قرية الناس الطيبين .. الطيبة/ الكرك
عوض ضيف الله الملاحمه
تشرفت اليوم الثلاثاء الموافق ٢٠٢٤/٦/١١ بتلبية دعوة لإشهار كتاب قيّم وثمين ومتفرد بعنوان (( قرية الطيبة في الكرك — خنزيرة سابقاً )) ، لمؤلفهِ صديقي الذي أحترم العميد المتقاعد الطيب إبن الطيبة السيد / محمد رجا محمد البطوش ( ابو بشار ) . تعرفت عليه قبل أكثر من عقدين من الزمن ، في بدايات تأسيس ديوان أبناء الكرك ، ولاحظت عليه ميله للبساطة والصمت ، لا يتحدث الا بزبدة القول ، ولم ألحظ شيئاً غير ذلك . إلا ان جاء دوره في الحديث عن معركة الكرامة ، وعندما إرتقى المنصة همس احد رفاقه في السلاح بأذني قائلاً : هذا أحد أبطال معركة الكرامة الحقيقيين .
حفل الإشهار هذا كان مميزاً لتميز المتحدثين فيه . فقد تحدث شيخ المؤرخين الأردنيين الأستاذ الدكتور / علي محافظة . كما تحدث فيه من يملك عنان اللغة ويطوعها كيفما شاء بفصاحته وجرأته وتفرد تعابيره إنه معالي الأستاذ الدكتور / خالد الكركي . كما تحدث المؤرخ الدكتور / بكر خاز المجالي .
المؤلِّف العميد المتقاعد / محمد رجا محمد البطوش . هو العميد الذي لم يُقعِده التقاعد عن النشاط المجتمعي بمختلف أشكاله . شارك العميد المتقاعد / محمد رجا البطوش في معركة الكرامة ، وكانت مهمته فيها كضابط رصد أمامي متقدم ( أي ضابط ملاحظة أمامي ) . وكان موقعة في منطقة المغطس ، ويبعد عن نهر الاردن ( ٢٠٠ ) متراً فقط . طيلة يوم المعركة كان يطلب نيران المدفعية الأردنية لأي تحرك لقوات العدو ، لمنعه من الحركة من مكان لآخر ، وكذلك قصف مدفعية العدو التي تسند قواته البرية شرق النهر . وذكر أبا بشار بان قوات العدو حاولت العبور من منطقة المغطس ، بعد فشله في العبور من جسر الأمير عبدالله ، الا ان ابا بشار افشل محاولة العدو بقصفه في المغطس تاركاً وراءه بعض الآليات ومعدات التجسير .
وشارك ابا بشار في حرب حزيران عام ١٩٦٧ ، حيث كان ضابط ملاحظة متقدم أيضاً ، على خليج العقبة ، لكن لم يحدث هناك قتال مع العدو .
كما شارك في حرب رمضان عام ١٩٧٣ ، حيث كان مساعد قائد كتيبة المدفعية المحمولة ١٧ ، بإسناد اللواء المدرع ٩٠ ، الذي أُرسِل لدعم اللواء مدرع ٤٠ ، الذي قاتل قتالاً باسلاً .
قبل البدء بالحديث عن المؤَلَّف ( الكتاب الذي أُقيم له هذا الإشهار ) ، من الضروري ان أَذكُر ، وأُذكِّر بانه للوصول الى العالمية في الأدب ، لا بد من الإغراق في المحلية .
متمنياً ان ينحى كل من لدية قدرات لغوية وادبية للكتابة عن قريته ، لأن المُدن الأردنية أُشبعت ، ولم تُترك لا شاردة ولا واردة الا وكتب عنها . بمقابل ذلك فان القرى الأردنية لا تحظى بهذا الإهتمام مع غزارة ووفرة ما تتحلى به القرى من تاريخ وتراث وجمال أخاذ ، لكنها مركونة على هامش الحياة .
واليكم ما ابدع به قلم مؤلف ( قرية الطيبة ) في الكرك . حيث بدأ بتوصيف موقعها الجغرافي الخلاب ، وتنوع طبيعتها من السهول الممتدة الى الجبال الشاهقة الحادة ، وما بينهما من هضاب وتلال ، وخضرة وينابيع تزيد عن العشرين .
كما وصف وبدقة الأنسان الذي عايش المكان والزمان ، فوصف عادات الناس ، وكرمهم وشجاعتهم ، والتصاقهم بأرضهم ، ودفاعهم المستميت عنها زمن الإحتلالات المتعددة والمتعاقبة . مما أكسب ابناء الطيبة عادات وسلوكيات تكون متناقضة ، تناقضاً إيجابيا أحياناً ، فهم ينقلبون من الطيبة والسماحة والكرم الى الشراسة والشجاعة في الدفاع عن قريتهم . ففي هذا التناقض المحبب والمطلوب تتقولب شخصية أبناء الطيبة .
كما احتوى الكتاب على أسماء شهداء أبناء قرية الطيبة الذين قدموا حياتهم رخيصة في سبيل فلسطين الحبيبة ، أثناء خدمتهم في جيشنا العربي الباسل سياج الوطن وحصنه المنيع .
أما عن سبب تسميتها ب ( خزيرة ) . وكان هذا السؤال يلازمني شخصياً طيلة حياتي كأحد ابناء الكرك ، حيث كنت أتساءل : لماذا تمت تسمية هذا القرية الجميلة الوادعة بهذا الإسم المُنفِّر !؟ وأجاب المُُؤَلِّف عن ذلك حيث قال : بان إسم خنزيرة تم تحويره وتغييره بلفظ الكركية ، حيث ان أصل الإسم في غاية الجمال ، فالأصل هو :
(( خان زينا ))
والسبب في هذه التسمية انها جاءت نسبة الى إبنة الملك ميشع (( زينا )) التي كانت تحبذ قضاء فصل الصيف في متنزهها ، وكان يطلق على المتنزة او الفندق كلمة ( خان ) ، فسميت (( خان زينا )) وادمجوها الكركية حتى شوهوها فأصبحت (( خنزيرة )) .. الله لا يعوضكوا يالكركية ، حولوا الجمال الى قبحٍ شديد . والحمد لله انه تم تغيير الإسم الى الطيبة لينسجم مع طيبة أهلها وسماحتهم وكرمهم .