الرئيس .. حظه .. تعيس

عوض ضيف الله الملاحمة

بلغ الهجوم على رئيس الوزراء المكلف مداه . حيث تم النبش في كل زوايا حياته منذ اليوم الأول وقيل فيه ما قال مالك في الخمر ، وأكثر . وأعرف ، بل انا متأكد ان رئيس الوزراء المكلف ، لم يلتفت ، ولم يعبأ بكل ما كُتب عنه لسببين : أولهما : إنشغاله في تشكيل حكومته ، وثانيهما : يبدو لي انه لا يعبأ مطلقاً بردود الافعال الشعبية لأن من طبعه الترفع بمعنييه .

دولة / جعفر حسان ، ظُلم أيضاً من الدولة العميقة التي ساهمت بوصوله الى هذا الموقع الهام والخطير ، فمع انها هي التي رفعته وكافأته بوصوله الى رئاسة الدوار الرابع ، الا انها ظلمته — مع انها كانت تقصد مساندته في تحديد وتوضيح أصوله — الا ان هذه المساندة والمساعدة انقلبت الى لعنة ، لأنه هكذا فبركات لا يمكن ان تنطلي على الشعب الأردني الذي يعشق ويتفنن في البحث عن الجذور . ولو تركوا الأمر دون تدخلهم لكان أفضل ، لأن الناس اعتبروا ذلك تذاكياً عليهم ، بل إستغفالاً واستهجاناً بهم .

ما أود قوله ان من يحمل الجنسية الأردنية فهو أردني . والجنسية تُكتسب بالولادة او بالتجنس . وبعدها تنحصر علاقة المواطن مع وطنه بشيئين إثنين لا ثالث لهما ، وهما : الحقوق ، والواجبات . فعلى المواطن ان يقدم لوطنه ما عليه من واجبات ، وان يحصل على كافة حقوقه المكتسبة من كونه يحمل جنسية الوطن .

وانا شخصياً قناعتي ان لا يُلتفت للأصول كثيراً ، وانما يتم تقييم الفرد بعطائه وإنتمائه للوطن . وان يتم التركيز جيداً على من لديهم إشكالات في أصولهم ، لأن نسبة ليست بسيطة منهم يتعاملون باعتبار الوطن مصدر دخل فيعملوا على تعظيم مكتسباتهم بغض النظر عن مشروعيتها . كما ان بعضهم يتعامل بحقد ، وهذا الحقد يكون دفيناً منذ الطفولة ، ولا يمكنهم تجاوزه لانه شكّل عقدة نقص ربما من كلمة من هنا او تلميحة من هناك حتى ولو حدثت ايام الطفولة البريئة .

أتمنى ان يكون دولة / جعفر حسان بعيداً عن كل ذلك ، وان يكون قادراً على إخراج الوطن من أزماته المتعددة ، وان يتمكن من التعامل مع مجلس النواب بإقتدار بعيداً عن الترغيب والترهيب ، خاصة انه يضم ( ٣٢ ) نائباً من الأخوان المسلمين — وهم الوحيدون الذين يمتلكون مقومات الحزب الفعلي — ومع النواب المتعاطفين معهم قد يصل العدد الى حوالي ال ( ٥٠ ) . وان يتشاور معهم ، أولى ، وأهم من الأحزاب المُعلبة المُصنّعة الفارغة من الفكر . بداية غير موفقة ان يلتقي بممثل حزب له ( ٣ ) نواب ، اذا كان هيك التقييم عنده ، لماذا لم يلتقي ممثلي قبيلتي / الطراونة ، فنحن لدينا ( ٢ ) نائب ؟

في الأردن نحن لا يهمنا ان يكون المسؤول من هارفارد وكمبردج والسوربون ولا غيرها من جامعات الأثرياء لسببين : اولهما : ان الذين تخرجوا من تلك الجامعات فشلوا فشلاً ذريعاً في الأردن . وثانياً : ان تلك الجامعات — لمن لا يعرف — لديها برامج لأبناء الملوك ورؤساء الجمهوريات ، والأثرياء ، وهذه البرامج تثقيفية عامة ، لا يوجد فيها تخصصات بالمعنى العلمي . وعليه تلاحظ انه عندما يفصِّل الخريج تخصصه فانه يجمع بين السياسة ، والاقتصاد ، والعلوم الإجتماعية ، والتاريخ .. الخ . فلم نعد نعوِّل ، ولا ننغر ، ولا نتوهم ، ولا نرجو خيراً منهم ، والتجارب كثيرة جداً ، وكلهم أطاحوا بالوطن ، وهم يشبعوننا تنظيراً ، وفلسفة ، وتبريراً .

لو كنت مكانه — لا سمح الله— لأكتفيت بما وصلت اليه ، واعتذرت ، ( واعطيت المعازيب الخلف ) ، لكن الكرسي عقيم .

الله يعينك يا وطني ، كلما اتى واحداً زاد حِملك ، وحِمل المواطن ، وغادر بسيرة غير طيبة — لكنه لا يعبأ بنا — وينسى ما فعل ، ويستمتع بحياته ، وكأنه لم يفعل شيئاً .

وأختم بأبيات للشاعر / صلاح عبدالعزيز الهقيش ، شعر نبطي ، حيث يقول :—
يللي تسولف لي عن اوضاع الإصلاح / وين الخلل يا صاحبي لو تكرمت
لا تكشف المكنون والسر ينباح / ما تشرح الموضوع مهما تكلمت
وضع الوطن مبطي على هامته طاح / ما عاد فيه كمت يا صاحب الكمت
عشرين عام اللي على خبري صحاح / تصارع الدنيا ورا وما تقدمت
كل ما تطيب جراح تطلع لنا جراح / وحنا نعيش الصمت من وحشة الصمت
ما نفهم الموضوع من وين يا صاح / انا تألم وانت مثلي تألمت
متى يجينا الصبح ما فيه مصباح / احاول افهم حالنا وما تفهمت .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى