حلّق .. السنوار .. بجناحيّ .. شهيد
عوض ضيف الله الملاحمة
الكيان الصهيوني عدو مجرمٌ مارق ، لا يعبأ بالقوانين الإلهية ولا الوضعية . إذ كان وجوده قسرياً ، إستعمارياً ، إستيطانياً ، بدعم من دول مارقة ، إستعمارية ، أكسير وجودها نشر الدمار والقتل في شعوب متخلفة ، لا تملك حكوماتها القوة ، ولا الهيبة ، ولا رغبة في الحفاظ على كينونتها ، وإستقلالها ، ولا الدفاع عن شعوبها . لأن الأنظمة العربية تجاوزت مرحلة التدجين ، الى مرحلة إستمراء الذِلّة ، والتبعية ، والإستعباد . والمضحك المبكي ان لكل دولة نشيد وطني ، وعَلم ، وعيد إستقلال !؟
دول إستعمارية ، متغطرسة ، إحترفت إذلال الشعوب ، ونهب ثرواتها ومقدراتها ، وسلبت إراداتها ، وصادرت حرياتها ، ونصّبت فيها قيادات خانعة ذليلة ، أغلبها لا تمتلك قراراتها ، ولا تتحكم في مقدراتها ، وتتلقى اوامرها من اعداء شعوبها ، وكل ذلك لبقاء معظمهم في كراسيهم التي معظمها دموية وغير شرعية .
دول متغطرسة ، متجبرة ، وظيفتها ان
تنتزع من شعوبها حريتها ، وتُغيّب العدالة ، فتصبح مشكلة تلك الشعوب مشكلتين مشكلة خارجية من الدول المستعمِرة ، ومشكلة داخلية من أنظمتها المصطنعة التي تعتمد في تنفيذ سياساتها غير الوطنية على المصفقين المتكسبين من ابناء تلك الشعوب .
مَرَّ عام ونيف على حرب العدو الصهيوني على غزة ثم على لبنان — وبعدها الأردن — كما صرح عدد من قادة العدو . والنظام الرسمي العربي مُتحجر العواطف ، لدرجة انه اصبح لا يقدر حتى على الشجب والإستنكار ، نتيجة الإنكسار التام لهيبته غير المُصانة من أسيادهم الذين يمعنون في إحتقارهم . ودمر العدو الصهيوني كل غزة ، ولم يسلم حتى الاطفال والنساء والشيوخ ، لا بل لم يسلم الشجر ولا الحجر من الدمار غير المسبوق إنسانياً ، وهم يدكونها بالأسلحة الامريكية والاوروبية الأكثر فتكاً وتدميراً . بعدها إستداروا الى لبنان المسالم القُطر العربي الحبيب ، وهاجموه بكل ما يملك حلف الشيطان الأطلسي من أسلحة دمار حديثة الصنع ليجربوها لشواء اطفال رضع وشيوخ ونساء ولا يشفع لهم حتى ابناء جلدتهم من العرب المتبلدة أحاسيسهم العروبية وحتى الإنسانية . وما يؤلمني ، بل يُخيفني هو : هل سيتخلى النظام الرسمي العربي عن الأردن كما تخلى عن فلسطين ولبنان ؟
وها قد حلّق المناضل الجسور / يحيى السنوار ، بجناحيه شهيداً مُتقبلاً بإذن الله ، وهو الذي كان يرقب الشهادة ويطلبها ويسعى إليها . السنوار يختلف عن كل الثوار ، الذين ادعوا النضال ، وكانت ساحات نضالهم فنادق السبعة نجوم بعد ان ترفعوا وملّوا من فنادق الخمسة نجوم . السنوار يمثل الأحرار الثوار من الفلسطينيين في الداخل . السنوار الذي قضى ( ٢٠ ) عاماً في سجون الكيان الغاصب المحتل . السنوار الذي وصفه الضابط الصهيوني الذي كان مسؤولاً عن التحقيق معه في السجن ، حيث قال عندما تولى السنوار قيادة حماس ، قال : (( لو علِم النتنياهو ان بديل هنية سيكون السنوار ، لما إغتال هنية . ثم قال : انا اكثر شخص على وجه الأرض يعرف السنوار . انا اعرف السنوار اكثر من أمه وأبيه ، لا بل انا اعرفه أكثر من نفسه . لقد كان السنوار يُشعِرنا بإحتقاره لنا في كل كلمة وتصرف ، وكان يهاجمنا بجرأة وشراسة ، لقد كنت انا اشعر بالخوف منه احياناً مع انني سجانه ، عندما كان يقول لنا : سأخرج من السجن وسأقتلكم جميعاً . السنوار يمتلك شجاعة نادرة بين الرجال ، وكان يهددنا ، ولديه صلابة غير معهودة في قناعاته ، كما كان لديه فكر سديد ، وعقل رشيد ، واصرار عنيد ، وعمق في التفكير والتخطيط ، لم يضعف امام التعذيب ، ولم نتمكن من إستنطاقه ولو بكلمة ، وكان كلما أمعنا في تعذيبه ، يستخف بنا اكثر … الخ )) .
للسنوار مقولات كثيرة عميقة الدلالة والمعنى ، لم يسبقه اليها أحد . من أقوال السنوار : (( أكبر هدية يمكن ان يقدمها الاحتلال لي هو ان يغتالني . وان أقضي الى الله سبحانه وتعالى شهيداً . انا اليوم عمري ( ٥٩ ) سنة ، وافضل ان استشهد ب ال ( F16 ) او بالصواريخ من ان اموت بالكورونا ، او من ان أموت بجلطة ، او في سكتة قلبية ، او حادث سير .. الخ )).
السنوار مناضل من الاحرار ، وهو ليس محسوباً على مناضلي الفنادق الراقية .
الشعب الفلسطيني داخل الاراضي المحتلة شعب ولّاد ، كلما ارتقى مناضل اتى بعده عشرات الالوف من المناضلين الأشاوس . شعب افشل مقولة احد قيادات العدو عندما قال :(( كنا نعتقد ان جيل النكبة سيكبرون ويموتون ، وسيأتي من بعدهم أجيالاً ينسون النكبة وفلسطين ، لكن تبين ان الاجيال التي ولدت بعد النكبة هم الأكثر تمسكاً واصراراً على التحرير )) .
في جنان الخلد يا يحيى السنوار ، مع الانبياء والصديقين والشهداء . لا ضير ، فالشهداء وقود التحرر والتحرير ، وما انت الا واحدا من ملايين الشهداء العرب على مدى التاريخ ، الذين دافعوا ونافحوا وناضلوا دفاعاً عن الكرامة والتحرر والتحرير .
وأختم بقصيدة شعبية للشاعر المصري المتميز / هشام الجخّ ، حيث يقول :—
الحزن مش ع ل موت / يامّا اللي فارق حيّ
وملايكه ع الصفين / فارشين له ضي في ضي
الحزن ع الخاين / والندل والبطّال
أمّا الشهيد يمّا / خالد مع الأبطال
وفّى يمين البر / والعهد بزيادة
ولأنه كان صادق / نال صدقه بشهادة
يا دراع ابوه الحُرّ / ويا بطن ولّادة
إدعيلي بالصحبة / أبقى الشهيد الجاي
الحزن مش ع الموت / يامّا اللي فارق حيّ .