القاضي يكتب في ذكرى وفاة طراد سعود القاضي : الطبيب البدوي … الفارس الوطني النزيه صاحب المواقف الخالدة

 

 

بقلم : حاتم نواش القاضي

يشد قلمي رحاله اليوم … في الحديث عن قامة وطنية وعشائرية على مستوى الاردن وبدو الشمال ، حيث ولد في بواديها ونشأ وترعرع على حب الوطن والبداوة والتمسك بعاداتها وتقاليدها التي كانت حاضرة في شخصيته وهيبته ، في بداية الستينيات توجه إلى الإتحاد الأوروبي لتحقيق حلمه فأختار بولندا لدراسة الطب والجراحة ، عاش رجلًا لا يعرف إلا الصدق والنزاهة والأمانة ، حيث وصفه الناس بجملة وافية ” تتعب وأنت تقول عنه رجل” ، خدم الوطن … فكان الأبن البار له ، إلى أن اعتزل السياسة وعاد إلى عيادته الخاصة ليعالج المرضى مجانًا

إنه الدكتور طراد سعود القاضي الطبيب وفارس البادية ، والده الشيخ سعود فارس القاضي بني خالد ” أبو تركي ” أحد أشهر القضاة وشيوخ العشائر في شمال الأردن
والفقيد من مواليد بلدة حوشا / المفرق عام 1936 وحصل على شهادة الطب والجراحة من كراكوف في بولندا عام 1963 ، حيث عمل طبيبًا في وزارة الصحة الاردنية وفتح عيادته المجانية في مدينة اربد ، والذي أصبح مشهوراً بسبب أسلوبه الخاص في التعامل مع مرضاه ، حيث كان يقصده الجميع من قرى ومدن الشمال ببدوه وحضَره

كما وتسلم القاضي وزارة الصحة في السبعينات و استقال إثر أزمة مع رئيس الوزراء أنذاك بسبب مواقفه السياسية الحادة و اتهامه لعدد من وزراء الحكومة بتجاوزات مالية و إدارية

حيث كان نائبًا في مجلس النواب الاردني ، فبعد انتخابات 1993م توفي شقيقه الشيخ نواف سعود القاضي وانتخب بدلاً عنه نائبا عن بدو الشمال

ولنذكر لكم بعضًا من مواقف المرحوم طراد القاضي :-

1. له قصة مشهورة عندما دخل لطوارئ المستشفى وكانت سيدة تبكي خوفا على ولدها الذي ابتلع خمسة قروش فقال لها القاضي :- لا تخافي غيره بلع خمسة ملايين وماصار معه شيء ( وكان يقصد رئيس الوزراء في حينه )

2. في إحدى المرات اصطدم مع وزير التموين وقتها وأثناء جلسة لمجلس الوزراء وقال له محتدًا : هذا اللي براسك مش شيب ، هذا طحين الشعب ..!!!

3. ذهب للقاهرة مع وفد وزاري فاشترى أحد الوزراء زجاجة عطر بثمانين دينار ، فقال له المرحوم القاضي مستهجناً : ( غالية جدًا ) ، فأجابه زميله ضاحكًا : اشتري لك واحدة هي فواتير على حساب الدولة ، فرد عليه القاضي محتدًا : لا والله هذه سرقة

4. وفي إحدى الجلسات ، كان المرحوم القاضي جالسًا وبيده مسبحة ، فقال له قاضي القضاة في الأردن : ” هذي بدها صلاة ” ، فأجابه المرحوم القاضي : ” لا … هذي بدها إيد نظيفة ”

اعتزل المرحوم القاضي السياسة وعاد لمدينة إربد للعمل بعيادته الخاصة لعلاج المرضى مجانًا حتى وفاته في الثاني عشر من كانون الأول عام 2002م

الزمان يسير والأيام تمضي … وطراد خلد التاريخ ذكراه ، في مثل هذا اليوم توفي الدكتور أبو ثائر ، رحم الله رجالات الرعيل الأول ، أولائك الذين أشبه ما نصفهم بأنهم نشؤوا في مدرسة ” ثرى الأوطان … وحبها والدفاع عنها ” ، نعم إنهم الرجال …. الرجال الذين تنهض بهم البلاد وتتقدم بهم نحو مستقبل مشرق

رحم الله رجل الدولة النزيه … والطبيب الإنسان ، الدكتور طراد سعود القاضي بني خالد … إلى جنات الخلد يارب العالمين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى