ستة أيام .. بعد الستين .. والعرب نِيام .. ومتخاذلين

 

عوض ضيف الله الملاحمه

لم يشهد التاريخ الإنساني عامة تخاذلاً مثل التخاذل العربي والإسلامي الحالي . شيء يبعث على الخجل . وضع ينافي الرجولة . ويتعارض مع مشاعر العروبة . وضعٌ مُخزٍ لكل من يسري في شرايينه دم العروبة .

الشارع العربي يغلي . وتساوى ، ان لم يزد عليه في الغليان شوارع العالم كافة . شعوب العالم كلها تصرخ ، وتناشد ، وتتبرأ من حكامها . أحرار العالم إنتفضوا — دون أي فضلٍ لأي عربي — بل إنتفضوا بعد ان زالت عنهم غشاوة الإعلام الصهيوني الذي يسيرِّ ويسيطر على الإعلام في أغلب دول العالم ، سواءً بالسيطرة او الغطرسة اوالكذب الصهيوني ، او بالخنوع والتبعية كما حال الإعلام العربي . شكراً لوسائل التواصل الإجتماعي التي حررت عقول الأحرار في دول الغرب الذين كانت تسيرهم وتسيطر عليهم ماكينة الإعلام الصهيونية . ولا شُكر لأي إعلامٍ عربي لتخاذله ، وتخلِّف أدائه وتبعيته ، إستكمالاً وإنسجاماً مع تبعية النظام العربي الرسمي . ويضاف الى التبعية التخلّف ، لدرجة انه أحياناً تُبثّ برامج موجهة لنا العرب لتقنعنا بقضيتنا ، ويا ليتها تحظى على الأقل بمشاهدة الرؤساء ، لربما حظيت بإقناع رئيسٍ واحدٍ . لأن الغالبية المطلقة من الشعب العربي لا زالت تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها المركزية الأولى .

ويا ليتها تُقنع السلطة الفلسطينية على الأقل — غير الوطنية — بعدالة قضيتها ، لعلها تحوّل خيانتها للقضية من التفاخر الى التستر ، لكن الله لا يستر مفضوحاً يعلن للعلن ويتفاخر بأنه ملتزم بالتنسيق الأمني مع العدو ، ويساهم إما في قتل المناضلين او زجهم في غياهب سجون العدو .

حاول النظام الرسمي العربي الخائف ، الخائب ، التابع ، الذليل أن يتخفى وراء قمتين عربية وإسلامية . وصدرت أوامر أسيادهم لهم بإلغاء القمة العربية . وتفصحنوا ، وحاولوا خِداع الشعب العربي بدمج القمتين ، فتمخض الرؤساء وولِدوا خُذلاناً وخيبة .

غزة العِزة دُمرِت بأكملها . قَلب العدو عاليها سافلها . وأصبحت طاردة ، وغير قابلة للحياة . فلا مستشفيات ، ولا مدارس ، ولا حتى طرقات قابلة للسير ولو راجلاً فيها ، عدا عن تدمير الشوارع ، ولا مساكن ، ولا محلات تجارية ، ولا مصادر مياة ، ولا مصادر كهرباء ، ولا طعام ، ولا أدوية . غزة العزة أصبحت جثة هامدة الا من شيءٍ من كرامة ، وبطولة تُسَطَّرْ . والشهداء يقتربون من ال ( ٢٠,٠٠٠ ) الفاً ، والإصابات بعشرات الألوف . والمهجرون بلغوا ( ٨٠ ٪؜ ) من السكان .

وبعد القمة ، لم يعُد هناك لا لَمّه ، ولا مشاورات ، ولا حتى إتصالات . وإعتَبروا انهم قدّموا ما يقدِرون عليه . وتبين أن الأوامر صدرت لهم بالتزام الصمت ، بما تشبه اوامر تلفزيوناتهم ، وهي ( الإخراس ) ، كم تثيرني هذه الكلمة ، يا ريت يستبدلوها بكلمة ( mute ) مع أنها غير عربية ، وهم كذلك ليسوا عرباً .

لو لم يكونوا عرباً متصهينين ، لما إستكانوا للذِلة ، والمهانة . لأن اليهود غير الصهاينة يسيّرون مظاهرات في دول العالم . حتى يهود نيويورك منذ بدء الحرب على غزة وهم لم يغادروا الشوارع ، وتظاهروا امام الكونغرس الأمريكي . وللعلم عدد يهود نيويورك لوحده يقارب عدد سكان غزة . ليس هم لوحدهم بل ( ٦ ) منظمات يهودية غير صهيونية تعارض قيام الكيان ، ويدعون ربّ العباد في صلاتهم لزوال الكيان . وغالبية الدول العربية تمنع حتى الدعاء على الكيان .

كيف يطيق الرؤساء العرب ، ويقبلون ان يضعوا أنفسهم بهكذا وضع مُهين !؟ كيف يقبلون ان يكونوا بلا غيرة ، ولا تعاطف ، ولا خجل ، ولا وجل ، ولا دمّ ، ولا حياء ، ولا عروبة ، ولا قيم ، ولا نخوة !؟ هل تفرغوا لملذاتهم ، ونشواتهم ، وشهواتهم ، وثرواتهم !؟

ويشرفني أن أختم بما هو أبلغ وأعمق من مقالي ، قصيدة زودني بها ابن العم الغالي الرائع الأستاذ / طارق عبدالكريم الملاحمه ، قصيدة للشاعر الكبير الأصيل / محمد فناطل الحجايا ، شاعر التفعيلة ، والفصحى ، والفصيحة ، والحُرّ ، والنبطي ، والبدوي ، إضافة لجزالة اللفظ ، والإنتقاء الحصيف للمفردة ، لدرجة ان بعض مفرداته تشعر انها تصيبك كما الطلقة . وأداء / فرقة شباب الحجايا للسامر . حيث تلتقي روعة الشاعر ، وتميز الفرقة ، مع سمو الغاية ، كلها تمازجت مع أصالة وعراقة قبيلة الحجايا التي أفتخر بها . وعنوان القصيدة : يلي تنشدني عن غزة :—
يلي تنشدني عن غزة ،
شوف القنابل ترزه ،
عكف الشوارب ما هزه ،
إجرام الطاغي وذنوبه .

هذا الإجرام الصهيوني ،
تنفيذ مخطط ماسوني ،
وأكثر عربنا مرهوني ،
حتى الإرداة مسلوبة .

ما واحد ناشد عن ذنبه ،
والغرب المجرم يدعم به ،
جميع إجرامه يعلم به ،
ويستر عليه بثوبه .

غزة عتبها ع اللي ،
بروس المناصب متعلي ،
لكن عميل ومنذلي ،
عسى عباته للكوبه .

عتبها على ابو عمامه ،
اللي دوخنا بإسلامه ،
والسنه تشهد ع إجرامه
تهديده للغرب إكذوبه .

لأمريكا بالموت ينادي ،
الموت لكل الأعادي ،
يذبح بالسنه وكادي ،
والغرب الظالم محبوبه .

يا غزة مالك غير الله ،
لا ترجي فزوع الأذِلّه ،
أكثر عربنا محتله ،
لو البيارق منصوبه .

والفزعه لا ترجي فيهم ،
النتن ياهو واليهم ،
خُدام ويأمر عليهم ،
حفظوا التوراه ويقروا به .

اللي من غزة متبري ،
صهيوني بالحبل السري ،
من الكرامة متعري ،
مهما الشعار يغنوبه .

شاهدنا كبار الجرايم ،
والغرب المتحضر نايم ،
وإحنا قصيد وشتايم ،
والقدس الطاهر فازوا به .

شبعنا ذل وهزايم ،
والغرب المجرم متلايم ،
علينا شد العزايم ،
وكبار الربع يهلوبه .

يوم عن الدين إنتحينا ،
من كاس الذلّ إرتوينا ،
خالفنا منهج نبينا ،
يالربع تلزمنا توبه .
ملاحظة :— لتكتمل روعة القصيدة ، لا بد من سماعها مع أدائها ، سوف أنشر رابط القصيدة مرفقة بنهاية المقال .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى