الأسد عند مغادرته .. هل تصرف كرجل دولة

 

عوض ضيف الله الملاحمة

بشار الأسد ، ضاع ، وضيّع وطنه ، وتخلى عنه ، وتركه للأعداء ينهشونه : العدو الصهيوني ، وامريكا ، وتركيا العثمانية البغيضة . لم يعتبر بشار الأسد من احداث ما سُمي بالربيع العربي . فطغى ، وتجبّر ، واستكبر ، ولم يستوعب ان ينتفض عليه أحرار الشعب السوري ، مطالبين بشيء من الحرية والكرامة . فأهانهم ، وقتلهم ، وبالغ بردّةِ فِعله ، على مجموعة من الشباب الصِغار . ثم لم يعتبر ، ولم يُصغِ لناصحيه .
وختم حقبة حكمه بترك سوريا للمجهول ليتقاسمها الأعداء .

لو توفرت في بشار الأسد كاريزما ، ومواصفات رئيس دولة بحجم وتاريخ سوريا ، لما تناقضت تصرفاته مع اقواله . ولإثبات ذلك ، إسمعوا ما قاله بشار الأسد في مقابلة سابقة معه :— [[ من يهرب إما جبان ، او فاسد . من الذي يفر خارج الدولة ؟ إما إنسان قُدِّم له المال ، فهو فاسد ومرتشي ، خروجه له أسبابه ، او شخص جبان ، هُدِّدَ من قِبل إرهابيين او من جهات أخرى ، او لم يكن لديه أمل بمستقبل مُشرق ، فخاف من هذا المستقبل فهرب للخارج ، معتقداً انه كان يجب ان يحصل على مكاسب معينة ، او مزايا معينة ، او مراتب معينة فلم يحصل عليها ، فقرر الهروب لهذه الأسباب . بالمحصلة وطبعاً هناك أسباباً أخرى . يعني من يهرب عملياً إما ضعيف ، او سيء . الشخص الوطني والجيد لا يهرب ، لا يفر خارج الوطن ]]. هنا نسأل : أين أفعاله مقارنة بأقواله !؟

لو كان بشار الأسد منتمياً لوطنه حقاً ، لما فعل ما فعل عند مغادرته سدة الحكم . لو كان سياسياً حصيفاً ، ومواطناً سورياً صادق الانتماء ، لما غادر بعدد من الطائرات حاملاً ما خفّ وزنه ، وغلا ثمنه ، وارصدته التي تصل مئات مليارات الدولارات تنتظره في الخارج . لو كان مواطناً سورياً منتمياً لاتخذ خطوات هامة ، وممكنه قبل مغادرته ليحافظ على سوريا الوطن . لو تصرّف — كرجل دولة — لاتخذ قرارات تختم حقبة حكمه بما يليق ، واتخذ الخطوات التالية :—
١)) كان بامكانه ان يعلن عن تشكيل حكومة انتقالية مؤقته .
٢)) ثم يعلن حالة الطورايء .
٣ )) ودعى لوقف الإقتتال بين كافة الاطراف .
٤)) وشكّل لجنة لوضع دستور مؤقت للبلاد ، يناسب المرحلة الانتقالية .
٥ )) ولتنحى عن الحكم وكرسي الرئاسة الى رئيس مجلس الشعب .
٦ )) ولكان قد ختمها بالتوجه للشعب السوري بخطاب اعتذار وتنحي .
لو اتبع كل هذه الخطوات الضرورية لحفظ سوريا الوطن من التقسيم ، والأطماع الصهيونية ، والامريكية ، والتركية العثمانية . ولحافظ على سوريا الدولة . ولما تجرأ العدو الصهيوني على تدمير كل مقدرات سوريا العسكرية، واحتلال ارضٍ سورية جديدة .

ما فعله الأسد يعتبر دليلاً اكيداً على انه لم ينتمِ الى سوريا . وان سوريا لا تمثل له الا مصدراً للسلطة والجاه والثروة . وهذا يعني انه لم يكن مخلصاً لسوريا الوطن . ما فعله الأسد يدل على انه لم يكن بمستوى رجل دولة بحجم سوريا الحبيبة .

وأختم بأبيات من الشعر عن الوطن :—
— يقول الشاعر العراقي / عبدالمحسن بن محمد بن علي الكاظمي :—
ومن لم تكن أوطانه مفخراً له / فليس له في موطن المجد مفخرُ
ومن لم يبن في قومه ناصحاً لهم / فما هو الا خائن يستترُ
ومن كان في اوطانه حامياً لها / فذكراه مسك في الأنام وعنبرُ
ومن لم يكن من دون اوطانه حمى / فذاك جبان بل أخسُ وأحقرُ .

— وقال الشاعر / مصطفى صادق الرافعي :—
بلادي هواها في لساني وفي دمي / يمجدها قلبي ويدعو لها فمي
ولا خير فيمن لا يحب بلاده / ولا في حليف الحب ان لم يُتيمِ
ومن تؤوه دار فيجحد فضلها / يكن حيوانا فوقه كل أعجمِ
ألم ترَ ان الطير ان جاء عشه / فآواه في أكنافه يترنمِ
وليس من الأوطان من يكن لها / فداء وان أمسى اليهّن ينتمي
على انها للناس كالشمس لم تزل / تضيء لهم طراً وكم فيهم عمي
ومن يظلم الأوطان او ينسى حقها / تجبه فنون الحادثات بأظلم
ولا خير فيمن ان أحب دياره / أقام ليبكي فوق ربع مُهدم
وقد طويت تلك الليالي بأهلها / فمن جهل الأيام فليتعلم
وما يرفع الأوطان الا رجالها / وهل يرتقي الناس الا بسُلَّم
ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله / على قومه يستغن عنه ويذمم
ومن يتقلب في النعيم شقي به / اذا من آخاه غير منعم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى