مودرن دبلوماسي: مواقف القيادة القطرية برزت كصوت أخلاقي يدافع عن السلام

 

اَفاق نيوز – أكد تقرير لمجلة مودرن دبلوماسي أعده شين ويليامز الباحث المتخصص بشؤون الشرق الأوسط، حمل عنوان «لماذا تعد قطر الشريك الأكثر ثقة واعتمادية لأمريكا؟» جاء فيه أن قطر برزت كحليف أساسي للولايات المتحدة في التوسط في الصراع الدائر في غزة، عطفاً على موقعها الفريد وعلاقاتها الطويلة الأمد لتسهيل الحوار والجهود الإنسانية، وظهرت هذه الشراكة بشكل خاص منذ أحداث أكتوبر الماضي في غزة.

  – وساطة فاعلة

وأوضح التقرير أن قطر لعبت دورا محوريا في التوسط بين الأطراف المتصارعة في صراع غزة، فبعد اندلاع الأعمال العدائية، انخرط المسؤولون القطريون بشكل مباشر مع حماس والإدارة الأمريكية للتفاوض على وقف إطلاق النار وتسهيل إطلاق سراح الرهائن، والجدير بالذكر أن قطر لعبت دورا فعالا في تأمين إطلاق سراح العديد من الرهائن، بما في ذلك مواطنون أمريكيون، من خلال قنوات الاتصال القائمة مع قادة حماس، وحافظ معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية على اتصال منتظم ومستمر مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لمناقشة جهود الوساطة الجارية والحاجة الملحة لخفض التصعيد في المنطقة.

   – سلام مستدام

ولفت التقرير إلى أنه في المناقشات الأخيرة، أكدت الدولتان التزامهما بالعمل معا لتحقيق السلام المستدام، وقد اتسمت الاستراتيجية الدبلوماسية القطرية بقدرتها على التعامل مع جميع الأطراف «حماس، وإسرائيل، والولايات المتحدة» وهو ما سمح لها بالعمل كوسيط موثوق به في المفاوضات التي غالبا ما تكون محفوفة بالتوتر وانعدام الثقة، وقد أقرت الإدارة الأمريكية علناً بمساهمات قطر في التوسط لإحلال السلام في غزة، وأعرب الرئيس بايدن ووزير الخارجية بلينكن عن امتنانهما للجهود الدبلوماسية التي تبذلها قطر، مؤكدين على دورها كشريك رئيسي في تيسير الحوار وتوصيل المساعدات الإنسانية. ويعكس هذا الاعتراف فهماً بأن مشاركة قطر ليست مفيدة فحسب، بل إنها ضرورية لأي تقدم هادف نحو حل الصراع، وعلاوة على ذلك، أكد صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة على التزام قطر بالوساطة وسلط الضوء على جهودها الإنسانية في ظل العنف المستمر. ووصف الوضع في غزة بأنه «حرب إبادة جماعية» ودعا إلى اتخاذ إجراءات دولية فورية لتخفيف المعاناة. وتؤكد مثل هذه التصريحات على موقف قطر كصوت أخلاقي يدافع عن السلام بينما يشارك بنشاط في المفاوضات الدبلوماسية.

   – أدوار متعددة

وعن برامج المساعدات المشتركة بين قطر والولايات المتحدة أوضح التقرير أنه بجانب أدوار الوساطة، تعاونت قطر مع الولايات المتحدة في مبادرات إنسانية مختلفة تهدف إلى تخفيف معاناة المدنيين المتضررين من الصراع، فمنذ عام 2012، قدمت قطر مساعدات مالية كبيرة إلى غزة، بلغت قيمتها نحو 1.49 مليار دولار، بما في ذلك تمويل الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم. وكثيراً ما يتم تنسيق هذه المساعدات مع الجهود الأمريكية لضمان وصول المساعدات إلى من هم في أمس الحاجة إليها مع الحفاظ على الاستقرار داخل غزة، وفي يناير الماضي ساعدت قطر الولايات المتحدة في صياغة اتفاق مساعدات إنسانية سهّل زيادة تدفق المساعدات إلى غزة خلال فترات التصعيد الحرجة، ولا تعالج مثل هذه المبادرات المشتركة الاحتياجات الإنسانية الفورية فحسب، بل وتعزز أيضا الشراكة الاستراتيجية بين الدوحة وواشنطن.

 

 

  – جذور تاريخية

وأوضح التقرير أن أسباباً تاريخية وراء علاقة الثقة المهمة بين الدوحة وواشنطن؛ حيث إن العلاقة بين قطر والولايات المتحدة لها جذور تاريخية عميقة تعود إلى عدة عقود. فمنذ تولي صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني السلطة في عام 1995، سعت قطر إلى ترسيخ نفسها كوسيط في الصراعات الإقليمية مع الحفاظ على علاقات قوية مع القوى الغربية. كما أن وجود قاعدة العديد الجوية – التي تضم آلاف الجنود الأمريكيين – يعزز هذه الشراكة، مما يجعل قطر لاعباً حاسماً في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، وعلى الرغم من التوترات العرضية الناجمة عن اختلاف وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية -وخاصة فيما يتصل بحماس- فقد أظهرت قطر باستمرار التزامها بدعم أهداف السياسة الخارجية الأمريكية من خلال الدبلوماسية والمساعدات الإنسانية. وتتميز هذه الشراكة الدائمة بالاحترام المتبادل والاعتراف بالمصالح الاستراتيجية لكل طرف، وفي الختام، فإن دور قطر كشريك يمكن الاعتماد عليه للولايات المتحدة في حل أزمة غزة يتجلى في جهود الوساطة الفعالة التي تبذلها، ومساهماتها الإنسانية الكبيرة، وتاريخها الطويل من التعاون. وبينما تواصل الدولتان الإبحار عبر هذا المشهد الجيوسياسي المعقد، يظل نهجهما التعاوني ضرورياً لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى