها على التوظيف أو الاستمرار في النشاط الاقتصادي.

ثالثا : تشجيع الاستثمار في القطاعات الإنتاجية: من الضروري وضع سياسات تحفز الاستثمار في القطاعات الإنتاجية التي تخلق فرص عمل مستدامة. تشجيع الابتكار والتكنولوجيا، ودعم الصناعات التي تعتمد على الموارد المحلية يمكن أن يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي بشكل مستدام.

رابعا: المرونة في تطبيق القرار: يمكن للحكومة أن تتبنى نهجًا أكثر مرونة في تطبيق زيادة الحد الأدنى للأجور، من خلال مراحل تدريجية أو مراعاة التفاوت بين القطاعات الاقتصادية المختلفة. ذلك سيساعد في تقليل الصدمة الاقتصادية على الشركات والمستهلكين على حد سواء.

 

في الختام، ورغم أن رفع الحد الأدنى للأجور قد يبدو قرارًا نبيلًا يستهدف تحسين مستوى معيشة العمال، إلا أن تأثيره على الاقتصاد الوطني والقطاع الخاص يتطلب دراسة متأنية. التوازن بين تحسين الأجور وتخفيف الأعباء على الشركات والمواطنين من خلال سياسات متوازنة هو المفتاح لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى