لا دولة فلسطينية بالمطلق .. والحديث عنها هُراء

 

عوض ضيف الله الملاحمة

أضحك وأبكي في آنٍ معاً ، وأكاد ان أُصاب بإنفصام ، على خيبتنا ، وسطحيتنا ، وتخلفنا ، وجمود تفكيرنا ، ومحدودية قدراتنا على فهم المناورات السياسية ( والدهلزات ) الدبلوماسية وعدم القدرة على إستنباط دهاء الأعداء .

رسالة أوجهها لكافة السياسيين العرب : يا أصحاب القرار ، يامن توليتم مسؤولية الدفاع عن القضية الفلسطينية ، وتتصدرون المشهد محلياً ودولياً . أُقسم لكم قسماً غليظاً ، عظيماً ، بأن الدولة الفلسطينية التي تنشدون — ويضحك عليكم الأمريكان بانهم جادون بإقامتها — بانه يستحيل إقامتها (( بالمطلق ، نعم بالمطلق )) . وقد ذكرت ذلك في الكثير من مقالاتي منذ سنوات . لكن لا أحد يستمع لما أقول لأنني كاتب حُرّ ، صاحب رأي مستقل ، لا يمكن توجيهي ، او الإيعاز لي ، او حَرْفُ مساري عن قول الحقيقة ، كما انني لا أتكئ على أحد ، سوى العلي القدير سبحانه في عُلاه .

سبق لي ان زرت الضفة الغربية حوالي ( ٧ ) مرات ، زيارات ضمن وفود رسمية . وحرصاً مني على فهم واقع الإحتلال على الأرض في الضفة الغربية ، يمكنني القول انني زرت أماكن كثيرة ، وأوجز لكم مشاهداتي قبل حوالي ( ٢٥ ) عاماً ، مدمجة مع الواقع الحالي المتمثل بِنَهَم العدو لمصادرة الأراضي وبناء المستعمرات الصهيونية :— ١ ))بلغ عدد المستعمرات الصهيونية في الضفة الغربية حوالي ( ١٧٦ ) مستوطنة ، وأكثر من ( ١٨٦ ) بؤرة استيطانية ، حتى بداية عام ٢٠٢٣ .
٢ )) شكلت مساحة المستعمرات ( ٤٢٪؜ ) من اراضي الضفة الغربية ، ويسيطر العدو على ( ٦٨٪؜ ) من مساحة المنطقة ” ج ” .
٣ )) يقطن هذه المستعمرات ( ٧٢٦,٤٢٧) مستوطناً بما فيها القدس الشرقية .
٤ )) كافة سكان المستعمرات من الصهاينة المتعصبين .
٥ ))المناطق التي يقطنها الفلسطينيين معزولة ومحاطة بالمستعمرات ونقاط تفتيش ومراقبة من جيش العدو ، مما يتسبب في قيود شديدة ومعقدة على حركة الفلسطينيين .
٦ ))المناطق الفلسطينية متقطعة وغير مترابطة .
٧ ))كافة الجبال والتلال مسيجة بأسلاك شائكة تتبع لجيش العدو ، اي تعتبر مناطق عسكرية .
٨ ))معاناة الفلسطينيين في التنقل بين المناطق الفلسطينية معاناة شديدة بسبب نقاط التفتيش الكثيرة .
٩ ))هدم منازل الفلسطينيين مستمر وقد بلغت ارقاماً بعشرات الألوف .
١٠ ))لا يُسمح للفلسطينيين التوسع في مناطق سكناهم حتى في الأراضي التي يمتلكونها ، كما لا يسمح بتعدد الطوابق .
١١ )) والأهم من كل ما سبق ان السلطة الفلسطينية سهلت للعدو الأمور وهونت عليهم للوصول الى غايتهم في التوسع حتى إلتهام الضفة الغربية كاملة بأشكال عديدة منها : التزام السلطة بالتنسيق الأمني بمتابعة المقاومين الفلسطينيين من ابناء جلدتهم وإبلاغ العدو عنهم ، لزجهم في غياهب سجون العدو ، او سجون السلطة وهذا أضعف المقاومة بشكل كبير ، مما فتح شهية العدو لإبتلاع الضفة الغربية . وأذكركم بالاجراءات الخيانية الأخيرة المُعيبة للسلطة حيث احتجزت السلطة ( ٢٣٦ ) عنصراً من شرطتها لرفضهم المشاركة في عملية السلطة لقمع جنين الباسلة المُقاوِمة .

أود ان الفت الإنتباه انه ليس هناك نظاماً عربياً أضرّ ، بل ضيّع القضية أكثر من السلطة الفلسطينية . وللتأكد ، والإنصاف عند المقارنة ، علينا اخذ اجراءات السلطة الفلسطينية الأخيرة كنموذج . هل يستقيم الأمر ان تقوم السلطة الفلسطينية بمطاردة المقاومين وتسليمهم للعدو او قتلهم نيابة عنه !؟

وهنا اجد انه من الضروري حتى أكشف الغمة التي تعمي عقول وعيون من يؤمنون بوعود السراب التي يستغفلهم بها الأمريكان والصهاينة : حلّ الدولتين : متى ؟ وكيف ؟ وأين ؟

دول العالم المؤثرة تجاوزت حل الدولتين منذ عقود من الزمن ، لا بل نسيته ، لأنه غير قابل للتطبيق على أرض الواقع . وهذا ما عمل عليه العدو بعد مؤتمر أوسلو ، لان العدو لا يمكن ان يسمح بإقامة دولة فلسطينية تحت اي ظرف . وللعلم السلطة الفلسطينية العميلة تعلم بذلك .

المُضحك ، المُبكي ، والأمر الذي يبعث على الإستهجان ان بعض دول العالم المخدوعة ، تدعو العدو للإلتزام بحل الدولتين . ولم يسأل او يستفسر او يحاول أحد من هؤلاء المسؤولين التأكد من : أين ؟ وكيف ؟ ومتى ؟ يمكن تنفيذ حلّ الدولتين . هذا التغابي ، نعم تغابي ، لأنهم دول ، ومسؤولين ليسوا أغبياء ، مطلقاً ، هم يعرفون جيداً ان حل الدولتين يستحيل تطبيقة ، إستحالة مطلقة .

واختم وأقول : يا ناس ، يا مسؤولين : إما انه مضحوك عليكم ومش فاهمين ، او فاهمين وبتضحكوا علينا .. ما فيه حل ثالث .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى