مجلس النواب: ساحة تشريع أم فوضى؟
جوان الكردي
في مشهد يتكرر مع كل جلسة برلمانية، يجد المواطن الأردني نفسه أمام صورة غير مألوفة لما يُفترض أن تكون مؤسسة تشريعية تعبر عن آمال الشعب وطموحاته.
فبدلاً من النقاشات الهادئة والحوارات الهادفة، تشتعل المشاجرات ويتعالى الصراخ، ما يجعل قاعة القبة أشبه بساحة معركة أو صفٍّ مدرسي يعج بالفوضى.
ومما يثير الدهشة والاستغراب أن بعض النواب، أثناء انعقاد الجلسات، يتعاملون مع قبة البرلمان وكأنها استراحة أو مكان لتضييع الوقت. تجد بعضهم منشغلًا بهاتفه المحمول، يتصفح وسائل التواصل الاجتماعي أو يرد على رسائل أو يلعب لعبة ما، بينما تُناقَش قضايا مصيرية تمس حياة المواطن.
وفوق ذلك، يخرج بعض النواب عن إطار اللياقة باستخدام لغة حادة وألفاظ جارحة وقد تصل حتى حد الاشتباك بالأيدي.
مثل هذه التصرفات لا تُسيء فقط إلى البرلمان كسلطة تشريعية ورقابية، بل ترسم صورة سلبية عن العمل النيابي في الأردن أمام المواطنين والعالم.
المواطن الذي يعاني من أزمات معيشية متفاقمة، ويرى الأخطار الوجودية تحيق ببلده والعدو يتربص به، يتساءل بحق: كيف يمكن لأشخاص منشغلين بصراعاتهم الشخصية أن يشرعوا قوانين تحل مشاكله ويتخذوا مواقف وطنية جامعة وحازمة؟
إن تحسين صورة البرلمان يبدأ بإصلاح السلوك الفردي والجماعي للنواب. احترام قاعة القبة يبدأ من احترام وقت الجلسات وأجندتها، فالبرلمان ليس مسرحاً للظهور الإعلامي أو لإثبات القوة، بل منصة لخدمة الوطن والمواطن.
على كل نائب أن يتذكر أنه يمثل شريحة واسعة من الشعب التي منحته ثقتها؛ التغيب عن جلسات المناقشة والانشغال بالهاتف أو إثارة الفوضى أثناء الجلسات هو خيانة لهذه الثقة.
لذا، نطالب بتطبيق نظام صارم لمحاسبة النواب غير الملتزمين، لأن هيبة البرلمان هي من هيبة الدولة وهيبة مواطنيها.
يبقى السؤال مفتوحاً: هل سيشهد البرلمان الأردني نقلة نوعية في الأداء والسلوك، أم سنبقى أسرى لمشاهد فوضى لا تليق بنوابنا ووطننا ومواطنينا؟