حماس.. خطوة سياسية مهمة ومختلفة

 

سميح المعايطة

 

حين كانت بداية ظهور حماس في بداية التسعينيات وحين جاءت قيادة حماس في الخارج من الكويت واستقرت في الأردن، كان من معالم برنامج عملها أنها لن تكرر تجربة منظمة التحرير وفصائلها التي تدخلت في شؤون الدول التي عملت فيها مثل الأردن ولبنان، ودخلت في صراعات مع قوى سياسية واجتماعية ورسمية في تلك الدول واستنزفت نفسها في قتال عسكري وصراعات أخرجتها عن هدفها الأصلي وهو المقاومة وفلسطين، وكان هذا الموقف في حماس يعبر عن فهم عميق للأولويات وتجنب تكرار تجارب سلبية مارستها منظمة التحرير وفصائلها ودفعت مقابلها ثمنا كبيرا.

وخلال فترة العدوان الصهيوني على غزة ظهرت لحماس قوة عسكرية في لبنان قاتلت من الجنوب اللبناني وتم اغتيال قائدها من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وقبلها ومنذ سنوات كان هناك تنظيم لحماس في مخيمات الفلسطينيين في لبنان، بل إن جزءا من قياديي حماس موجودون في لبنان ويظهرون في مؤتمرات صحفية ولقاءات سياسية، فلبنان ساحة مغرية لعمل حماس لوجودها على الحدود مع فلسطين ولنفوذ حزب الله حليف حماس الذي يشكل مظلة سياسية لعمل حماس، وأيضا لوجود مخيمات الفلسطينيين الحاضنة الاجتماعية لحماس وفصائل فلسطينية أخرى، وأيضا للتركيبة السياسية هناك، حيث الدولة هي الحلقة الأضعف في كل ما يخص لبنان.

وقبل يومين أصدرت حماس في لبنان بيانا أعلنت فيه تشكيل “طلائع طوفان الأقصى” تنظيما عسكريا في لبنان ودعت الرجال والشباب هناك للانضمام إليه، وربما في مرحلة لاحقة يكون عنوانا عسكريا للشباب الفلسطينيين من أي دولة في العالم للانضمام إليه وربما أيضا لغير الفلسطينيين.
وكما أشرت في مقال سابق فإن ظهور مقاتلين لحماس وقتالهم ضد إسرائيل من خارج فلسطين يحدث للمرة الأولى، وهو على عكس القناعة التي كانت لدى الحركة في بداية عملها بأن العمل في ساحات خارج فلسطين تجربة سيئة مارستها منظمة التحرير.
إنشاء تنظيم مقاتل في لبنان تطور سياسي قبل أن يكون عسكريا، وربما يكون جزءا من محاولة الحركة التعامل مع نتائج العدوان على غزة حيث من الممكن أن يؤدي العدوان إلى نتائج تتعلق بحجم سيطرتها على غزة أو قدرتها من هناك على استهداف إسرائيل.
وربما يكون الأمر متعلقا بقناعة عند الحركة بأن الضغط على إسرائيل من ساحات أخرى مجاورة لفلسطين مهم عسكريا وتنظيميا، لكن وجود هذا التنظيم العسكري الفلسطيني على ساحة عربية يعني أن قرار هذا التنظيم سيكون في خارج فلسطين وخاصة أن ما بعد العدوان على غزة سيترك أثرا على الوزن المؤثر لقيادة غزة والخارج والضفة وثقل القرار العسكري للحركة.
وإذا كانت لبنان أرضا مناسبة لإعلان حماس عن تشكيل تنظيم عسكري يحمل اسم طلائع طوفان الأقصى لأسباب عديدة مثل الوجود الفلسطيني الحاضنة الاجتماعية وأيضا وجود حليف لبناني وغياب الدولة، فإن الإعلان عن إنشاء هذا الجيش الجديد سيثير تساؤلات وقلقا عند كل الدول والساحات التي تتوفر فيها ولو جزئيا عوامل وظروف إقدام حماس على إنشاء التنظيم المسلح.
إذا كانت قراءة حماس لوضع الحركة في المراحل القادمة في الضفة وغزة من أسباب الإعلان عن تنظيمها العسكري الأول خارج فلسطين، فإن قرار تنشيط ساحات الخارج عند حماس كان قبل أن يكون العدوان، لكنه لم يصل إلى حد إنشاء حالة عسكرية فلسطينية خارج فلسطين، لكن المؤكد أن هذه الخطوة سواء كانت جزءا من التعامل مع نتائج ما يجري اليوم في الضفة وغزة أو لأسباب داخلية أخرى إلا أنها خطوة سياسية مهمة أيضا وربما تعيد إنشاء تجارب فصائل المنظمة قبل عشرات السنين والتي كانت حماس ترى فيها ممارسات تركت أثرا سلبيا على العمل الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى