سمير الرفاعي : لو أُعطى الثقة كيف سَيَرقى بالوطن؟
بقلم : أ.د. محمد ماجد الدَّخيّل
من غير المستغرب –لديّ الأمر –بأنّ إدارة الفكرة الواحدة وإعادةتدويرها في الذهن والعقل ليست عملية سهلة ،وليست عملية ديناميكيةبسيطة، إنها ثورة عشق بيضاء بين المفكر سواء أكان سياسياً أماقتصادياً أم اجتماعياً أو ثقافياً وبين وطنه ؛ ليجيب على ما يدور فيذهنه من سؤال : كيف أرقى بالوطن وأنهض به وكيف أُعلي منه وكيفأعملُ جاهداً و مجتهداً في تحسين معيشة المواطن الأردني والحفاظعلى كرامته وقيمته وتاريخه ومجده وعزته .
وهل لدى المفكر البارع غير نهضة وطنه وقيمة إنسانه وإنسانيته؟
فمن نافذة الرقي بهما “الوطن والمواطن“، فإنّ المبتكر الغيور الذييتعهد على نفسه وطنه ومواطنه بحل أية مشكلة وطنية كانت تصب فيمصلحة هذا الوطن ومواطنيه ، يجب أن يمتلك من الحكمة والرؤىأبعد مما يتخيله التفكير الكلاسيكي التقليدي، فالفكر الاستراتيجيالشامل هو الذي لا ينحصر بمنظومة تخطيطية منفردة وأحاديةالجانب،خصوصاً عند الشخصية الاعتبارية والوازنة بمجال ٍمعرفيواحد ،وإن كان الاختصاص الرئيس بعلمٍ معرفي واحد ؛ نظراً لحاجةالإنسان والمجتمع والوطن والأمة والحضارة لمثل هذا الفكر التكامليبسبب تعدد وتوفر مصادر المعرفة والحكمة والكشف الشمولي من جهة، وعقلانية التفاعل والتواصل لإرادة التنفيذ ولفعل التطبيق من جهةأخرى.
وليس عزيزي القارئ الصعوبة بمكان البحث عن هذا الفكر الشموليفي وطننا إذا أردنا أن نفتش في دفاتر الوطن الحالية والحضورية عنه، وعن إنجازاته وجهوده ونجاحاته التي يؤدى لها التحايا والتقدير،فالسيرة تسبق المسيرة ، والتاريخ لا يذكر إلا المميزين الأقوياءذويالألباب والعقول النيرة ، الذين حفظوا العهد وحافظوا على الوعد ،والذين لم يحنثوا بيمينهم في خدمة الوطن والمليك والأمة ،وهم منتخصصات الندرة بمكان ، فلا يُقاسُ غِنى المجتمع الأردني بكمية مايَملكُ من أشياء ،بل بمقدار ما فيه من أفكار خلاّقة وحلولية جذريةلكل المشاكل والهموم والأحزان التي يواجهها الإنسان الأردني والتيتشكل له كابوساً يحول دون تحقيق أهداف شبابنا وشاباتناوطموحاتهم وآمالهم المستقبلية وأحلامهم القادمة ، وبظّني المؤكد هذاحقهم الشرعي والمشروع على كينونة الفكرة المبدعة التي يحلموابوجودها في وطنهم حلماً حقيقياً وليس حلماً خيالياً أو طيفاً تمر غيومهفي حلم اليقظة ،آن الأوان لهذه الفكرة أن تحقق مطالب شبابناوشاباتنا .
ومن أوسع أبواب الإنصاف وإحقاق الحق؛ فإنّ الأردن ليس بخالٍ منالفكر الشمولي الذي يجمع بيدٍ واحدة وعقلٍ استراتيجي وقولٍ وعملٍمؤكدٍ في آنٍ واحد ،وهذا الرأي الجازم لا يُجامل في رأيه ؛إنما هيحقائق ومكتنزات ثمينة لم تأخذ فرصتها الكاملة في إثبات قدراتهاالكاملة بمساحات زمنية كافية ،فلو –بتقديري – أُعطيت فرصتهاالكاملة فلسوف تُعطينا حتى نرضى !
دولة سمير الرفاعي حفظ العهد والوعد والأمانة الموكلة له في كلمحاور التقدم بالوطن والمواطن منذ بداية خدمته إلى وقتنا الحالي .
اكثر ما لفت انتباهي وأثار شجوني هو سيرة ومسيرة الألمعي دولةسمير الرفاعي ذات المحطات الكبيرة التي لا تخلُ من ظاهرة التوحدمع وطنه والسكون والركون إليه كصورة العاشق المتبتل في محاريبالولع بالوطن وبحب قيادته وشعبه ، وهي ظاهرة لديه لم تكن عابرة فيكلامٍ عابر ، يدهشك حديثه عن هذا الولع والعشق المزمن إذا استمعتإليه عبر كل النوافذ وبوابات الدخول إلى منازل الوطن .
كما أنه يأسرُك بمشروعه الوطني الشامل الذي يتوافق مع الرؤىالملكية السامية ،كما أنه يُطوّقكَ بتواضعه الآسر وإنسانيته الصادقةو بشعوره مع الطبقة المتوسطة والفقيرة ،وكأنه وأنت تسمع وتشاهدخطاباته مع كل فئات المجتمع يُجيبُ على كل الأسئلة الكامنة فيصميم النجوى النفس والعقل ،بكيف يرقى الوطن ، وكيف يرقى هوبالوطن في كل الظروف؟
فالتحديث السياسي–مثلاً– الذي توكله من لدن جلالة الملك كان علىأبهى صوره، والذي أعطى فيه عصارة جهده ولباب فكره ،وأخذالكثير من وقته ،وقدّم نموذجاً فريداً من نوعه .
و دولة الرفاعي كنز استراتيجي وذخيرة حية في حكمته وقدرته علىالمشهد السياسي ،ونحن مقبلون على انتخابات نيابية وفق قانونانتخاب عصري وجديد حظي بدعم كبير جداً من لدن جلالة الملكوقانون تنظيمي للأحزاب السياسية بضمانة ملكية سامية وصولاً إلىحكومة حزبية تدريجياً ، ونقل البلاد من مرحلة التشافي والتعافيالاقتصادي إلى مرحلة قطف الثمار وجنيها بسهولة وانعكاسها علىمعيشة المواطنين الأردنيين.
ناهيك على أن دولته يؤمن بالعمل الدؤوب المنتج الذي يجعل من الإنتاجالمستحيل إلى الإنتاج المحلي الممكن ،ومن التحديات إلى حلول حقيقية،ومن الأزمات إلى فُرص ،ومن الجائحة المعدية إلى علاجات شافيةضمن تفعيل حزم التشريعات والقوانين والأنظمة بوسيلة تفعيلالتشاركية بين القطاعين العام والخاص احدى حلول عقبات الاستثماروالتوظيف وتفكيك عُقد البطالة والفقر وغيرها.
إيمانه بالعمل المشترك –بتقديري –هو بوابة العبور إلى المستقبلوالضامنة للعهد ، وهي صيد ثمين وكنز عظيم في خطط التنميةالبشرية من شتى محاورها المهمة في وجه الدولة الحديثة التي تُحدّثنفسها بنفسها وعبر رجالها المخلصين الأوفياء : منها الجيو سياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتواصلية التفاعليةوالتشاركية مع أغلى ما نملك ” مواطننا الأردني” .
فإن القرار المدروس بدقة وتنفيذه بشكلٍ سريع وبآليات ممكنة دونتباطؤ أو تأخير أو تأجيل أو تسويف حاجتنا اليوم ماسة إليه معدراسة علمية دقيقة لآثاره الإيجابية التي تنال رضا جميع المواطنين.
ففي قاموس دولته ومعجمه الشمولي كل الحلول لكل المسائل،
فلم يعد للتاطؤ أو التأجيل أو التسويف أو أية صيغة من مرادفاتالتسويف مجالاً في مرحلة الوطن القادمة ؛ ولم يعد للعودة خطوةللوراء أية فائدة،ولم يعد للتراجع عن أية خطوة في مشروع الدولةالثلاثي أية رغبة ، فالشارع الأردني جاهز لأية خطة مدروسة تجعلمن البحث عن المستحيل إلى البحث عن الممكن ممكناً .
فالباحث المعتدل والعادل في تاريخ الدولة الأردنية يفخر بالإنجازاتالوطنية التي تحققت عبر مائة عام ونيف ويعتز بها ، بل ويعظّمها ، فلاينقصها إلا ترجمتها على أرض الواقع المعيش وتعزيزها وترسيخها ،كي تأتي أُكلها ، وكي تصبح ثوابت أساسية في حياة الإنسانالأردني .
فهو من أهل القرار الحكيم الذي لا يدع مجالاً لتأجيله أو تأخيره أوتسويفه أو المراوحة به أو إحالته إلى أدراج العقد والتعقيد والإهمال وتشكيل اللجان التي تتفرع منها لجانٍ ولجان .
ولم يُعرف دولته بنجاحه هذا فحسب ،بل حينما وضع الوطن والمواطنبين نصب عينيه عبر خططه المدروسةوخلاصة نظره الاستراتيجيالعقلاني من منظور اقتصادي –مثلاً–تجده لا يبرح عن تشخيص الداءووصف الدواء ، فكم لتخفيف المديونية وسدادها لديه حلول ،ولكم لرفعرواتب الموظفين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين حظوة في جيبه الاقتصادي ، ولكم لمشكلتي البطالة والفقر سهولة في التعامل معهاوبسرعة لم نعرف عنها مسبقاً .
أما بالنسبة لتفاعلاته وتواصلاته مع المجتمع الأردني ؛ فالحوارالاستراتيجي المتزن والمتوازن ديدنه ومنهجه وطريقته ، فكم طوّف فيالوطن من شماله وجنوبه إلى شرقه وغربه حيث مدنه وقراه وبواديهومخيماته ، وكم عقد نقاشاته وحواراته مع الشباب الأردني ؛لغاياتالوصول إلى تمكينه في حياته ومستقبله ، ولكم دعا إلى تثبيت حقوقالمرأة الأردنية في كل مناحي حياتها ، ولكم دعم الجمعياتوالمؤسسات الخيرية وتخلى عن راتبه الشهري دعماً لطلبة الجامعاتوالكليات والمعاهد ودور الرعاية الاجتماعية والأيتام وغيرها.
ومن قبالة وعاء الثقافةالعامة والثقافة السياسية الحزبية ، فهو الأكثرقُرباً منها ،والأكثر علاقةً فيها ،وهو الأقرب والمقرب إليها ، وهو علىمسافة واحدة بل أدنى من هذه الأحزاب السياسية التي يطلبها جلالةالملك والوطن في هذه المرحلة السياسية المقبلة ،فقد تجلت شخصيتهالحكيمة في تقديم الرؤى والأفكار التي تنهض بالوطن وتقدمه .
المشروع العقلاني الشمولي –أعزائي القرّاء – أكثر ما يحتاجه حاجتهالماسة إلى نوافذ إدارية للتطبيق ومساحات واسعة للتنفيذ ، وهذا مايتوفر فيه ،وهو من أبسط ما يستطيعه ،ومن خلال سجلات نجاحاتهدولته في مسيرته الإدارية نعثر على حكمته وفطنته ودرايته ومعرفته وتشخيصه بكل احترافية وكفاءة ودقة وجودة عالية.
بتقديري من يتوفر فيه هذه الصفات والخِلال يستطيع أن ينهض بالوطن والمواطن ، وتبقى جهوده وأفعاله وإخلاصه في أعلى سطورالوطن ،وفي الصفحة الأولى بمداد من الذهب ؛ لأن الصفة الجامعةبينه والوطن ذات كيمياء واحدة لا تجمعه به حسابات نفعية ولا برغماتيةولا وظيفية ، بل شعاره الوحيد كيف نرتقي بالوطن وكيف نجعل حياةالمواطنين الأردنيين كريمة وأحلى من الشهد وأطيب من السلاح !.