على كل الديكتاتوريات .. ان تتلمس نفسها .. وتغير نهجها
عوض ضيف الله الملاحمة
ما الذي يصيب الحكام في العالم الثالث المتخلف ، ويفقدهم صوابهم ، ويتسلحون بغير شعوبهم للبقاء في كراسيهم ؟ ثم لماذا يتجاهلون ، ويحتقرون شعوبهم ، ويستأسدون عليهم مع انه باسمهم يعتلون عروشهم ؟
على كل نظام ديكتاتوري ان يتلمس نفسه ، وان يتفحص طريقة ادارته لوطنه ، وان يغير نهجه ، قبل فوات الأوان . وان يلتفت لشعبه ، وان يتبعوا نهجاً أساسه الإهتمام بشعوبهم . وان يتأكدوا بانه لولا شعوبهم لما اصبحوا حُكاماً . كيف لنظام سمح له شعبه ان يحكمه ان ينقلب ضده ؟ حتى لو كان هذا السماح غير مباشر ، سواء بالصمت ، او الخوف من القمع ، او بالقبول بالواقع المفروض ، او الرضى ولو بدون انتخاب ديموقراطي حضاري ، ولا يلتفت اليهم ، ويراعي مصالحهم ، ويرتقي بهم ويحرص على توفير حياة كريمة لهم .
تكمن مشكلتهم بعدم اخذ العبرة من دكتاتوريات سقطت بعد ان تجبّرت وتغطرست . وقد سجل التاريخ الكثير من الدكتاتوريات التي انتهت بالدم لتتحرر تلك الشعوب من كيد وجبروت وغطرسة تلك الانظمة . يمكن ان تصمت الشعوب وتسكت وتتحمل القهر والضغط والاجحاف والحكم بالحديد والنار ، والصبر على الظلم ، لكن يكون ذلك الى حين . حيث لا بد الا ويأتي الوقت الذي سينتفض فيه هذا الشعب المستكين ليستعيد كرامته ، وحريته ، وثرواته . كل نظام ديكتاتوري يسلب شعبه كرامته وحريته مصيره الزوال — ولو بعد حين — وعلى الاغلب تكون النهاية قاسية بل مُهينة ، دموية ، مأساوية . لماذا تهينون شعوبكم ، وتحتقرونها وتصادرون حرياتها ، وتتبغددون بثروات اوطانكم ، وهم السبب في اعتلائكم عروشكم !؟
لماذا لا تشكرون الله على جزيل نعمائه ، وتكونون مدينون لشعوبكم الذين يسكتون أو يستسلمون ، أو يستكينون لحكمكم غير الديمقراطي ، ويغضون الطرف عن الآليات والسبل التي اتبعتموها للوصول الى حكم اوطانكم ويعطونكم الفرص للتمتع بحكم تلك الاوطان وشعوبها .
شعوبكم هي مصدر حُكمكم ، ومصدر ثرواتكم ، ومصدر الخيرات التي تنعمون بها .
لا يوجد نظام وصل للحكم بدون انتخابات حرة وديمقراطية ، ويتم تداول السلطة فيه الا ويكون ديكتاتورياً . لماذا لا تهنأ تلك الانظمة بما هي فيه ، ووصلت اليه ، وترد الجميل لشعوبها ، ويهنأ الجميع حكاماً وشعوباً بالحرية والديمقراطية والكرامة.
اللهم إحفظ سوريا الحبيبة ، وجنبها التقسيم ، والحرب الأهلية ، ونجِّها من الأطماع الخارجية الصهيونية ، والفارسية ، والعثمانية ، والأمريكية ، والعربية المتصهينة .
يجب على الدكتاتوريات ان تعتبر مما يجري مع شبيهاتها . ويجب ان لا يغيب عن بالهم ان الشعوب كما النهر الجارف اذا انتفضت لا يعيقها ولا يقف في طريقها احد ، حتى الصخور الصلدة التي تعيق مسيرتها فانهاستنحتها لتنطلق مسيرتها وثورتها ونهضتها دون عوائق .
كافة الانظمة في العالم الثالث متخلفة ، متجبرة ، دكتاتورية ، لا تختلف الا في نسبة الطغيان الدكتاتوري فقط . والمهم ان الديكتاتوريات تنحسر ، والظلم سيولي ويندثر مع الزمن ، لانها مسألة وقت فقط . وما على الدكتاتوريات الا ان تتلمس نفسها ، وتغير نهجها قبل فوات الأوان ، والنظام الكيِّس هو من يعتبر بغيره .
وأختم ببعض أبيات من الشعر ذات صلة بموضوع المقال لأن الشعر كما المضاد الحيوي للثورات :—
قال الشاعر / ابو القاسم الشابي :—
إذا الشعب يوماً أراد الحياة / فلا بد ان يستجيب القدر
ولا بد للظلم ان ينجلي / ولا بد للقيد ان ينكسر
وقال الشاعر / نزار قباني :—
مواطنون دونما وطن / مطاردون كالعصافير على خرائط الزمن / مسافرون دون أوراق / وموتى دونما كفن / نحن بغايا العصر / كل حاكم يبيعنا ويقبض الثمن .
وقال الشاعر / ابو القاسم الشابي :—
ألا ايها الظالم المستبد / حبيب الظلام عدو الحياة
سخِرت بأنّات شعب ضعيف / وكفك مخضوبة من دماه
وقال الشاعر السوداني / محمد الفيتوري :—
أصبح الصبح فلا السجن ولا السجّان باقٍ
واذا الفجر جناحان يرفان عليك
وإذا الحزن الذي كحل هاتيك المآقي .G