التعليم المهني ..يعززه الملك وتقزمه الوزارة..!

د. مفضي المومني

في الخبر: وزارة التربية تخفض حصص التربية المهنية للمرحلة الأساسية بنسبة 50% من حصتين إلى حصة واحده..!
وفي الاخبار: ومنذ أيام وأشهر وسنين وجلالة الملك وولي العهد في لقاءات وتصريحات مختلفة يؤكدان على تعزيز وتطوير وتفعيل التعليم المهني والتقني و الإرتقاء به لانه الرافعة الحقيقية للاقتصاد والمجتمع والحد من البطالة من خلال تأهيل الشباب لتعلم مهارات العمل والتكنولوجيا المعاصرة.
في الدول المتقدمة: التعليم المهني والتقني له الأولوية والدعم المالي… والمنخرطين فيه يتجاوز عددهم 50% من الملتحقين بالجامعات ولدينا ما زالت النسبة متدنية جداً ولا تصل 8%… !
في الخبر: معالي رئيس المجلس الأعلى للمناهج يصرح بأن هنالك كتب جديدة للتربية المهنية للصفوف الرابع والتاسع والثامن… وكما أعرف صممت لحصتين في الأسبوع… ! والوزارة تقرر تخفيضها لحصة واحدة اسبوعياً… ! فكيف سيتم تدبير الوضع… وأين التنسيق.. ؟!.
كل العالم والعارفين يدركون أهمية التعليم المهني بمراحله الثلاث: ( التعليم المهني كجزء من التعليم العام (االمرحلة الأساسية) ، التعليم المهني لإعداد الفرد لمهنة (المرحلة الثانوية)، التعليم المهني كتعليم مستمر او رفع الكفاءة للعاملين والممتهنين).
التربية المهنية ببرامجها لمن لا يعرف ومن منظور علمي تربوي لماذا وكيف وجدت…؟؟
لعل وعسى أن يدرك اصحاب المعالي والعطوفة وصناع القرار أهميتها: باختصار شديد… ( التعلم هو تغير ثابت ومنتظم في السلوك للافراد؛ والسلوك لأي فرد يظهر على شكل 1- معرفة- الجانب العقلي، 2- موقف أو إتجاه – الجانب الوجداني، 3- مهارة – الجانب النفس حركي أو العملي على شكل حركة أو فعل)
الجانب الأول والثاني المعرفة والاتجاهات موجودة في التعليم وهي الغالبة لأن تعليمنا يعتمد على التحفيظ والتلقين وجانب الاتجاهات وبناء الشخصية بشكل أقل…. أما الجانب النفس حركي او العملي في التعليم فهو الذي يعلمنا المهارات (العملية ببعديها التنفيذي والعقلي)… والمهارات العملية تكون على شكلين 1- مهارات حياتية 2- مهارات متخصصة،
المهارات المتخصصة هي المهارات اللازمة لتعلم مهنة معينة ضمن مستوى معين وتتم بالمرحلة بعد الأساسية أي الثانوية (مدارس ومراكز تدريب مهني).
أما المهارات الحياتية فهي المهارات التي يحتاجها جميع الأفراد لحياتهم اليومية من الإستيقاظ حتى العودة للنوم مساءً… وهي تشتمل كل الحقول والتخصصات… فمنها الصحي والفني والمالي والزراعي… وهي مهارات نمارسها بحياتنا اليومية كنا نتعلمها بالملاحظة والتقليد قبل إدخالها للنظام التعليمي الأساسي بتسميات وطرق تنفيذ مختلفه (التربية المهنية لدينا، التربية التكنولوجية فلسطين ولبنان، المهارات الحياتية سلطنة عُمان… الخ) وهي ليست موجهة لسوق العمل بل لحياة الافراد اليومية.
إذا التربية المهنية كجزء من التعليم العام أوجدتها اليونسكو في مطلع سبعينيات القرن الماضي لتغطي فراغ تعليم جانب المهارات الحياتية في عالم يتقدم بشكل متسارع تكنولوجياً… إضافة لربط الطلبة في المرحلة الأساسية بعالم العمل والإنتاج… وتشكيل موقف وإتجاه نحو مهنة المستقبل مبني على الرغبة والقدرة وكذلك تعليم الأفراد بعض المهارات ليخدموا انفسهم ومن حولهم… وكذلك مساعدة المتسربين من النظام التعليمي للتوجه لمهن تعرفوا عليها.
أيضا موضوع آخر مهم لا يفقهه الكثيرين من المتشدقين بأمور التربية والتعليم المهني: الدراسات التربوية والنفسية تقول إن التربية المهنية تتطور لدي الأفراد من خلال مراحل مرتبطة بالعمر(نشر الوعي، التهيئة، الإستكشاف، الإعداد؛ المراحل الثلاث الأولى تتم من الصف الأول إلى العاشر، مرحلة الإعداد تتم بعد العاشر أي الثانوية).
إضافة لكون التعليم المهني كجزء من التعليم العام (Pre- Vocational Education)
هو البرنامج الأول لبرامج التعليم المهني ومقدمة لتأسيس وتوجيه الأفراد نحو تعلم المهن وتطورها لديهم، فأهمية وجوده ودعمه وتطويره يبررها كل ما سبق وهو الجزء الأساسي لتفعيل وتطوير التعليم. المهني والتقني والهندسي وبالتالي تشكيل هرم القوي العاملة لتزويدنا بالخدمة والمنتج وهو كل ما نحتاجه بحياتنا وفي كل العالم.
ويبدو أن أصحاب القرار لا يدركون كنه وماهية التربية المهنية… فيتم تقزيمها… أحد الوزراء ألغاها من الصفوف الأول للثالث…بحجة ثقل الحقيبة المدرسية..! والآن وزارة التربية تقزمها لحصة أسبوعية يتيمة بحجة الرقمنه…! وقد يأتي وزير لاحقاً ليلغيها لأسباب خنفشارية…! مع أهميتها… وحاجتها لحصص أكثر وبالذات حصص العملي وأعرف أن هنالك مشاغل تربية مهنية في الكثير من المدارس لا تفعل ولا تستخدم وبعضها مغلق إلى حين.
أعتقد أن على وزير التربية والوزارة وأصحاب القرار العودة عن قرارهم… لأنه يخالف ولا يتماهى مع توجهات الملك والدولة الأردنية والممارسات العالمية ولا يخدم توجهاتنا لتطوير وتعزيز التعليم المهني والذي يتفق الجميع على أهميته… لا أعرف كيف يمرر مثل هذا القرار الذي يقزم التربية المهنية ويسحب البساط من تحت التوجهات الملكية…! وتوجهاتنا جميعاً وشعورنا بمشكل التعليم ومخرجاته المغرقة بالتخصصات التي تغذي سوق البطالة… وتزيد فقرنا ومشاكلنا الإجتماعية والإقتصادية، بدلاً من تعزيز برامج التعليم المهني… وزيادة المنخرطين فيه…!.
بح صوتنا وكأننا ننفخ (بقربه مخزوقه)… التوجهات بواد والقرارات بواد آخر… وابشر بطول سلامة يا مربع..!… .حمى الله الأردن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى