آفاق نيوز – رغم التطور المذهل الذي تشهده نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، وعلى رأسها (ChatGPT) و(Gemini)، إلا أنها لا تزال عاجزة عن مجاراة الإبداع البشري الحقيقي، خصوصًا في مجال الكتابة الإبداعية، وفقًا لما يشير إليه خبراء اللغة والتقنية.
ويرجع ذلك إلى أن هذه النماذج تعتمد على نماذج لغوية احتمالية – وهي فكرة وضعها كلود شانون عام 1948 – تقوم على توقع الكلمة التالية بناءً على كلمات سابقة. وعلى الرغم من أن هذه الفكرة واجهت رفضًا من رواد اللسانيات مثل نعوم تشومسكي، فإنها شكّلت الأساس الذي انطلقت منه نماذج الذكاء الحديثة، بعد عقود من التطور التكنولوجي وتوفّر البيانات الضخمة والقدرات الحوسبية الهائلة.
الإبداع البشري.. رؤية أصيلة لا يمكن تكرارها
تنتج النماذج النصوص بشكل متماسك عبر تحليل ملايين الجمل والتراكيب السابقة، لكنها في جوهرها تعيد إنتاج ما تم تدريبه عليها، وهو ما وصفه بعض الباحثين بأنه “ببغاوات عشوائية” تعيد تكرار الأنماط وليس توليد أفكار جديدة.
وبينما يُعد هذا مفيدًا لإنجاز المهام الروتينية أو توليد نصوص نمطية، فإن الإبداع الحقيقي لدى الكاتب ينبع من رؤية فريدة ورسالة ذات طابع شخصي لا يمكن للنموذج الآلي الوصول إليها أو محاكاتها بدقة.
الكتابة الإبداعية وهندسة المطالبات.. من يساعد من؟
باتت النماذج اللغوية أدوات مساعدة يمكن للكتّاب الاستفادة منها، خاصة في بناء الهياكل العامة أو تقديم مسودات أولية. ومع تطور ما يُعرف بـ”هندسة المطالبات” (Prompt Engineering)، يستطيع المستخدم الذكي توجيه الذكاء الاصطناعي نحو إنتاج أقرب لما في ذهنه، لكن النتيجة النهائية تظل بحاجة إلى لمسة بشرية.
ويؤكد الخبراء أن هذه الأدوات يجب ألا تحلّ محل التفكير النقدي أو الحس الإبداعي الفريد الذي يميز كل كاتب، بل يجب استخدامها بحكمة كوسيلة تسهم في تسريع العملية أو تحسين بعض جوانبها.
لا سحر هنا.. فقط بيانات ضخمة وأنماط لغوية
ورغم الانبهار الذي يبديه البعض عند التفاعل مع روبوتات الدردشة، إلا أن المتخصصين يلفتون إلى أن ما يجري ليس سحرًا، بل عملية حسابية قائمة على تحليل وتكرار، ما يستدعي وعيًا مجتمعيًا ونظرة نقدية لاستخدام هذه التكنولوجيا دون أن تسلبنا ملكة الإبداع أو التميّز الشخصي.
خلاصة القول:
الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يكون مساعدًا رائعًا للكُتّاب، لكنه لا يستطيع أن يحلّ محلّهم. الإبداع الحقيقي سيظل دائمًا موهبة بشرية خالصة، تعكس تجربة الكاتب، مشاعره، ورؤيته الخاصة للعالم.