حين يكون العيد باهتاً…!
د. مفضي المومني.
2024/6/16
يطل عيد الأضحى… ومواسم الطاعات… ومن غنم فريضة الحج.. من استاطاع.. ومن حاول بالتأشيرة السياحية… ونظل نبحث عن الفرح… في زمن التعاسة… مرة بجمعة للاحبة… ومرة بتقرب إلى الله ومرة باصطناع الفرح… ومرات لاننا نحب الحياة… ولا نأخذ كل هذا على محمل الجد… على رأي حجاتنا(حياة وبدنا نعيشها)..!
رغم تراجيديا ومتلازمة الحرب والموت…وضنك العيش.. نقترف تقاليد العيد… كل عام وأنتم بخير… بداية لأهل غزة… وأهل فلسطين… وأهلنا في اردن الخير…وتقبل الله الشهداء… وشافى وعافى المصابين… وتقبل الله الطاعات للجميع .
هذا العيد مختلف…كما كان عيد الفطر… رغم أنها أعياد المسلمين …. ولكن؛ في هذا العيد تختلط المشاعر… فأجزم أننا نعيد على استحياء…! نقترف الفرح ولا نحسه…! ويحجبه ويواريه أرواح قوافل الشهداء على ثرى غزة وفلسطين… ودموع الأطفال والأمهات والشيوخ… وهول الفقد والموت والدمار…وعاصفة من الخذلان والتآمر والهوان… من أولي القربى… وفي الأفق إيماننا بالله الذي لا تزعزعه كل قوي الشر… نستحضر بارقة النصر الموعود من رب العالمين… فوعده اكبر من كل وعود المارقين والمتخاذلين… والمتآمرين على عروبتنا وفلسطيننا وغزتنا…وأمتنا…! وما النصر إلا صبر ساعة… والله غالب على أمره…
الأسواق راكده وباهتة… والمشتريات للوازم العيد في ادنى حالاتها… الأجواء العامة لا تشي بالفرح… فالقلوب متعبة ومنهكة وحزينة لأخبار الموت اليومي لأهلنا في غزة… وعزائهم أنهم آمنوا بقضيتهم… والشهادة لديهم غاية المنى… قبل أو بعد النصر لا فرق..!
إضافة لذلك… الجيوب خاوية… والرواتب لم تنزل ولم تتفضل البنوك بتأجيل اقساطها على غلابا الرواتب الخاوية… فاختلط الحابل بالنابل… واختار الناس أن يمرروا العيد كيفما اتفق… وعلى قد الحال..!
والاردن رغم جحود الحاقدين يبقى حالة متقدمة كانت وما زالت في مساندة الأهل في فلسطين وغزة العز بكل الطاقات الممكنة … ومحاولاتهم الدائمة للطعن في مواقف الاردنيين… ولا نلتفت لهذا… فنحن أخوة دم وعقيدة… ووجع فلسطين وجعنا.. فعلاً لا قولاً… وواجب يسكن قلوب صغارنا وكبارنا.
نعم نعيد على استحياء… ولا نظهر الفرح… حتى الصغار يدركون هذا… فوجع أهل غزة وفلسطين وجعنا جميعاً… .
لكم الله يا اهل غزة… والخزي والعار للعدو وكل من يسانده… وهو يمتهن القتل والتدمير منذ فرض علينا بالوعد المشؤوم على فلسطين، ونقول لهذا العدو المتغطرس ربيب قوى الإستعمار… لا يغرنكم تفوقكم العسكري ولا دعم قوى الإستعمار…ولا تخاذل المتخاذلين والمتآمرين من أبناء جلدتنا…! فمشيئة الله ودورة الحضارة غرست في شعوبنا حتمية النصر… وهو وعد الله لعباده المؤمنين… . تنام الشعوب وتضعف… وتهون… لكنها لا تموت.
ورغم كل ما حصل… من موت وتدمير… سنبقى نتشبث بالحياة وروح النصر… بإيمان مطلق… فدولة الباطل ساعة… ودولة الحق إلى قيام الساعة..!
نفرح على استحياء… ولكننا نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا… :
وَنَحْنُ نُحِبُّ الحَيَاةَ إذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلاَ
وَنَرْقُصُ بَيْنَ شَهِيدْينِ نَرْفَعُ مِئْذَنَةً لِلْبَنَفْسَجِ بَيْنَهُمَا أَوْ
نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلاَ
وَنَسْرِقُ مِنْ دُودَةِ القَزِّ خَيْطاً لِنَبْنِي سَمَاءً لَنَا وَنُسَيِّجَ هَذَا الرَّحِيلاَ
وَنَفْتَحُ بَابَ الحَدِيقَةِ كَيْ يَخْرُجَ اليَاسَمِينُ إِلَى الطُّرُقَاتِ نَهَاراً جَمِيلاَ
نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلاَ
وَنَزْرَعُ حَيْثُ أَقمْنَا نَبَاتاً سَريعَ النُّمُوِّ , وَنَحْصدْ حَيْثُ أَقَمْنَا قَتِيلاَ
وَنَنْفُخُ فِي النَّايِ لَوْنَ البَعِيدِ البَعِيدِ , وَنَرْسُمُ فَوْقَ تُرابِ المَمَرَّ صَهِيلاَ
وَنَكْتُبُ أَسْمَاءَنَا حَجَراً ’ أَيُّهَا البَرْقُ أَوْضِحْ لَنَا اللَّيْلَ ’ أَوْضِحْ قَلِيلاَ
نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلا… محمود درويش
سنمضي بعيدنا… ونقترف طقوسه… نزور العنايا… ونمرر العيدية… وهي شحيحة عند الغالبية هذه الأيام… نضحي… وربما جهزنا بعض الحلوى… ولكن ثقوا يا أهلنا في فلسطين… أن بنا مثل ما بكم… وأن العهد ذات العهد… فنحن شعوب تحب الحياة… وكما قال ابو القاسم الشابي:
إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ
فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ
ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي
ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ
ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ
تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ
فويلٌ لمَنْ لم تَشُقْهُ الحياةُ
من صَفْعَةِ العَدَمِ المنتصرْ
نعم… صفعة العدم المنتصر… العدو الصهيوني تداهمنا منذ النكبة… اشقتنا….ولكن الأمل بالله وجنوده بيننا بأن يستجيب القدر… وما ذلك على الله ببعيد.
حمى الله غزة وفلسطين… حمي الله الاردن.