ماذا نقول للمواطن : إنتخب .. ام إنتحب؟

 

عوض ضيف الله الملاحمه

يسوء وضع المواطن ويتردى بتردي وضع الوطن . فعندما تزدهر الأوطان وتتطور يرتقي المواطن بارتقائها وازدهارها . فتتحسن الخدمات الصحية ، والتعليمية ، والحياتية عامة . ويزدهر الاقتصاد ، ويحقق نمواً طيباً ، ويختفي التضخم ، ويعم الرخاء .

وعندما ينحدر الوطن ، وتصبح مديونيته تساوي ( ١١٤٪؜ ) من ناتج الدخل الوطني الإجمالي ، يعم الغلاء ، وينخفض النمو ، وترتفع نسبة التضخم ، وتنخفض القيمة الشرائية للعملة ، وتتراجع الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها . فيصبح المواطن في حالة كئيبة بائسة . ويعم الفقر ، وترتفع نسبة البطالة ، ويهرب الاستثمار ، وتختفي فرص العمل ، وتنتشر الكآبة ، وتعم الجريمة ، ويسوء وضع المواطن بسبب سوء وضع الوطن .

مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب يفترض ان يكون عين المواطن على الوطن ، يرقبه ، ويتفقد احواله ، ويشرّع القوانين التي تساعد على ازدهاره ، ويحد من تغول الحكومات على المواطن بمراقبة أدائها ، وتقييمه ، فيمرر القرارت الحكومية التي فيها الصالح العام ، ويوقف القرارات الجائرة على الوطن والمواطن .

أما اذا كان مجلس النواب — تحديداً — بلا هيبة ، ولا صلاحيات ، واجندته بعيدة عن مصلحة الوطن ، يتردى الوطن ويضيع المواطن .

أرى انه من الأنسب ان نطلب من المواطن ان ينتحب حزناً على تردي مستوى مجالس النواب وخضوعها للتغول الحكومي . كما على كل مواطن شريف منتمٍ لوطنه ان ينتحب على وطن كان في صدارة الاوطان في المنطقة والان يحتل بجدارة الدرجات الدنيا في كل شيء ومنها المياة حيث يعتبر ثاني افقر دولة مائياً في العالم .

وهنا لا بد من الإشارة الى المأمول في الانتخابات النيابية القادمة . فما دام الوطن بعيداً عن الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحقيقية فكيف نأمل الصلاح والفلاح !؟ ما دامت الأنظمة والقوانين والتشريعات هي مجرد ترقيعات وتجريب لكل غريب معروف انه لا يجدي قبل تجريبة ، فكيف لنا ان نأمل خيراً !؟

ما دام الاصلاح السياسي الحقيقي بعيداً . وما دام قانون الاحزاب وقانون الانتخاب بما هو عليه ، كيف لنا ان نرتجي برلماناً وطنياً واعياً وفاعلاً ويحسب له الف حساب ؟ ما دام اصحاب الفكر والرؤى واصحاب النهج المستقيم يعزفون عن الترشح . وما دامت الحكومات تتغول على النواب وتستخدم معهم اسلوب الترهيب او الترغيب . وما دام غالبية النواب ينحصر تفكيرهم بما يكسبون . وما دام النائب مرعوباً بداخله . وما دام يستجدي المنافع . وما دام يعمل بالتوجية القسري عبر مكالمة من جهة ما . وما دامت الحكومات تهمش دوره ، وتعقد الاتفاقيات التآمرية على الوطن واستقلاله وحريته ولا يطلع عليها ولا تمر عبر غرفتيه ، ولا يبدي راياً فيها ، ما قيمة دوره ، بل ما قيمة وجوده !؟

في العقدين الأخيرين أصبح الأردن سباقاً في الإنصياع الى تلبية متطلبات الغرب التي تعزز العدالة والديمقراطية وحرية التعبير ، لكنها تكون خالية من المضمون او الدور المأمول ، هي ليست أكثر من صورة شكلية لذر الرماد في عيون دول الغرب .

وهذا لا يعني ان الغرب يريد لنا الخير في ان تعم العدالة وتساوي الفُرص والحرية والديمقراطية ، ابداً . وهنا استشهد بما قاله العلامة المغربي / الهادي المنجرة ، عندما قال : ان الغرب يطالب انظمة العالم الثالث المتخلف بالحرية والديمقراطية ، لكن هذا لا يعني انه يضغط لتطبيقها ، أبداً ، بل ليذروا الرماد في عيون الشعوب المتخلفة بانهم مع تطورهم وازدهارهم وان تترسخ الديموقراطية والحرية ، شكلاً فقط ، لانه اذا طُبقت الديموقراطية في بلداننا فانهم سيخسرون سيطرتهم علينا ونهب خيراتنا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى