الرياضة ..أشرف وأطهر من .. السياسة

 

عوض ضيف الله الملاحمه

إنسجاماً مع نفسي ، وبناءاً على نهج قلمي العقلاني ، الذي تأتي كلماته ( نخطاً ) من رأسي منفرداً دون الإلتفات لآراء الغير ودون الخضوع لأي تلميح من اي طرف كان وددت ان اتطرق لما حدث في مسيرات الأيام الماضية دون محاباة او مجاملة لأحد .

صدق من وصف السياسة بأنها مهنة اللاأخلاق . واللاأخلاقية تعني غياب او عدم مبالاة او تجاهل للأخلاق . كما ان الأحزاب الممتدة المتصفة بالعالمية او التي اجندتها بعيدة في اهدافها عن الوطنية والقومية هي احزاب اجندتها خارجية وتكون غاياتها خارجية ، تأتيها الأوامر وتُرسم سياساتها خارج القطر وخارج حدود الوطن العربي هي أحزاب يستحيل ان تكون اجنداتها واهدافها وطنية او قومية .

شارعنا الأردني تتمازج وتتماهى فيه الوطنية والقومية وهما نهجان متسقان لا يتعارضان . لان الفكر القومي هو حاضن للفكر الوطني او القُطري .

مع ان المظاهرات والمسيرات والوقفات الاحتجاجية لم تتوقف في كافة مدن الوطن منذ السابع من اكتوبر الذي صنعت فيه المقاومة الفلسطينية تاريخاً مجيداً ، تليداً رفع جباه كل شرفاء العرب الذين تلطخت جباههم بوحل الذل ، والخيانة ، وخذلان قضية العرب المركزية لما يزيد عن ( ٧٥ ) عاماً . الا ان ما حدث في العاصمة عمّان خلال الايام القليلة الماضية أذهل كل المهتمين والمتابعين ، لما حدث فيها من نَفَسٍ تحريضي وتصعيدي ، لا يريد الخير للوطن ولا للقضية . هدفه تدميري للوطن برمته ، وبذر بذور فتنة وطنية نائمة ، لعن الله من أيقظها .

في الايام الماضية إعتراني القلق على وطني ، لان من غير العسير إستنتاج الاهداف غير البريئة من بعض الهتافات ، كما بعض السلوكيات غير الاخلاقية التي لم يعهدها شارعنا أبداً . فلماذاً التلفظ بألفاظ بذيئة على رجال الأمن الذين يحرسونكم لتنفيذ وقفتكم بسلامة وأمان !؟ وهل عَهِد شارعنا المعارض يوماً ان ترتقي فتاة أكتاف شابٍ وتطلق العنان لألفاظ خادشة للحياء ؟ وكيف تقبل النساء ان تتقدم الرجال وتفتعل إشتباكاً مع رجال الأمن في المسيرة لتحقيق هدفٍ خبيث ؟ وهل من المنطق ان يقول احد المتظاهرين المندسين موجهاً كلامه للشرطة : جبان .. جبناء .. أنت والصهيوني واحد !؟ هل يُعقل او يُقبل ان يتم تشبيه الشرطي الأردني بالصهيوني المُحتل القذر !؟

إشتعل غضب بعض الأشخاص الذين لهم إرتباطات مع جهات خارجية لا تريد الخير للاردن وتخطط بخبث لنشر الفوضى في الأردن ، وحاولوا إشعال الشارع الأردني إستجابة للتحريض الذي اطلقه السيد / خالد مشعل ، والذي كان يهدف منه زعزعة إستقرار الأردن وبث الفوضى فيه . لا أدري لماذا ؟ وما الهدف من بيانه ؟ وهل بيانه يخدم القضية الفلسطينية ؟ حدث هذا مباشرة بعد زيارة السيد / إسماعيل هنية الى إيران . وهذا يزيح الغمامة وعدم الوضوح وإزالة اللُّبس عن الغاية والهدف غير البريء ، الذي لا يخدم قضيتنا المركزية .

الأردن بكُليّته ، وقضه وقضيضه مع القضية . والأردن الشعبي يفتخر بالسابع من اكتوبر وبما سطرت المقاومة الفلسطينية في غزة . والأردن الشعبي مع المقاومة في غزة ، ويدعمها معنوياً ومادياً بتقديم مساعدات بمبادرات عشائرية او مناطقية على محدوديتها . والاردن الرسمي صحيح ان لديه أوراقاً لم يستخدمها — وقد ذكرت ذلك بالتفصيل في مقالات سابقة — لكنه قدّم الممكن الى حد ما ، مقارنة مع تخاذل النظام الرسمي العربي .

ما أثلج صدري — وعلى غير العادة — هتافات مشجعي فريقي الوحدات والفيصلي ، في مباراتهما الأخيرة ، حيث صدحت جماهير الفريقين بهتاف واحد وحيد : بالروح ، بالدم نفديكِ يا غزة .. وتحية أردنية لعيون الغزاوية .

فالتحيا الرياضية التي ترتقي بالفكر والسلوك الإنساني النبيل وتحث على الوحدة الوطنية وتركزها وتعززها . ولعنة الله على السياسة والسياسيين الخبثاء الذين يفرقون ولا يجمعون .واذا استمرت المدرجات الرياضية بهذا العزف الوطني الجميل ، بهذا تكون الرياضة أطهر وأشرف وارقى من السياسة .
نعم صدحت وهتفت جماهير الفريقين بهتافات وكانهم صوت رجل واحد تأييداً للاشقاء في غزة خلال لقاء قمة الدوري الأردني . تحيا الرياضة نبيلة الأهداف ، وتسقط السياسة القذرة الأهداف والأدوات والغايات .

من وجهة نظر منطقية وعقلانية يعتبر الأردن الرسمي قد قدم شيئاً ولو يسيراً للأشقاء في غزة ، مقارنة بخذلان النظام الرسمي العربي . واستمراراً في التفكير المنطقي ليس للأردن القدرة على مواجهة العدو منفرداً الا بدعم لوجستي عربي غير محدود . كما انه ليس بمقدور الأردن فتح الجبهة مع العدو ايضاً لان فيها تدمير للأردن دون تحقيق اية ايجابيات للقضية الفلسطينية .

سلامة جبهتنا الداخلية وتماسكها يعتبر سنداً للأشقاء الفلسطينيين وقضيتهم ، راجياً من كل أردني حر شريف ان يحافظ على سلامتها وصحتها وإبعادها عن اي خلل ينفذ منه كل مغرضٍ من الداخل اوالخارج .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى