ديمقراطية جامعاتنا .. مثل .. ديموقراطيتنا
عوض ضيف الله الملاحمه
لا أدري ان هكذا جامعات هي مصنع للفكر ام للبلطجة والأفعال المتخلفة المُعيبة !؟ كيف تسمح ادارة الجامعة لعدد من الطلبة المتخلفين فكرياً وحضارياً ان يعيثوا فساداً وتشويها في صرح تعليمي يعتبر هو أم الجامعات الأردنية !؟
لا أظن ان من بينهم ولا طالب واحد من المتفوقين دراسياً ، ربما هم ممن حصلوا على مقعد جامعي بدون وجه حق . من شوهوا إسم أم الجامعات الأردنية يجب ان يتم إجتثاثهم من جامعة لا يليقون هم بها أبداً .
يبدو ان هؤلاء لم يسمعوا بقدسية الحرم الجامعي . كما يبدو ان ادارة الجامعة لم تُفهِمهم ذلك . للحرم الجامعي في الجامعات المحترمة قدسية خاصة يستحيل التطاول عليها او تجاوزها . واليكم بعض الأمثلة : كنت طالباً في جامعة بغداد ، وتخرجت منها عام ١٩٧٥ . وكان رئيس الجمهورية العراقية آنذاك المهيب / احمد حسن البكر ، وكان يزور الكليات زيارات سرية — ولأن عدد طلبة جامعة بغداد حوالي ( ٨٠ ) ألف طالباً وطالبة ، تم فصل الكليات في مبانٍ متباعدة — وفي إحدى المرات كان يزور كلية الإدارة والإقتصاد ، وإحتراماً لقدسية الحرم الجامعي ، كان يرافق الرئيس مرافقة الخاص وحده ، ويلبس زياً مدنياً ، ويُسلِّم مسدسه عند بوابة الكلية . وفي احدى المرات ، وبينما كان الطلبة يعودون لقاعات الدراسة بعد فسحة قصيرة ، وهم يصعدون الدرج ، تمازح إثنان منهما — وهما أردنيان بالمناسبة — ( فدفش ) أحدهما الآخر ، فإذا به يصطدم برئيس الجمهورية المهيب / احمد حسن البكر ، تفاجأ عندها الطلبة وقاموا بالسلام عليه .
وأورد مثلاً ثانياً على قدسية الحرم الجامعي :— كان محافظ بغداد السيد / خير الله طلفاح ، وكان خال الشهيد الحي / صدام حسين محافظاً شديداً في تطبيق النظام . ولأن بعض الطلبة لا يصومون شهر رمضان المبارك ، فكان الشرطة يتواجدون خارج اسوار الكليات للقبض على من يخرج من الحرم الجامعي وهو يأكل شيئاً . كما كان من اجراءات الجامعة انه اذا تشاجر طالبان داخل الحرم الجامعي كان يتم فصلهما فصلاً نهائياً حتى لو بقي على تخرجهما أياماً معدودة ، ويتم ختم ملفيهما بالشمع الأحمر، حتى لا يُقبل في جامعة اخرى ، ويخسر السنوات التي إجتازها .
أرى ان هناك قصوراً واضحاً ، وإستسخافاً ، وإستخفافاً مقيتاً لقدسية الحرم الجامعي . لأنه لو تم فصل الطلبة الذين تسببوا بهذه الفوضى المعيبة مرة واحدة ، لما أقدم أحد عليها . ولما تكررت هذه الحادثة المُشينة لصرح علمي مرموق . لأن من أمِن العقوبة ، أساء الأدب ، كما يقول المثل .
عندما كنت طالباً في المرحلة الثانوية في مدرسة الكرك الثانوية كان من اقرب اصدقائي صديقين شيوعيين وانا قومي الفكر . وكذلك وانا في جامعة بغداد كان أحد أقرب أصدقائي شيوعي الفكر وانا قومي ، ولم نختلف يوماً رغم التناقض بين الفكرين . وكنا نتقبل الإختلاف والتنوع الفكري والديني والإثني والعرقي ، كنا نتقبل الآخر برحابة صدر كما هو ، مفترضين انه يتقبلنا كما نحن أيضاً .
أرى ان على إدارة الجامعة ان تتخذ أقصى ، وأقسى العقوبات المتمثلة في فصل الطلبة الذين تسببوا في هذا الفعل الرديء الذي يسيء لكافة الجامعات الأردنية ، لا بل ويسيء لسمعة وطننا الحبيب . وإذا لم تجرؤ على إتخاذ هذا القرار الحازم ، الحاسم ، فإنها تعتبر محرضة ، ومشجعة له ، بشكل غير مباشر بسكوتها ، وسيتكرر هذا المشهد المقيت سنوياً ، وسيعزف الطلبة العرب عن القدوم للدراسة في الجامعات الاردنية ، مما يؤدي لإنهيار السياحة التعليمية ، المتردية أصلاً بسبب هذه الحوادث المعيبة . وحتى لا تصبح الانتخابات الديموقراطية في الجامعات الاردنية ، كما ديمقراطيتنا في الإنتخابات النيابية التي تنحدر وتتردى مع مرور الزمن وتكرار الانتخابات .