د. صالح ارشيدات : الاستيطان الصهيوني في الايدولوجية الاسرائيلية

د. صالح ارشيدات

أضحى تفشي الاستيطان الصهيوني في الأراضي العربية المحتلة هو رأس الحربة للدولة الإسرائيلية، ويروجون أن شرعية الاستيطان مستمدة من شرعية إسرائيل، وهو العائق المادي الافتراضي أمام تحقيق السلام وتفعيل حل الدولتين المتعارف عليه دولياً حيث يوجد قرابة 800 ألف مستوطن في القدس والأراضي المحتلة في الضفة الغربية، وأضحى المستوطنون قوة سياسية واجتماعية فاعلة في المجتمع الإسرائيلي مع تنامي أعداد المستعمرات وتكررت اعتداءاتهم اليومية المسلحة على المواطنين العرب العزل وعلى المسجد الأقصى.

وقد حذر الملك عبدالله الثاني من تنامي هذه الاعتداءات، مما ينذر بحرب أهلية قادمة، وبات لهم حضور في صفوف الأحزاب الحاكمة وفي الجيش والقضاء والاعلام ومختلف مؤسسات الدولة، أمثال افيغدور ليبرمان والوزير سموتريتش وبن غفير وموشى فبغلين وهم ليسوا ضمن نسق واحد ولكنهم يشتركون في هدف الاستيطان لاهداف سياسية وايدولوجية تحت مسمى ارض إسرائيل الكاملة هدفه الاستيلاء على الأرض واستيطانها وطرد السكان العرب الأصليين وقد يصبحون قريبا تنظيم عسكري امني معترف به وجزء من النظام السياسي الإسرائيلي. ودعا وزراء حكومة نتنياهو الحالية ايتمار بن غفير وسموتريتش قبل أيام إلى عودة المستوطنين اليهود إلى قطاع غزة لإعادة الاستيطان فيها ومحاربة الفلسطنينيين.

تشهد الايدولوجية الإسرائيلية تغيراً واضحاً في الخطاب الإسرائيلي حول مستقبل الأراضي المحتلة في الضفة الغربية وغزة المحتلتين منذ عام 1967، بعيداً عن قرارات مجلس الأمن الدولية 242 المتعلقة بالانسحاب من الأراضي المحتلة وهي أساس اتفاقات السلام مع العرب، وأصبح الأقرب إلى استخدام المبررات الأيدولوجية الدينية لشرعنة عملية تهجير العرب وتوسيع الاستيطان في الأراضي المحتلة وتعزيز مكانة المستعمرات في الايدولوجية والسياسة الإسرائيلية، وخصوصاً بعد سن قانون القومية اليهودية العنصري عام 2018 حيث تراجعت الأحزاب الكبيرة منذ انتخابات عام 1999، مثل حزب العمل وحزب كاديما وبرزت الأحزاب الدينية القومية مثل التوراه اليهودية الموحدة والمفدال الصهيونية الدينية وغيرها التي تغلغلت بعضها في صفوف الليكود (الحزب الحاكم)، كما تزايد ترسيخ العلاقة الإدارية بين المستوطنين والمؤسسة العسكرية والأمنية، بعد ان اصبح بعض المستوطنين الحزبيين وزراء في الحكومات المتعاقبة كما يتم ربط اقتصاد المستوطنات بالحوافز وبالاقتصاد الإسرائيلي.

والاستيطان برأي الأحزاب الدينية القومية التي تحكم الان، بعد انقسام المجتمع الاسرائيلي هو المجال الحيوي لبقاء الامة اليهودية ولا يمكن فصل هوية الدولة الإسرائيلية عن حركة الاستيطان والتوسع وتفريغ الأرض من سكانها الأصليين، ويعتقدون أن شرعية الاستيطان مستمدة من شرعية إسرائيل منذ بدايات قيام الدولة اليهودية وهو جزء من بنية الدولة وفكرها وممارساتها وطموحها ورؤيتها ومستقبلها وهو ثابت وليس متحولا في المشروع الاستيطاني الإسرائيلي وقد لاقى ولا يزال يلاقي دعماً سياسياً ومالياً وثقافياً كبيراً من اللوبي الصهيوني العالمي وبالتحديد من اللوبي الصهيوني الأميركي.

برزت فكرة الصهيونية الجديدة وهو التوجه الصهيوني الجديد الذي يعتبر ان فكرة الوعد الإلهي مصدرا شرعيا لاحقية اليهود في ارض إسرائيل (يهودة والسامرة) وبالتالي يجب التخلص من الفلسطينيين الذين اعتدوا عليها، فالتوجه الصهيوني الجديد هو توجه فكري ليبرالي علماني وديني مستحدث متجدد يحمل في طياته أفكارا قديمة ولكنه متطرف ولديه زخم وانصار كما حدد الفكر الليكودي الديني موقفه من مكانة العرب الفلسطينيين تحت الاحتلال في حقهم بحكم ذاتي فقط ولا سيادة لهم على الأرض، واعتبروا الضفة الغربية هي أرض الإباء والأجداد وأرض «التوراة»، وحق وواجب ديني لهم ولا مكان للفلسطينيين فيها ولا مكان لحل الدولتين.

يتلقى الاستيطان دعماً سياسياً ومالياً وثقافياً من اللوبي الصهيوني العالمي ويعد اللوبي الصهيوني الأميركي أكبر داعم سياسي واقتصادي للاستيطان، ويشكل يهود الولايات المتحدة المجموعة الأهم والأكثر تأثيراً في سياسة الدولة الأميركية، ويشكلون بعداً سياسياً اقتصادياً استراتيجياً فائق الأهمية لإسرائيل خصوصاً بعد انتصار إسرائيل في حرب1967، حيث ينظر إليها كشريك استراتيجي يعتمد عليه في الدفاع عن مصالح اميركا وعن الأمن القومي الأميركي في العالم، وقدمت الولايات المتحدة لإسرائيل منذ عام 1946 وحتى 2023 مساعدات تنموية رسمية وتبرعات أهلية ما قيمته 260 مليار دولار.

الراي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى