أربعة من أصل تسعة من أعضاء المحكمة الدستورية يقررون عدم دستورية الفقرة 4 من المادة 291 من قانون أصول المحاكمات الجزائية

اَفاق نيوز – في الحكم رقم 7 لسنة 2024 الصادر عن المحكمة الدستورية الأردنية، جاء في قرار المخالفة الصادر عن أعضاء المحكمة الدستورية الأردنية الأربعة (د. أكرم مساعـده وتغريد حكمت وأ.د. ميساء بيضون وباسل أبو عنزة) ما يلي:

((نخالف الأكثرية المحترمة فيما انتهت إليه، وندوّن رأينا كالآتي:

من حيث الشكل فإن الطعن مقبول لتقديمه من طرف من أطراف الدعوى وله مصلحة متحققة في إثارته في الدعوى الموضوعية التي أعطى فيها المُشرّع الحق لوزير العدل بعرض إضبارة الدعوى على محكمة التمييز بصريح نص البند الأول من المادة (291) من قانون أصول المحاكمات الجزائية والذي نصّه “إذا تلقى رئيس النيابة العامة أمرا خطيا من وزير العدل بعرض اضبارة دعوى على محكمة التمييز لوقوع إجراء فيها مخالف للقانون أو لصدور حكم أو قرار فيها مخالف للقانون ، وكان الحكم أو القرار مكتسب الدرجة القطعية ولم يسبق لمحكمة التمييز التدقيق في الإجراء أو الحكم أو القرار المطعون فيه فعليه أن يقدم الاضبارة إلى محكمة التمييز مرفقة بالأمر الخطي وأن يطلب بالاستناد إلى الأسباب الواردة فيه إبطال الإجراء أو نقض الحكم أو القرار”.

وأن الغاية من هذا العرض تصحيح الخطأ في الإجراءات أو لصدور الحكم على غير مقتضيات القانون، وهذا العرض يعني كما هو واضح من النصّ أن الدعوى تُبسط أمام محكمة التمييز بأطرافها وبيناتها وأسباب وحيثيات الحكم الصادر فيها، فالأطراف هم ذاتهم الأطراف في الدعوى الموضوعية. وأن العرض هذا لا يغير من صفة الأطراف الحقيقيين في الدعوى، إضافة لذلك فإن القضاء الدستوري كما هو معروف قضاء هدفه ترسيخ المشروعية الدستورية ولا يُغلّب الشكل على الموضوع في قضائه في سبيل تحقيق هذا الهدف، ولا يجوز التشبث به للالتفات عن النظر في الموضوع تحقيقاً للهدف الذي أُنشئ القضاء الدستوري لأجله.

وفي الموضوع:

فإنه وبعد الاطلاع على سائر الأوراق والوثائق المضمومة للملف التمييزي والطلب المقدم لمحكمة التمييز فإننا نجد أن المادة (291) من قانون أصول المحاكمات الجزائية تنص على:

إذا تلقى رئيس النيابة العامة أمرا خطيا من وزير العدل بعرض اضبارة دعوى على محكمة التمييز لوقوع إجراء فيها مخالف للقانون أو لصدور حكم أو قرار فيها مخالف للقانون، وكان الحكم أو القرار مكتسب الدرجة القطعية ولم يسبق لمحكمة التمييز التدقيق في الإجراء أو الحكم أو القرار المطعون فيه فعليه أن يقدم الاضبارة الى محكمة التمييز مرفقة بالأمر الخطي وأن يطلب بالاستناد الى الأسباب الواردة فيه ابطال الإجراء أو نقض الحكم أو القرار.

ويحق لرئيس النيابة العامة إذا طلب منه ذلك المحكوم عليه أو المسؤول بالمال أن يميز الأحكام والقرارات القطعية الصادرة في القضايا الجنحوية عن محكمة الاستئناف لنفس الأسباب والشروط المبينة في الفقرة السابقة.

إذا قبلت المحكمة الأسباب المذكورة تنقض الحكم أو القرار أو تبطل الإجراء المطعون فيه وفي مثل هذه الحالة يلاحق عند الاقتضاء ضابط الضابطة العدلية أو القضاة المسؤولون عن مخالفة القانون.

ليس للنقض الصادر عملا بأحكام الفقرة (1) أو الفقرة (2) من هذه المادة أي أثر إلا إذا وقع لصالح المسؤول بالمال أو المحكوم  عليه.

وأن الجهة الطاعنة تنعى على الفقرتين المذكورتين مخالفتهما لنصي المادتين (6) بفقرتيها (3،1) و (101) فقرة (1) من الدستور استناداً للأسباب الواردة في طلبها السالف ذكرها ونجد أن المادة (6) من الدستور تنص على:

الأردنيون امام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين.

………………………

تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود امكانياتها وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الأردنيين.

وأن المادة (101) من الدستور تنص على:

  1. المحاكم مفتوحة للجميع ومصونة من التدخل في شؤونها.

ورداً على ما أوردته الطاعنة في أسباب الطعن حول الفقرة (2) من المادة (291) المشار اليها فإن من المستقر عليه في قضاء محكمتنا أن الأعمال التشريعية من قوانين وأنظمة تصدر متمتعة بقرينة الدستورية، وأنه لا يقضى بعدم دستورية النص المطعون فيه إلاّ إذا كان التعارض واضحاً

بين النص المطعون بعدم دستوريته وبين النص الدستوري.

كما أن من المبادئ المستقرّة أن القضاء الدستوري هو قضاء رقابة على دستورية النصوص القانونية بما يكفل حماية نصوص الدستور وليس قضاء ملاءمة النصوص القانونية التي يتبناها المُشرّع، فإن هذه الرقابة رقابة مشروعية لا رقابة ملائمة.

وحيث أن السلطة التشريعية هي صاحبة الاختصاص الأصيل في التشريع، وصاحبة الحق في وضع التشريع اللازم لتنظيم أي موضوع وأن كل تنظيم تشريعي لا يصدر عن فراغ، ولا يعتبر مقصوداً لذاته، بل لإنفاذ أغراض يتوخاها بعينها في المفاضلة التي يجريها بين البدائل المختلفة تحقيقا للمصلحة العامة والأهداف المرجوّة فإن له حق المفاضلة والمواءمة والموازنة بين مختلف هذه البدائل تحقيقاً لهذه الأهداف.

وهذا ما انتهجه المشرع في الفقرة (2) من المادة (291) أعلاه ضمن الصلاحيات الممنوحة له في سياق ممارسته لسلطته المذكورة ، الامر الذي تنأى به هذه الفقرة عن أية شبهة دستورية.

وأما عن الفقرة (4) من المادة (291) المشار إليها نجد أن الجهة المدعية تنعي عليها منح المحكوم عليه الاستفادة من نتيجة الحكم (حكم النقض) حيث رتبت أثراً مباشراً للنقض إذا وقع لصالحه في حين حرم النص المجني عليه والمدعي بالحق الشخصي ذلك.

ونجد أن هذا النعي وارد إذ أن هذه الفقرة ميّزت بين أطراف الدعوى الجزائية بحيث حرمت المجني عليه (المشتكي) من الاستفادة من حكم النقض في حين أنها منحت الجاني (المشتكى عليه) بصورة تحكمية وتمييزية افضلية على خصمه في المنازعة ذاتها.

وحيث أن من المستقر عليه فقها وقضاء بان العلة من وجود الطعن بأمر خطي هي تحقيق مصلحة عامة تتمثل بتوحيد الاجتهاد القضائي وسلامة تفسير وتطبيق القانون وضمان تحقيق التوازن في المصلحة العامة وصولاً لسيادة القانون وبحيث لا تخل بالمساواة بين طرفي المنازعة القضائية.

وحيث أن الدستور أقام سياجاً فرض بمقتضاه الحماية للحقوق والحريات على اختلافها لمنع الالتفاف عليها، وأن الصلاحية المعطاة للمشرع بتنظيم استعمال هذه الحقوق بموجب القوانين يمكن اعتبارها تفويضاً للمشرع بتنظيم استعمال الحقوق بشكل لا ينال من جوهر هذه الحقوق أو المساس بها. وأنّ إجراءات تنظيم ممارسة هذه الحقوق لا يجوز أن تنال من الضوابط التي نص عليها الدستور أو تنال من الحقوق التي يصونها ويحميها وفقاً للمادة (128/1) منه سواء بنقضها أو انتقاصها. بمعنى أن سلطة المشرع هذه لا يجوز لها أن تتجاوز التنظيم إلى إهدار الحق أو مصادرته بأي شكل من الأشكال، فإذا حصل التجاوز كان ذلك خروجاً على أحكام الدستور وخرقاً لأحكامه.

وحيث أن حق التقاضي مبدأ دستوري أصيل، وترك للمشرع العادي أمر تنظيم هذا الحق شريطة مراعاة الوسيلة التي تكفل حمايته والتمتع به وعدم الانتقاص منه، وتمكين المواطنين من ممارسة حرياتهم وحقوقهم، دون تجاوز لحدوده ولا مخالفة للتفويض الذي يضمن تمكين المواطن من استنفاذ كافة الطرق والوسائل التي تضمن له حقوقه بشكل كامل ومنها حق التقاضي على درجتين وحيث ان حق التقاضي لا تكتمل مقوماته أو يبلغ غايته ما لم يكن للخصومة في نهاية مطافها حلا منصفا يمثل الاستفادة من الطعن. ذلك أن الخصومة القضائية غايتها تحقيق فائدة عملية ومنفعة يقرّها القانون باندماج الطعن في حق التقاضي، واعتباره جزءاً من مكوناته، ولا ينفصل عنه وإلا فقد هذا الحق مغزاه وآل سرابا.

وحيث أنه وإن كان الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، فإن هذه السلطة لا يجوز أن تنال من الحقوق التي كفلها الدستور، وإلا كان ذلك عدوانا وإهداراً لمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص. ذلك أن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون المنصوص عليه في المادة (6/1) من الدستور يعتبر الركيزة الأساسية للحقوق والحريات وأساساً للعدل والسلم الاجتماعي، غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة التمييز بين الافراد.

كما أنه من المقرر أن طرق الطعن في الأحكام أو التظلم منها أو القرارات الصادرة في الخصومة ، لا تعتبر مجرد وسائل إجرائية ينشئها المشرع ليوفّر من خلالها سبل تقويم اعوجاجها بل هي في واقعها أوثق اتصالا في الحقوق التي تتناولها سواءً في مجال إثباتها أو نفيها دون تمييز بين المواطنين الذين تتماثل مراكزهم القانونية.

وحيث أن ما يصون مبدأ المساواة هو ارتباط النصوص القانونية التي يتضمنها مع الاغراض المشروعة التي يتوخاها فإذا قام الدليل على انفصال هذه النصوص عن اهدافها كان التمييز انفلاتا لا تبصر فيه.

وحيث إن الفقرة (4) من المادة (291) المطعون بعدم دستوريتها قد تضمنت استثناء يعصف بحق المجني عليه (المشتكي) من الاستفادة من الحكم (حكم النقض) الصادر بمقتضاها ويضع الجاني في مركز قانوني مُمَيّز دون أن يستند هذا التمييز إلى حجّة مبرّرة، مما يفقد هذه الوسيلة الغاية التي شُرّع النص من أجلها، ويعتبر تضييقاً لمداه وعصفاً لمحتواه ومنح حصانة للجاني من الملاحقة امام عدالة القضاء إذا كان الحكم في غير صالحه.

وحيث إن مهمة القضاء الدستوري هي الرقابة على دستورية النصوص الصادرة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية بما يكفل التطبيق السليم الذي يهدف حماية النص الدستوري ويحول دون اقتحام حدوده أو التعدي على تخومه. وأن العدالة الدستورية ليست عدالة معصوبة العينين وأن المحكمة الدستورية كافلة لحقوق المواطنين وحرياتهم عماد عملها الشرعية الدستورية.

وبناءً على كل ما سبق، وتكريسا للنهج الذي اتبعته المحكمة الدستورية في مجال ترسيخ مبدأ المساواة وصون الحقوق والحريات العامة وفقاً لأحكام الدستور، فإن المحكمة تجد أن الطعن بعدم دستورية الفقرة (4) من المادة (291) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني وتعديلاته رقم (9) لسنة 1961 واقع في محله، الأمر الذي يترتب عليه اعتبارها مخالفة لأحكام المواد (6/1) و (101/1) و (128/1) من الدستور.

وعليه فإننا نرى خلافاً لرأي الأكثرية:

أولاً: عدم دستورية الفقرة (4) من المادة (291) من قانون اصول المحاكمات الجزائية الاردني وتعديلاته رقم (9) لسنة 1961 ونصّها:

“ليس للنقض الصادر عملا بأحكام الفقرة (1) أو الفقرة (2) من هذه المادة أي أثر إلا إذا وقع لصالح المسؤول بالمال أو المحكوم عليه.”

ثانياً: رد الطعن فيما عدا ذلك.

مما اقتضى تدوين هذه المخالفة موقعة منا في اليوم السابع عشر من شهر محرم لعام (1446) هجري ، الموافق لليوم الثالث والعشرين من شهر تموز لعام (2024) ميلادي))

هذا ويذكر أن قرار الأكثرية الصادر عن أعضاء المحكمة الدستورية الأردنية الخمسة (رئيس المحكمة محمد المحادين والأعضاء “محمد طلال” الحمصي وهاني قاقيش ومحمد اسعيّد وحسين القيسي) جاء فيه ما يلي:

((نظرت المحكمة في الطعن المقدم من الطاعنة شركة الرشاد للاستثمارات الصناعية، وكيلها المحامي د.نوفان العجارمة، للدفع بعدم دستورية الفقرتين (4،2) من المادة (291) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (9) لسنة 1961 لمخالفتها لاحكام المادتين (6/1) و(101/1) من الدستور.

وبعد الإطلاع على كافة الأوراق  والقرارات التي تضمنها الملف الوارد من محكمة التمييز تنفيذاً لقرارها المؤرخ في 6/3/2024 الصادر في الطلب رقم (1/ط/2024) المتضمن احالة الدفع بعدم دستورية نص الفقرتين (4،2) من المادة (291) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (9) لسنة 1961 الى محكمتنا يتبين:

ان المستدعية شركة الرشاد للاستثمارات الصناعية كانت وبتاريخ 21/3/2023 قد تقدمت بواسطة وكيلها المحامي د.نوفان العجارمة بشكوى خطية لمدعي عام عمان بمواجهة المشتكى عليه عمار محمود عبد القادر أبو ناموس، حيث سجلت الشكوى قضية تحقيقية برقم (3245/2023 ) وباشر المدعي العام التحقيق فيها.

وبتاريخ 11/4/2023 قرر المدعي العام اعتبار شركة الرشاد للاستثمارات الصناعية مشتكية، واعتبار عمار ابو ناموس مشتكى عليه بجرم إساءة الأمانة خلافاً لأحكام المادة (423/4) من قانون العقوبات، واحالة الاوراق لقاضي صلح جزاء عمان حسب الاختصاص.

نظرت محكمة صلح جزاء عمان في الدعوى رقم (7226/2023) وبعد استكمال اجراءات التقاضي قررت بتاريخ 19/11/2023 اعلان عدم مسؤولية المشتكى عليه عن جرم اساءة الامانة المسند إليه كون فعله لا يشكل جرماً ولا يستوجب عقاباً.

لم يقبل مدعي عام عمّان بهذا الحكم فطعن فيه استئنافاً لدى محكمة عمان الابتدائية بصفتها الجزائية التي بدورها اصدرت بتاريخ 31/12/2023 قرارها رقم (5821/2023) قررت فيه قبول الاستئناف موضوعاً وفسخ القرار المستأنف واسقاط دعوى الحق العام عن المستأنف ضده عمار ابو ناموس عن جرم اساءة الامانة المشددة لانقضاء المدة القانونية لسماعها.

بتاريخ 8/2/2024، وبكتابه رقم (7/10/ن/26/2695) طلب وزير العدل من رئيس النيابة العامة سنداً لاحكام المادة (291) من قانون اصول المحاكمات الجزائية عرض ملف دعوى محكمة بداية جزاء عمان بصفتها الاستئنافية رقم (5821/2023 ) وملف دعوى محكمة صلح جزاء عمان رقم (7226/2023 ) المتعلقة بالمستدعية شركة الرشاد للاستثمارات الصناعية على محكمة التمييز لنقض القرار الصادر فيهما للاسباب الواردة في الطلب.

بتاريخ 11/2/2024 وبكتابه رقم (30/2024/349) عرض رئيس النيابة العامة الملفين المشار اليهما على محكمة التمييز طلب نقض الحكم موضوع الطلب ، وسُجل الطلب برقم (1058/2024).

