صعوبات كبيرة للشركات الصغيرة في ظل هيمنة الكيانات الضخمة

افاق نيوز – ثمة لحظة في كل عام تسمع فيها سوق الأسهم الأمريكية صدى صوت الشركات الأصغر. حلت هذه اللحظة في نهاية يونيو مع التغييرات السنوية التي تطرأ على مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة.

وتولد إعادة تشكيل مختلف مؤشرات «راسل» قفزة بنحو 50 % بإجمالي حجم التداول اليومي في السوق الأمريكية، مع تعديل الصناديق البالغة قيمتها 10.5 تريليونات دولار وتتبع مجموعة مؤشرات «فوتسي راسل» للأسهم الأمريكية لحيازاتها.

لكن لم يمثل ذلك سوى تعزية بسيطة لمتابعي الشركات الصغيرة التي عاشت أوقاتاً عصيبة في الآونة الأخيرة وتراجع أداؤها مقارنة بنظيراتها الكبيرة. ومن حيث اهتمام المستثمرين، فقد تاهت تماماً وسط الاهتمام الهائل بأسهم الشركات الكبيرة مثل «إنفيديا» التي تبلغ قيمتها منفردة قيمة كل الأسهم المدرجة في مؤشر «راسل 2000» تقريباً.

وقال ستيفن دي سانكتيس، الخبير الاستراتيجي في الأسهم الأمريكية بشركة «جيفريز»: أجريت رحلتان إلى أوروبا خلال الأشهر الخمسة عشر الماضية أو نحو ذلك، وتحدثت إلى مستثمرين أوروبيين لضخ القليل من المال بسوق أسهم الشركات صغيرة رأس المال في الولايات المتحدة. لكن ليس لديهم الحافز لفعل ذلك، وأوضح أن وجهة نظرهم تتمثل في: «لِمَ نبتعد عما يثبت نجاحه ونضخ استثمارات في أمر لسنا متأكدين أنه سينجح؟».

ينطبق الأمر ذاته على المناقشات التي خضتها مع الكثير من المستثمرين الأمريكيين، التي تميل إلى العودة إلى احتمالات تخطي «إنفيديا» لتوقعات الأرباح من جديد. لكن يبقى هناك من يتحدثون عن منافع الشركات الصغيرة.

ويرى فيليب غرينبلات، مدير المحفظة وكبير المحللين لدى «إيسترلي إنفستمنت بارتنرز»: تعد الشركات الصغيرة أداة رائعة للتنويع، وهي أكثر سيولة مقارنة بالكثير من فئات الأصول البديلة، مثل صناديق التحوط وشركات الأسهم الخاصة والعقارات.

وحتى بالنسبة لغير المستثمرين، فالشركات الصغيرة تستحق الاهتمام، إذ تقدم الشركات الصغيرة مؤشرات أفضل في كثير من الأحيان عن الاقتصاد الحقيقي مقارنة بالشركات العملاقة التي بإمكانها الاستفادة من الاتجاهات القوية السائدة، مثل التلهف الحالي وراء الشركات المستفيدة من الذكاء الاصطناعي التوليدي.

كما تعد حالة سوق الشركات الأصغر مهمة من وجهة نظر استثمارية. وغالباً ما يشير المصرفيون إلى مؤشر «راسل 2000» وليس «إس آند بي 500» باعتباره معياراً قياسياً يساعدهم عند طرح الشركات للاكتتاب العام، بما أنه المؤشر السوقي الذي من المرجح انضمام غالبية الشركات حديثة الإدراج إليه.

وحقق «راسل 2000» مكاسب نسبتها 1 % حتى الآن هذا العام مقارنة بتحقيق «إس آند بي 500» مكاسب قدرها 16 %. وبالنسبة لمكوناته من بعد تعديلات يونيو، فهي تتراوح بين «إف تي إيه آي أفييشن» البالغة قيمتها 10.7 مليارات دولار والتي تعمل بمجال صيانة محركات الطائرات النفاثة وتفوق أداؤها على «إنفيديا» على مدى العام الماضي، و«ريتشاردسون إلكترونكس» التي تأسست قبل 77 عاماً وتتخصص في توزيع المعدات المتخصصة وتبلغ قيمتها 160 مليون دولار.

وإذا ما قارنت التحركات التي طرأت على «راسل 2000» و«إس آند بي 500» على مدى ستة أشهر، لوجدت أن أداء الشركات الصغيرة كان متراجعاً مقارنة بنظيراتها الأكبر حجماً بهذا القدر من السوء في مرحلتين أخريين منذ طفرة «دوت كوم» عام 2000. وحتى في ذلك الحين، لم يكن الأداء بالكاد بهذا السوء.

وعلى المدى الطويل، تميل العوائد من الشركات الكبيرة والصغيرة عادة إلى أن تتشابه بصورة كبيرة. إذن، ما الذي قد يغري المستثمرين بالتوجه صوب سوق الشركات الصغيرة هذه المرة؟ ربما يكون تحلي المستثمرين بقدر من اليقين حيال توقيت وحجم خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة أبرز عامل من شأنه اجتذاب المستثمرين إلى السوق.

وذكر بيتر كراوس، مؤسس شركة «أبريتشر إنفستورز» للإدارة النشطة للأصول: إما سيخفض الفيدرالي الفائدة لأننا نتجه إلى ركود، أو لأن التضخم يتراجع وبإمكاننا إعادة تحفيز النمو الاقتصادي. وأوضح: ستشهد أسهم الشركات الكبيرة أداءً جيداً إذا كنت تعتقد بدنو الركود. وإن لم يحدث، فسترتفع أسهم الشركات الصغيرة على نحو كبير للغاية.

ويتوقع محللون انتعاش أرباح الشركات الصغيرة في وقت لاحق من هذا العام وحتى 2025، مع اتضاح التوقعات الاقتصادية. وقال براد ماكغيل، زميل كراوس ومدير محفظة الشركات الصغيرة لدى الشركة: لم يتوفر بعد لدى المستثمرين سبب للتحرك، مضيفاً: يتمثل الخطر في الوقوع في فخ الاعتقاد بأنه يمكنك الشراء عند بلوغ الأسهم قاعها، لكن غالبية الناس ليس بمقدورهم فعل ذلك. وتكمن مشكلة الانتظار في أن هذه الفجوات تغلق سريعاً، وفق المعايير التاريخية.

إن إعلان أرباح الربع الثاني يلوح في الأفق وقد يغير من طريقة التفكير. وإن لم تظهر الشركات الصغيرة التحسن المتوقع للنتائج في وقت لاحق من هذا العام، فمن المرجح أن تتباطأ أرباح الكثير من الشركات الكبيرة الأثيرة.

وقال ستيفن دي سانكتيس: لا ينكر أحد أنها شركات رائعة. لكن يتعلق السؤال بما ستدفعه لقاء هذا، وتابع: سيتوفر لديك خيار إذا اتسع نمو الأرباح. وسيكون بإمكانك حينها إيجاد شركات تحقق أرباحاً تفوق 9 % وتتداول أسهمها عند مستويات بخسة للغاية. لذا، ابق عينيك مفتوحتين لمراقبة أي انتعاش يحققه «راسل 2000» مع مضي العام. وتوحي المؤشرات بازدياد الاهتمام حتى الآن بهذه السوق، ما يعني تحولات كبيرة في تفكير المستثمرين.

جينيفر هيوز

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button