الحياصات تكتب: المال الأسود تهديد للديمقراطية

*بقلم الدكتورة ميس حياصات*

مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في الأردن، تزداد المخاوف من تأثير المال الأسود على نزاهة وشفافية العملية الانتخابية ويشير المال الأسود إلى تلك الأموال غير المشروعة التي تُستخدم للتأثير على خيارات الناخبين أو توجيه سلوك المرشحين بطرق غير قانونية، مما يُعَدُّ تهديداً مباشراً للديمقراطية ففي هذا السياق، يعد المال الأسود عاملاً خطيراً يُفسد العملية الانتخابية، حيث يقوم بتشويه إرادة الناخبين من خلال شراء الأصوات أو تقديم الرشاوى، سواء كانت نقدية أو عبر تقديم خدمات وسلع، مما يؤدي إلى انتخاب مرشحين لا يعكسون بالضرورة الإرادة الحقيقية للناخبين، بل يتم اختيارهم بناءً على قدرتهم المالية، وليس على أساس الكفاءة أو البرامج الانتخابية.

يتسبب انتشار المال الأسود في إضعاف الثقة العامة في العملية الانتخابية، حيث يشعر المواطنون أن الانتخابات لم تعد تمثل إرادتهم الحرة، بل أصبحت لعبة مالية تتحكم فيها المصالح الخاصة، وهذا قد يدفع بالعديد من الناخبين إلى العزوف عن المشاركة في الانتخابات. بالإضافة إلى ذلك، فإن المرشحين الذين يصلون إلى البرلمان بفضل المال الأسود غالباً ما يكونون عرضة للفساد، حيث يلتزمون بتقديم تنازلات غير مشروعة أو يتورطون في أعمال فساد لخدمة الجهات التي دعمت حملاتهم الانتخابية وهذا الواقع يؤدي إلى اختلال التمثيل في مجلس النواب، حيث يصبح البرلمان غير قادر على التعبير عن مصالح الشعب بأكمله، بل يعكس مصالح ضيقة للأطراف التي تمكنت من شراء النفوذ السياسي.

في هذا السياق، يتعين على الأردن اتخاذ خطوات حازمة لمواجهة هذه الظاهرة السلبية ومن الضروري تفعيل القوانين التي تنظم التمويل الانتخابي، وفرض سقوف واضحة للإنفاق الانتخابي مع تعزيز الشفافية في الكشف عن مصادر التمويل. يجب أيضاً دعم وتقوية المؤسسات الرقابية مثل الهيئة المستقلة للانتخاب، بحيث تكون قادرة على مراقبة العملية الانتخابية بفعالية وكشف أي مخالفات تتعلق بالمال الأسود. بالإضافة إلى ذلك، لا بد من تعزيز وعي الناخبين حول مخاطر هذه الظاهرة من خلال حملات توعية فعالة، تشارك فيها وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، وذلك لتشجيع المواطنين على رفض المال الأسود والالتزام بالتصويت الحر النزيه، كذلك يجب تشجيع الأحزاب السياسية على الالتزام بالقوانين والابتعاد عن الممارسات غير القانونية، والذي يعد خطوة ضرورية لضمان انتخابات تعكس فعلياً إرادة الشعب الأردني.

في الختام، يعتبر المال الأسود أحد أخطر التحديات التي تواجه الانتخابات النيابية في الأردن، لما له من تأثيرات سلبية على نزاهة وشفافية العملية الانتخابية.
إن التصدي لهذه الظاهرة يتطلب جهوداً مشتركة من الدولة والمجتمع لضمان أن تعكس الانتخابات إرادة الناخبين الحقيقية، وأن يكون البرلمان المنتخب قادراً على تمثيل كافة شرائح المجتمع والعمل على تحقيق المصلحة العامة.
إن نجاح الأردن في تنظيم انتخابات نزيهة وخالية من تأثير المال الأسود سيكون خطوة مهمة نحو تعزيز الديمقراطية وتحقيق التنمية المستدامة في البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى