“الأعوام الثقافية” تجربة قطرية فريدة
اَفاق نيوز – يمثل الحوار والتفاعل والتواصل بأبعاده الثقافية والإنسانية ملمحا أصيلا من ملامح التجربة القطرية في علاقاتها الدولية وتفاعلها مع محيطها العربي والإسلامي وعمقها الإنساني، وتمثل تجربة “الأعوام الثقافية”، التي أطلقتها متاحف قطر عام 2012، تجسيدا لإستراتيجية الدولة في بناء جسور المعرفة والمحبة والحوار والسلام، وتعميق الروابط مع الدول والشعوب حول العالم من خلال التعاون الثقافي المتبادل.
وأكد مسؤولون ودبلوماسيون ومبدعون وخبراء متاحف، في حديث لوكالة الأنباء القطرية، فرادة هذه التجربة في تعزيز الحوار الحضاري بين الدول والأمم والشعوب، على أسس قوية من الفنون والثقافة والإبداع، مما جعل منها أوسع تجربة للتبادل الثقافي والتفاهم والاعتراف والتقدير بين البلدان.
تعاون وحوار ثقافي
وأوضحت أمين سر اللجنة الوطنية للأعوام الثقافية، سارة أحمد المهندي، أن مبادرة الأعوام الثقافية، التي أطلقتها متاحف قطر عام 2012، بالتزامن مع فوز الدوحة باستضافة كأس العالم مونديال “قطر 2022” بهدف بناء جسور التواصل والحوار الحضاري بين قطر ودول العالم. وعلى مدى السنوات الماضية، حققت مبادرة الأعوام الثقافية نجاحات كبيرة في إقامة شراكات ثقافية متميزة مع العديد من الدول مثل اليابان عام 2012، والمملكة المتحدة عام 2013، والبرازيل عام 2014، وتركيا عام 2015، والصين عام 2016، وألمانيا عام 2017، وروسيا عام 2018، والهند عام 2019، وفرنسا عام 2020، والولايات المتحدة عام 2021، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا عام 2022، وإندونيسيا عام 2023، والمغرب عام 2024.
وأكدت سارة المهندي أن هذه الشراكات نجحت في تعميق أواصر التعاون الثقافي والإنساني وتعزيز التفاهم المتبادل بين الشعوب، إذ شملت فعاليات الأعوام الثقافية العديد من المعارض والعروض الفنية والحفلات الموسيقية التي استعرضت التراث والثقافة والفنون المتنوعة لكل بلد.
كما تضمنت ندوات ومحاضرات تناولت مختلف القضايا الثقافية والحضارية المشتركة، وامتدت لبناء إرث من المشاريع في بلدان العالم مثل افتتاح قطر للبيت الثقافي العربي (الديوان) في برلين، خلال العام الثقافي قطر (ألمانيا 2017) وهو عبارة عن مجلس ثقافي وتعليمي يستضيف مختلف الكتاب والقراء والمثقفين والدبلوماسيين العرب والألمان لمناقشة النتاج الفكري والمواضيع ذات الاهتمام المشترك.
وتابعت أنه بالإضافة إلى تعزيز الحوار الثقافي، ساهمت مبادرة الأعوام الثقافية أيضا في الترويج للثقافة القطرية بالخارج، وإبراز معالم التراث والحداثة في قطر، وانعكس ذلك بشكل إيجابي على سمعة الدولة ومكانتها الدولية كبلد منفتح وداعم للتنوع الثقافي والحضاري، مما عزز قوة قطر الناعمة على الساحة العالمية.
فضلا عن ذلك، كان للعام الثقافي تأثير كبير على المجتمعات الإبداعية في قطر والدول الشريكة، إذ وفر منصة للفنانين والمصممين وصناع الأفلام وغيرهم من المبدعين لعرض أعمالهم، والتعاون مع نظرائهم من الثقافات الأخرى، والوصول إلى جماهير جديدة، وقد عزز ذلك الإبداع والابتكار وريادة الأعمال الثقافية.
وهكذا أثبتت تجربة العام الثقافي، على مدى أكثر من عقد من الزمان، أن الثقافة والفنون أفضل وسيلة لبناء الجسور وتقريب وجهات نظر الشعوب والأمم، وهو ما يؤكد ريادة قطر في تبني مبادرات حضارية مبتكرة لنشر ثقافة الحوار والتسامح في العالم.
وأكدت أمين سر اللجنة الوطنية للأعوام الثقافية أن دولة قطر تمكنت من تنفيذ مبادرة العام الثقافي بنجاح كنموذج متميز في تعزيز الحوار الحضاري بفضل توفر العديد من المكونات، ومن أبرزها الرؤية الواضحة والإيمان العميق لدى القيادة القطرية بأهمية الانفتاح على الثقافات العالمية، والاستثمار في الثقافة كأداة فعالة للتقارب والتفاهم بين الشعوب، والإمكانات الكبيرة والبنية التحتية المتقدمة التي تمتلكها الدوحة، لا سيما في مجال المتاحف والمؤسسات الثقافية، والتي وفرت منصات عالمية المستوى لاستضافة الفعاليات والأنشطة الثقافية المتنوعة، إلى جانب الموارد البشرية القطرية المؤهلة والمبدعة التي تقف وراء تنظيم وإدارة هذه المبادرة، وتطوير أفكار وبرامج ثقافية متميزة تليق بطموحات قطر، بالإضافة إلى توفير الفرص للمبدعين للتواصل وعرض أعمالهم، ووضع العام الثقافي نفسه كمحفز للابتكار والنمو وترويج الثقافة كأسلوب حياه للشعوب.
قطر-المغرب
ومن جانبه، أكد سفير المملكة المغربية في الدوحة، محمد ستري، أن مبادرة العام الثقافي قطر-المملكة المغربية (عام 2024) تعكس الروابط التاريخية بين الشعبين الشقيقين المبنية على التقدير والاحترام المتبادل والتضامن الفاعل خدمة للمصالح المشتركة، موضحا أن البلدين الشقيقين يوليان أهمية كبرى لهذا المجال، وتحدوهما إرادة مشتركة للرقي بالتعاون الثقافي إلى أعلى المستويات.
وأضاف السفير أن التعاون الثقافي يعكس خصوصية العلاقة التاريخية بين البلدين عبر العديد من المبادرات والأنشطة، التي ساهمت في نسج الروابط والتعريف بالمنجزات وتبادل التجارب وتشجيع الإبداع، كما يشكل هذا الحدث فرصة مواتية للتعريف بتراث المغرب الثقافي الثري وبتقاليده العريقة وبحضارته الضاربة في التاريخ، فضلا عن منجزاته المعاصرة، وذلك من خلال برنامج متكامل يتضمن العديد من الفعاليات والمعارض.
ونوه بجهود المسؤولين عن الهيئات والمؤسسات المعنية بالقطاع الثقافي بدولة قطر، مشيدا بنجاح الفعاليات التي نظمت في إطار المبادرة حتى الآن، وأبرزها: معرض الحلي الأمازيغية بمتحف الفن الإسلامي، وعرض لأعمال فنانين ومصممين تشكيليين مغاربة، وتنظيم معرض الطوابع والعملات المغربية، بالحي الثقافي كتارا، وتنظيم جائزة كتارا للمخطوطات والأماكن الأثرية، في المنطقة العربية، حيث تم اختيار المملكة المغربية لتكون ضيف شرف النسخة الأولى للجائزة.
قطر-تركيا
ومن جانبه، قال مدير مركز يونس إمرة الثقافي التركي بالدوحة الدكتور أحمد أويصال: لقد مثل العام الثقافي قطر- تركيا 2015 ركيزة أساسية في مسار العلاقات الثقافية ودعم استمراريتها، حيث كان أبرز نتائج هذا العام افتتاح فرع مركز يونس إمرة بالدوحة، بقرار من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ليصبح هذا المركز بما يؤديه من دور في نشر الثقافة واللغة منارة للثقافة التركية وجسرا للتعاون الثقافي بين الدولتين الشقيقتين.