العين السنيد يكتب: تباشير مرحلة سياسية قادمة
افاق نيوز – كتب العين علي السنيد
لم يكن مستغربا بأن يشوب تشكل الحالة الحزبية الراهنة في الأردن بعض الخلل، او ان تتقدم المصالح الفردية احيانا، وترتكب بعض الأخطاء، والتي هي من طبيعة التجربة نفسها حتى تنضج وفقا لمعطيات الواقع، ولا شك ان الأحزاب التي تخالف المصلحة العامة ستزول من المشهد الوطني ، وتبقى القادرة على تجسيد الإرادة الشعبية الحقيقية.
وهذا النقد المباح لمواقع الخلل في عمل الاحزاب بقدر ما يؤشر الى ضرورة تصويب الواقع الحزبي فهو قطعا لا يستهدف تعميم الجانب السلبي على الجميع ، والضرب صفحاً عما تم إنجازه على هذا الصعيد، او اغفال الجهود الوطنية الكبيرة التي بذلت في سبيل الوصول الى هذه المرحلة السياسية المهمة، والمدعومة بتوجيهات ملكية جلية ، وذلك بدءا من حالة التوافق الوطني في اللجنة الملكية التي شكلت لتحديث المنظومة السياسية، ومرورا بتشريع القوانين اللازمة لها، ووصولا الى تصدي النخبة السياسية الى صناعة الهياكل الحزبية، وتوفيق أوضاعها طبقا لقانون الأحزاب الحديث، وبوقت قياسي.
والكل يدرك أهمية إعطاء المهلة الكافية حتى تتمكن هذه المؤسسات الوطنية من التموضع في الحياة العامة، وتصويب الأخطاء التي رافقت عملية تشكلها السريع، ومواجهة التحديات التي ستبقى تظهر لها على ارض الواقع، وإمكانية إيجاد مصار تمويل لازمة لها، وكي تنضج هذه التجربة التي يناط بها مهمة تحديث الدولة، وتجديد دورتها السياسية.
ولكي تترسخ الروابط الحزبية العامة في اركان المجتمع ، وتقود رؤيته الى المستقبل، وتعبيد الطريق الى المواطنة ، ولانجاح الخيار الاستراتيجي الذي اتخذته الدولة الأردنية بكافة مؤسساتها الدستورية، ولا رجعة عنه.
والاحزاب التي تقام على أساس برامجي تصنع الفارق في حياة الناس، وتساهم في نهضة دولها، ومجالات التقدم فيها، والتجارب العملية ماثلة امامنا في دول العالم الديموقراطي .
وكذلك هي الاداة المثلى لتأهيل الاجيال المتعاقبة سياسيا، وخرطها في الحياة العامة، وابراز قدرات السياسيين الحقيقية، وتحويل المطالب الشعبية الى برامج قابلة للتنفيذ.
وبذلك يصل المؤهلون الى مواقع المسؤولية على أساس من كفاءتهم .
والاحزاب تنظم حركة الجماهير، والية تعبيرها عن ارادتها ، وكيفية ممارسة الناس لحرياتهم بضوابط دستورية.
وتتحول هذه الهيئات الوطنية الى وسيلة للاندماج الوطني، ووقف تنامي الجهوية، والمناطقية في احشاء المجتمع.
والاحزاب تفرز في سياق نشاطها العام برامج تتعلق بالصحة والتعليم والنقل والزراعة وكافة شؤون ومتطلبات الحياة العامة، ومن المهم منحها الوقت الكافي للوصول الى ذلك .
وهي تمثل الرابطة العامة التي تعزز من قيم الدولة ومثلها العليا ، وتسعى بالوسائل المشروعة للتعبير عن تطلعات الناخبين.
والاحزاب في البرلمان تنشأ الكتل البرلمانية على اساس برامجي وفكري وبذلك يتاح المجال لكي تتشكل الحكومات على قاعدة الاغلبية والاقلية البرلمانية، وتتحول الاغلبية البرلمانية الى اغلبية برامجية، وليس اغلبية تصويتية.
وبذلك تكون العملية السياسية معبرة عن ميول وتطلعات الناخبين، ومزاجهم السياسي في كل دورة انتخابية.
ومع مرور الزمن تترسخ قواعد العمل السياسي السلمي والمشروع، ولا يعود خرق القانون شكلاً من اشكال الاحتجاج ، و تتطور وسائل التعبير السلمي ، وممارسة الحريات العامة.
ومن المهم ان تتغير الصورة النمطية للأحزاب في بلدنا ، والتي عليها ان تراعي التطور ، والحداثة، وان تحاكي متطلبات المستقبل.
وهي اليوم امام تحد كبير لانجاح الانتخابات النيابية القادمة، والتي تبشر بانتقاله مهمة في العمل الحزبي.
وعليها ان تبرز دور الشباب الذين هم عماد الاحزاب، ومادتها الأولى، وذلك لان اكبر المطالب هي لدى جيل الشباب، وهم الذين يبحثون عن فرصهم في الحياة ، وينشدون العدالة والمساواة، ويطالبون الدولة بمنحهم وتيرة الامل ، وتوفير متطلبات الحياة الكريمة لهم.
ولا شك ان صوتهم هو الاعلى، ولديهم قلق مشروع حول المستقبل.
ونحن نريد ان نذهب الى حياة حزبية حرة، وفاعلة، وان تفتح الاجواء الوطنية لهذه الاحزاب لحصر المطالب الشعبية، وتحويلها الى برامج واقعية تحاكي مختلف شؤون الحياة.
وعلى الاحزاب ان تنفتح بصورة جلية على المجتمع الاردني رجالا ونساء ، وان تفسح المجال مشرعا للأجيال الشابة لرفد وتعزيز الحالة الحزبية الراهنة.
والكل مدعو لالتقاط المبادرة الملكية التاريخية التي شرعت بها الدولة الاردنية، ولانجاح هذا التوجه الوطني الكبير في تحويل الاحزاب الى دائرة الفعل السياسي، والى مركز العمل الوطني.