وبتاريخ 18/2/2024، تقدمت المستدعية شركة الرشاد للاستثمارات الصناعية بواسطة وكيلها المحامي د. نوفان العجارمة بالطلب رقم (1/ط/2024) موضوعه عدم دستورية الفقرتين (2و4) من المادة (291) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

وبتاريخ 6/3/2024 اصدرت محكمة التمييز قرارها في الطلب المذكور والمتضمن قبول الطلب واحالة الدفع بعدم دستورية نص الفقرتين (2 ، 4 ) من المادة (291) من قانون اصول المحاكمات الجزائية الى المحكمة الدستورية للفصل فيه.

وبتاريخ 31/3/2024 ورد الطعن لمحكمتنا وسُجل بالرقم (5/2024).

تنفيذاً لمقاصد البندين (1 ، 2 ) من المادة (12) من قانون المحكمة الدستورية رقم (15) لسنة 2012 وتعديلاته، تولت رئاسة المحكمة إرسال نسخة عن قرار الإحالة الصادر عن محكمة التمييز إلى كل من السادة:

رئيس الـــــــــوزراء.

رئيس مجلس الأعيان.

رئيس مجلس النــواب.

بمقتضى الكتب المؤرخة في 07/04/2024، والمنتهية بالأرقام (217،218،219).

بتاريخ 21/4/2024 ورد كتاب رئيس الوزراء رقم (م ح1/22283) تاريخ 18/4/2024 مرفقاً به صورة عن مذكرة رئيس ديوان التشريع والرأي المؤرخة في 17/4/2024 والتي انتهت إلى أن الطعن مردود شكلاً وموضوعاً حيث أن المادة المطعون بعدم دستوريتها تتفق وأحكام الدستور، وأن الأسباب التي قدمت للطعن بعدم دستوريتها لا ترد عليها وتستوجب الرد، وطلب اعتبار ما ورد بالمذكرة رداً على أسباب الطعن وفقاً لأحكام المادة (12/ب/2) من قانون المحكمة الدستورية رقم (15) لسنة 2012 وتعديلاته.

بتاريخ 18/7/2024 ورد  طلب من المحامي الدكتور نوفان العجارمة لرد عضو المحكمة الدستورية السيد “محمد طلال” الحمصي لم يدفع عنها التأمين المنصوص عليه قانوناً  وحفظ في ملف الدعوى.

بالتدقيق نجد أن المادة (291) من قانون أصول المحاكمات الجزائية تنص على ما يلي:

“1- إذا تلقى رئيس النيابة العامة أمراً خطياً من وزير العدل بعرض اضبارة دعوى على محكمة التمييز لوقوع اجراء فيها مخالف للقانون أو لصدور حكم أو قرار فيها مخالف للقانون، وكان الحكم أو القرار مكتسب الدرجة القطعية ولم يسبق لمحكمة التمييز التدقيق في الاجراء أو الحكم أو القرار المطعون فيه فعليه أن يقدم الاضبارة الى محكمة التمييز مرفقة بالأمر الخطي وأن يطلب بالاستناد الى الأسباب الواردة فيه ابطال الاجراء أو نقض الحكم أو القرار.

2-  ويحق لرئيس النيابة العامة إذا طلب منه ذلك المحكوم عليه أو المسؤول بالمال أن يميز الاحكام والقرارات القطعية الصادرة في القضايا الجنحوية عن محكمة الاستئناف لنفس الاسباب والشروط المبينة في الفقرة السابقة.

3- إذا قبلت المحكمة الأسباب المذكورة تنقض الحكم أو القرار أو تبطل الإجراء المطعون فيه وفي مثل هذه الحالة يلاحق عند الاقتضاء ضباط الضابطة العدلية أو القضاة المسؤولون عن مخالفة القانون.

4-  ليس للنقض الصادر عملا بأحكام الفقرة (1) أو الفقرة (2) من هذه المادة أي أثر إلا إذا وقع لصالح المسؤول بالمال أو المحكوم عليه.”

باستعراض النص سالف الذكر نجد أن الطعن بأمر خطي يقدم من رئيس النيابة العامة في حالتين هما اذا تلقى أمراً خطياً من وزير العدل أو إذا طلب منه ذلك المحكوم عليه أو المسؤول بالمال.

وهذا الطعن هو لعرض اضبارة الدعوى على محكمة التمييز لوقوع اجراء فيها مخالف للقانون أو لصدور حكم أو قرار فيها مخالف للقانون ،وأن يكون الحكم أو القرار مكتسباً للدرجة القطعية ولم يسبق لمحكمة التمييز التدقيق في الإجراء أو الحكم أو القرار المطعون فيه.

وأن  طلب النقض بأمر خطي هو طريق طعن غير عادي واستثنائي توخى المشرع من خلاله تدارك وتصويب أي خطأ في تطبيق القانون او مخالفة الاجراءات او صدور حكم مخالف للقانون ، فالنقض بناءً على امر خطي هو طريق استثنائي للطعن خلافاً للقواعد العامة ، فلا يجوز اللجوء اليه الا اذا سدت ابواب الطعن العادية وهو مقصور على الاحكام المكتسبة للدرجة القطعية والتي لم يسبق لمحكمة التمييز التدقيق فيها ، فهو طعن لمصلحة القانون ، وقد استند هذا النص الى قاعدة موضوعية تتمثل في توحيد المبادئ القانونية في المنازعات المنظورة امام المحاكم لاستقرار المراكز القانونية لاطراف هذه المنازعات وقد حصر المشرع ممارسة هذا الحق برئيس النيابة العامة وذلك بأمر من وزير العدل أو بطلب من المحكوم عليه او المسؤول بالمال، وعليه فإن رئيس النيابة العامة هو الممثل في هذه الدعوى وهو الطرف الوحيد في هذا الطعن غير العادي.

وفي ضوء ما تقدم، نجد أن المادة (60/2) من الدستور تنص:

” في الدعوى المنظورة أمام المحاكم يجوز لأي من اطراف الدعوى إثارة الدفع بعدم الدستورية وعلى المحكمة إن وجدت أن الدفع جدي تحيله إلى المحكمة الدستورية وفق أحكام القانون.”

كما أن المادة (11/أ) من قانون المحكمة الدستورية تنص:

“لأي من أطراف دعوى منظورة أمام المحاكم على إختلاف أنواعها ودرجاتها الدفع بعدم دستورية أي قانون أو نظام واجب التطبيق على موضوع الدعوى. ”

وحتى تبسط محكمتنا رقابتها على الطعن الماثل فإنه لا بد أن تتصل بالطعن اتصالاً دستورياً وقانونياً بحيث يرد الطعن الى محكمتنا مستوفياً لشرائط تقديمه ولجميع عناصر قبول الدعوى الدستورية، وأن يتم ذلك مع مراعاة ما نصت عليه المادتان المشار إليهما باعتبار أن ذلك من القواعد الأصولية من حيث وجوب أن يقدم الدفع (من طرف في الدعوى).

وحيث أن الجهة التي قدمت هذا الدفع هي المشتكية في الدعوى الجزائية الصلحية رقم (7226/2023) صلح جزاء عمان والتي يقتصر دورها بحسب احكام قانون أصول المحاكمات الجزائية على تسمية البينة لتتولى النيابة بعد ذلك متابعة دعوى الحق العام وليس للمشتكية أي دور في الطعن في الحكم الصادر في القضية الجزائية ما لم تكن مدعية بالحق الشخصي فحينئذٍ يحق لها فقط استئناف الشق المتعلق بدعوى الحق الشخصي، أما النقض بأمر خطي الذي يقدم وفق احكام المادة (291) من قانون اصول المحاكمات الجزائية ، فهو طريق طعن استثنائي كما سبق أن أشرنا ونفعاً للقانون.

وحيث أن المشتكية ليست طرفاً بطلب النقض بأمر خطي الأمر الذي يجعل تقديم الدفع بعدم دستورية الفقرتين ( 2 ،4 ) من المادة (291) من قانون اصول المحاكمات الجزائية مقدماً ممن لا يملك حق تقديمه لانتفاء الصفة ، مما يتعين معه رد هذا الطعن شكلاً لمخالفته لاحكام المادتين (60/2) من الدستور و(11/أ) من قانون المحكمة الدستورية.

وفيما يتعلق بطلب رد عضو المحكمة  السيد ” محمد طلال ” الحمصي ودون الحاجة لبحث مدى قانونية هذا الطلب، وحيث توصلت محكمتنا لرد الطعن بعدم الدستورية شكلاً على النحو الذي سبقت الإشارة إليه ، مما يتعين رده شكلاً.

لهذا نقرر رد الطعن شكلاً.

حكماً صدر بالأغلبية  في اليوم السابع عشر من شهر محرم لعام (1446) هجري الموافق لليوم الثالث والعشرين  من شهر تموز لعام (2024) ميلادي)).

 

مركز إحقاق للدراسات القانونية

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button