جمالية اللغة العربية

الصحفي محمدخير بشتاوي

تحتل اللغة العربية مكانة مهمة في حياة الشعوب والمجتمعات وسيلة مهمة للتواصل والتفاهم بين الناس، وهي إحدى أهم اللغات، ويعود ذلك إلى أهمية اللغة العربية ومكانتها عند العرب والمسلمين عموماً، والحفاظ على أصالتها ونقائها وتميزها، وهي هوية العرب، التي اصطفاها وميزها الله عز وجل، لتكون لغة نشر الدعوة، وهي لغة الدعاء والتضرع إلى الله.
وتحظى اللغة العربية بأهمية كبيرة لما يتوافر فيها من مميزات وخصائص وقواعد دقيقة جعلتها في مصاف اللغات المميزة ولقدرتها الخارقة على الأصالة والرصانة والأسلوب، إضافة إلى غنى معجمها اللغوي وما فيه من ثراء ثقافي.
واللغة العربية تضم رصيداً ضخماً من المفردات ما يجعلها قادرة على استيعاب جميع الموضوعات والعلوم والقضايا المختلفة، وهي من أكثر اللغات القادرة على الاستفادة من ثورة الذكاء الاصطناعي الذي يقوم على توظيف الخوارزميات الرياضية في التفكير وإنتاج المحتوى الجديد والمزج بين اللغة العربية وعلم الرياضيات والمنطق وسحر كلماتها وعذوبتها لنتبين عظم هذه اللغة وعبقريتها.
ويكمن جمال اللغة العربية في تفردها، فهي لغة القرآن الكريم، ولغة الهوية الإسلامية، واكتسبت الجمال والإبداع من جمال حروفها عندما تنطق وتسمع وتكتب، وعندما تتحرك بها الألسن تتجلى فيها البلاغة والفصاحة والصور البديعية، والكثير من المعاني، وهذا ما يتميز به القرآن الكريم.
ويظهر جمالها في الشعر، والنثر، والخطابة، والقصة، والرواية، وفي النحو، والصرف، و هي لغة مرنة تعايشت مع كل الأزمان ومختلف الأجناس، ومن جمالها أيضا أن المرء يستطيع أن يعبر عما بداخله بشكل صريح ومباشر أو بالتلميح.
ومن مظاهر جمالها إنها وحدة متكاملة ومترابطة، تتكون من عدة فروع، وكل فرع متصل بالآخر مثل النحو، والصرف والمفردات والأصوات وغيرها، ضمن مبادئ لصياغة اللغة وتكوين الجمل والفقرات، ينتج عنها دقة في النطق والكتابة والفهم.

من جمال اللغة العربية، إنها لغة عامرة بالمحسنات والأساليب البلاغية المتنوعة، مثل البديع وجمال اللفظ والمعنى، والمحسنات اللفظية، والمحسنات المعنوية، وهي زاخرة بالكثير من الألفاظ والمعاني، وكذلك مرونتها وقابليتها للتطويع في الكثير من أشكال الفنون الشعرية والنثرية والأدبية، وبالتالي أصبحت لغة خفيفة على السمع وسهلة النطق على اللسان، وقابلة للتطور ومواكبة التغيرات.
وتُعد اللغة العربية من اللغات الجميلة والعظيمة في العالم، ويُعزى ذلك الى تنوع المفردات، والدقة والوضوح، وروعة بنية اللغة , وجمالية الصوت، والتعبير عن الإحساس والعاطفة بطريقةٍ مباشرة وصريحة، مما يجعلها لغة رومانسية وجذابة.
وهي من أجمل اللغات في العالم، لتميزها ببنائها الفريد وسحرها، فهي لغة زاخرة بالكثير من المعاني، البعيدة عن التنافر والركاكة لجمالية تركيباتها وتناغم أصواتها وألفاظها، ومعاني كلماتها الغنية والمتعددة، ونظام الاعراب الدقيق مما يجعلها لغةً فعالة وسلسة في التعبير عن المعاني والأفكار، والتصوير اللغوي.
وتعد من أغنى اللغات على مستوى المفردات، إذ تحتوي على كلمات تشتق من جذور مختلفة، ما يجعلها قادرةً على التعبير عن مفاهيمٍ وأفكارٍ مختلفة، بأسلوبٍ لغويٍ جميل ومبهر، إضافةً الى تمتعها بجماليةٍ فريدة في تصميم حروفها وشكلها، وخاصةً في الخط العربي المُميز.
ومن جمال اللغة العربية وتميُّزها مواكبة التطور الحضاري، ومناسبة حروفها لمعانيها، فالحرف العربي يملك مخزوناً تعبيرياً ثرياً وهو ذو دلالة ومعنى، فكل صوت يدل على غرضٍ واللفظةُ فيها مزيج من الأحرف الموحية، ذات الإيقاع، وهي متجدِّدة وقادرة على مواءمة ما يستجد في حياة البشر ، والإبانة والظهور، وهذا لا يتأتى إلا عبر تقنيات تمتلكها اللغة، التي تنطق ثمانية وعشرين صوتاً بمخارج مختلفة، متباينة، فلكل حرف مخرج مستقل فلا يتزاحم حرفان في مخرج واحد، فليس هناك مخرج صوتي ناقص في حروفها فكل واحد يظهر من مخرجه ليصل إلى مسامع المتلقين بشكل دقيق وواضح.
إن خلود اللغة العربية واستمرارها يدعونا إلى التفكر والتأمل في تفاصيل هذه اللغة، التي اختارها الله سبحانه وتعالى لتكون ناطقة بكتابه المبين، ومعجزة لخاتم أنبيائه ورسله محمد -صلى الله عليه وسلم- ، فتحدى الله العرب أن يأتوا بآية مثل القرآن الكريم فعجزوا، مع أن القرآن نزل باللغة ذاتها والحروف والألفاظ والتراكيب نفسها التي يستعملها العرب، إلا أن طريقة نسجه حيرت العرب وجعلتهم يعجزون عن مجاراة هذا النظم القرآني المعجب، ومن هنا تتجلَّى لنا قدرة اللغة العربية على استيعاب أعلى درجات القول وأكثرها تعقيداً. ب
كما يدعونا الى استمرارية استخدام اللغة العربية الفصحى في التواصل والتعليم ووسائل الإعلام، والمحافظة على تراثنا اللغوي وتعزيزه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى