تركيا.. لماذا تحتدم المنافسة الانتخابية في إسطنبول؟
بدأ الناخبون الأتراك البالغ عددهم 61 مليونا التصويت الأحد لاختيار رؤساء بلدياتهم في انتخابات تشكل اختبارا لإدارة الرئيس رجب طيب أردوغان العازم على استعادة اسطنبول بعد هزيمة 2019.
ففي تسعينيات القرن الماضي شكّل انتخاب أردوغان رئيسا لبلدية إسطنبول الكبرى محطة بارزة على صعيد مشواره السياسي.
ورغم وقوفه الآن “في الكواليس” مقدما الدعم من الخلف ما يزال اسمه حاضرا وكأنه المرشح الفعلي الذي ينافس أكرم إمام أوغلو قائد دفة “الشعب الجمهوري” أكبر أحزاب المعارضة.
وألقى أردوغان (70 عاما) بكل ثقله في الحملة الانتخابية فجاب البلد البالغ عدد سكانه 85 مليون نسمة إلى جانب مرشحي حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه وعقد مهرجانات انتخابية بوتيرة وصلت أحيانا إلى أربعة مهرجانات في اليوم.
معركة اسطنبول
خاض أردوغان شخصيا معركة مرشحه لاسطنبول مراد كوروم، وهو وزير سابق يفتقر إلى الشعبية، غالبا ما يظهر في لافتاته إلى جانب الرئيس.
ويسعى أردوغان عبر هذه الانتخابات الثأر للإهانة التي تعرض لها بهزيمة حزبه عام 2019 أمام رئيس البلدية المنتهية ولايته أكرم إمام أوغلو في العاصمة الاقتصادية للبلاد أحد أبرز معاقل حزبه.
ويرى مراقبون أنه في حال إعادة انتخاب أكرم إمام أوغلو، فإن ذلك سيُكسبه نقاطا في الانتخابات الرئاسية لعام 2028.
والسبت، قبل يوم من الانتخابات، عقد أردوغان 3 تجمعات انتخابية في إسطنبول، القسطنطينية السابقة التي يصفها بأنها “الجوهرة، الكنز، قرّة عين أمّتنا” والتي كان رئيس بلديتها في التسعينات قبل أن يصبح رئيسا لتركيا.
وخلال تلك التجمعات، تحدث مجددا عن “أوجه القصور” لدى إمام أوغلو الذي وصفه بأنه شخص طموح لا يكترث كثيرا لمدينته و”رئيس بلدية بدوام جزئي” مهووس بالرئاسة.
وقال قبل توجّهه للصلاة في مسجد آيا صوفيا “أُهملت إسطنبول على مدى السنوات الخمس الماضية. نحن نسعى لإنقاذها من كارثة”.
ورغم أنّ استطلاعات الرأي تشير إلى تقدّم طفيف لرئيس البلدية المنتهية ولايته، فإن ذلك لا يعني أنّ فوزه محسوم أو شبه محسوم في الانتخابات البلدية، لا سيّما أنّ فوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية في مايو جاء مخالفا للتوقعات.
معارضة مشتتة
وخلافا للانتخابات البلدية التي أجريت عام 2019، فإن المعارضة هذه المرة مشتتة. لم يتمكن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، من الحصول على دعم الأحزاب الأخرى، سواء في إسطنبول لصالح إمام أوغلو أو في أي مدينة أخرى في تركيا.
أما حزب الشعوب الديموقراطي “ديم” الموالي للأكراد فيخوض الانتخابات البلدية بمفرده مجازفا بالخسارة أمام الحزب الحاكم المهدد هو نفسه في بعض المناطق بحزب ينيدن رفاه (الرفاه الجديد) الإسلامي.
من جهته، أكد رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل السبت فيما كان يقوم بجولة في مدينة إزمير الواقعة في غرب البلاد والتي يتوقع أن تبقى بيد المعارضة مثل العاصمة أنقرة “سنحقق غدا انتصارا عظيما لن يكون هزيمة لأحد (…) ففي النهاية، تركيا هي التي ستنتصر”.
وفي إسطنبول، حرص إمام أوغلو على التحدث فقط عن قضايا محلية معددا الإنجازات التي حققها والتي سيحققها.
وفي بلد يواجه تضخما نسبته 67 % على أساس سنوي وانهيارا في عملته (من 19 إلى 31 ليرة مقابل الدولار في عام)، قد يميل الناخبون إلى إعطاء الأفضلية لمعارضي إردوغان.
بالنسبة إلى المراقبين، سيكون لنسبة المشاركة التي عادة ما تكون مرتفعة، دور حاسم لا سيما في إسطنبول إذا تحرّك الناخبون بأعداد أقل لدعم إمام أوغلو.
وقال بيرم بالتشي، الباحث في “مركز الدراسات والبحوث الدولية” في باريس، “إذا تمكن إمام أوغلو من الانتصار، سيكون فاز بمعركته داخل المعارضة لترسيخ نفسه” كمرشّح رئيسي للانتخابات الرئاسية المقبلة.
لكن على عكس ذلك “إذا تمكن أردوغان من الفوز باسطنبول وأنقرة، سيرى (الرئيس التركي) ذلك بمثابة تشجيع لتعديل الدستور بهدف الترشح في العام 2028” لولاية رابعة.
وفي المدن الكبرى، سيختار الناخبون رؤساء بلدياتهم وكذلك أعضاء المجالس البلدية ورؤساء بلديات المناطق والمخاتير.
وستغلق مراكز الاقتراع عند الساعة 17:00 (14:00 غرينتش) في غرب تركيا ومن المتوقع ظهور أولى النتائج في نهاية النهار.