اقتصاديون: الأردن يواجه تحديات متنوعة بعملية استقطاب الاستثمارات
أكد اقتصاديون، أن الأردن يواجه تحديات متنوعة بعملية استقطاب الاستثمارات، جراء ضعف آليات الترويج، خاصة وسط المنافسة القوية من دول المنطقة، فيما لا تزال البيروقراطية وضعف الشفافية وعدم وضوح الكلف عقبات أمام المستثمر المحلي والأجنبي.
وقالوا في تصريح صحفي لوكالة الأنباء “بترا”، إن الاستثمار يعد ركيزة أساسية في بناء الاقتصاد الوطني وهو المحرك الأساسي له، وأن ضعف الآليات الترويجية للاستثمار تشكل عاملا رئيسيا في إعاقة عجلة النمو الاقتصادي.
وأضافوا أن الآليات الترويجية الحالية تتسم بعدم الوضوح وقلة الشفافية، مما يجعل البيئة الاستثمارية غير ملهمة للمستثمرين العرب والأجانب، وهذا يتطلب من الجهات المعنية إعادة هيكلة شاملة للسياسات والإجراءات، بحيث تكون أكثر جاذبية وفعالية في تحفيز التوجيه الاستثماري.
وأكدوا أن تحديث وتبسيط اللوائح وتخفيف البيروقراطية يعدان من السبل المؤكدة لتعزيز الجاذبية الاستثمارية، داعين الحكومة إلى تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص وتقديم حوافز ملموسة للمستثمرين، مما يعزز الثقة ويجذب رأس المال.
وأشاروا إلى أن تعزيز آليات الترويج للاستثمار في الأردن يتطلب جهدًا مشتركًا بين القطاعين العام والخاص، من خلال اعتماد سياسات شفافة ومحفزة، وتحقيق هذه التغييرات سيسهم بشكل كبير في تحسين البيئة الاستثمارية ودفع عجلة التنمية الاقتصادية في المملكة.
الحاج توفيق: زيادة المخصصات المالية ودعم الاستثمار المحلي
وأكد رئيس غرفتي تجارة الأردن وعمان خليل الحاج توفيق، ضرورة تطوير آليات ترويج الاستثمار في المملكة لتحقيق النجاح والإنتاجية المستدامة، مقترحا تشكيل لجنة ثلاثية متكاملة متعددة القطاعات، تجمع بين القطاعين العام والخاص، وتضم ممثلين من وزارة الاستثمار وسلطة منطقة العقبة وهيئة المناطق التنموية، وغرف الصناعة والتجارة ومجموعة من المستثمرين الناجحين، بالإضافة إلى السلطة التشريعية ممثلة باللجان المالية والاستثمار في مجلس الأمة.
وبين الحاج توفيق أن هذه اللجنة الثلاثية تهدف إلى عمل جولات في الدول الرئيسة مثل السعودية والإمارات وتركيا ومصر، للترويج للفرص الاستثمارية في المملكة، وإطلاعهم على قانون البيئة الاستثمارية الجديد والحوافز التي وفرها، ورؤية التحديث الاقتصادي وما تتضمن من مشاريع وبرامج متاحة.
وشدد على أهمية أن تتسم هذه اللقاءات بالشفافية والاعتراف بالأخطاء الماضية، لإعادة جسور الثقة بين المستثمرين والحكومة ممثلة بوزارة الاستثمار، مشيرا إلى ضرورة تفعيل دور السفارات الأردنية في الخارج لتبني مثل تلك اللقاءات لتشجيع وتحفيز الاستثمار في المملكة.
وأشار إلى ضرورة أن يكون لدى اللجنة أكثر من 60 مشروعا جاهزا في مختلف محافظات المملكة ليتم عرضها وترويجها أمام المستثمرين العرب والأردنيين في تلك الدول، مع التركيز على القطاعات الواعدة كالسياحة وتكنولوجيا المعلومات، التعدين، الزراعة والصناعات الغذائية والخدمات.
وأكد أهمية مشاركة القطاع الخاص والمستثمرين الناجحين في مثل هذه اللقاءات لأنها تمنح الثقة وتشكل دافعا للاستثمار، حيث تعد هذه الخطوة الأولى من آليات ترويج الاستثمار في المملكة، مبينا أن هناك منافسة كبيرة في الدول المحيطة من حيث الحوافز وسرعة الإجراءات المقدمة، مشيرا إلى أن إيجاد منصة أو تطبيق أو الموقع الإلكتروني لا يكفي لإعادة الثقة لدى المستثمرين المحليين والعرب والأجانب.
وجدد الحاج توفيق تأكيده على مشاركة القطاع الخاص في أي رحلة استثمارية مهمة لوزارة الاستثمار، مبينا أهمية الابتعاد عن الأساليب التقليدية في الترويج للاستثمار، مثل المنتديات وغيرها، مؤكدا أن عدم وجود القطاع الخاص بصحبة وزارة الاستثمار أو الحكومة أثناء الترويج للاستثمار يضعف موقف الوزارة.
ونوه إلى حاجة الأردن لتغيير آليات وأنماط السياسة الترويجية، من خلال زيادة المخصصات المالية التي تضعها الحكومة لترويج الاستثمار، إضافة إلى التركيز على دعم الاستثمار المحلي القائم ليبقى نموذجا للخارج، وأهمية تمكينهم خاصة في ظل الظروف الحالية وتداعيات المنطقة التي فرضها العدوان الإسرائيلي الغاشم على أهالي قطاع غزة.
بدران : التركيز على دور السفارات بالخارج وتدريب الدبلوماسيين
بدورها، قالت النائبة السابقة ريم بدران، إن المطلوب قبل الترويج للاستثمار أن تكون البيئة مواتية وبالتوازي بين الترويج وبيئة الاستثمار، مبينة أن المستثمر المحلي والعربي والأجنبي تقف أمامه العديد من العقبات الرئيسية قبل الشروع بدخول بأي نوع من الاستثمارات أولها البيروقراطية حيث يجب إعادة النظر في سلسلة متطلبات إنشاء المشاريع وتراخيصها لتتسم بالسهولة والبساطة والوضوح أمام المستثمر، وهي تعد أكبر تعقيد يواجه أي مستثمر في إقامة مشروعه أو توسعه.
وأضافت بدران أن العقبة الثانية التي تواجه المستثمر هي عدم وضوح الكلف المترتبة عليه لإقامة مشروعه، من حيث التراخيص والمتطلبات والكلف الأخرى في التصاريح والتحميل والتنزيل، وعدم توافر الأيدي الماهرة لهذه المشاريع، بالإضافة إلى أن كلفة الطاقة ومسألة توافر المياه تعد من أكبر المعيقات التي تواجه المستثمرين في إقامة مشاريعهم، مؤكدة أن هذه الخطوات هي الأساس في عملية جذب واستقطاب المستثمرين.
وقالت بدران، إنه كي نبدأ بالترويج وتحديد الفرص الاستثمارية في المملكة سواء في مناطق أو قطاعات أو مشاريع معينة، يجب أن يكون هناك خطة واضحة المعالم لبعض المشاريع التي تم طرحها في مناطق مختلفة من أنحاء المملكة، مبينة دور البلديات في فرز الفرص الاستثمارية الممكنة في تلك المناطق لترويجها داخل الأردن وخارجها.
وبينت أنه بعد توافر البيئة الاستثمارية الخصبة والمناسبة، يأتي دور أدوات الترويج ولنصل إلى الأسواق الداخلية والخارجية علينا التركيز على ترويج الاستثمارات المحلية أي الداخلية حيث يوجد في الأردن مجتمع أعمال قادر فنيا وعمليا ولديه الإمكانيات الكبيرة لكنه يبحث عن فرص تعود عليه بالمردود المالي المناسب، ثم العمل على فتح قنوات في الأسواق العربية رغم القدرات والإمكانيات المالية الكبيرة التي تحتاج لإقامة المشاريع في المنطقة، مشيرة إلى أن هناك منافسة قوية في الدول المحيطة، مما يتطلب من الأردن ترتيب بيته الداخلي وعمل برامج قوية لجذب الاستثمارات إلى المملكة وفي المقابل تعزيز ودعم الاستثمارات المحلية القائمة والعمل على توسعها داخل الأردن وخارجها.
وفي سياق الترويج، ركزت بدران على أهمية الشفافية ومصداقية المعلومات، والتركيز على دور السفارات في الخارج والعمل على تدريب الدبلوماسيين ليكونوا سفراء فعالين في عملية جذب الاستثمارات وذلك بالتنسيق والتعاون مع الوزارات والمؤسسات المعنية.
وأكدت أهمية تحقيق توازن بين ترويج الفرص وتحسين البيئة الاستثمارية، مشددة على أن هذه الجهود المتكاملة بين القطاعين العام والخاص هي المفتاح لجعل الأردن وجهة رائدة للاستثمارات وتحفيز التنمية الاقتصادية.
القريوتي: ترويج الاستثمار لا يقتصر على الاستثمار الأجنبي
من جانبه، عرف عضو مجلس إدارة المنتدى الاقتصادي الأردني والمستشار في الاستثمار والأعمال محمد القريوتي، المستثمر بأنه جهة ذكية يمتلك المال والمقومات والخبرات ويبحث عن فرصة مجزية تعود عليه بالعائد المناسب وفي الوقت المعياري المخطط له.
وقال القريوتي إن جاذبية الاستثمار مرتبطة بالكثير من العوامل، منها البيئة المحفزة للاستثمار من تشريعات وقوانين وإجراءات وسهولة في ممارسة الأعمال ونظام مالي قوي ومفتوح على العالم وقوة عملة الدولة التي ستحافظ على قيمة استثماره، والأهم بنظر المستثمر حجم الاقتصاد الذي يتناسب واستثماره والقوة الشرائية التي تتناسب والعوائد المخطط الوصول إليها، إضافة الى التنوع القطاعي والجغرافي في توطين هذا الاستثمار.
وأكد أن مغناطيس استقطاب المستثمر الأجنبي مثلا هو نجاح الاستثمار المحلي القائم وهذا أول ما تقوم عليه دراسات الجدوى الاقتصادية التي يقوم بها، فيدرس بداية السوق المستهدف ويقيمه، ويدرس التشريعات المختلفة ويقارنها بالفرص الأخرى المتاحة له في دول أخرى، ويبحث عن المحفزات المناسبة وثباتها، وكلف ممارسة الأعمال المقارن، والوصول إلى التمويل بكلف مقبولة له، وكل هذا ليتناسب وطبيعة الاستثمار الذي يستهدفه، وهنا من المهم أن تتوافر لديه قاعدة بيانات سهلة وسلسة للوصول إلى الفرص الاستثمارية التي تتناسب وتطلعاته.
وقال “الأردن اليوم به وزارة استثمار وقانون استثمار جديد وبرنامج تنفيذي طموح وأيضا خارطة استثمارية ومنصة للفرص الاستثمارية المختلفة، وهناك جهد كبير يبذل لترويج الفرص الاستثمارية في الأردن محليا ودوليا، كما لدينا اليوم رؤية تحديث اقتصادي طموحة لعشر سنوات قادمة وبرنامج تنفيذي يقيس الأداء ويحاكي واقع الحال، وقطاعات مستهدفة ترجمت ضمن محركات للوصول إلى أهداف تنموية طموحة”.
وأضاف “أن ترويج الاستثمار لا يقتصر على الاستثمار الأجنبي فقط، فالاستثمار المحلي هو الجاذب الأول للاستثمار الأجنبي ويستطيع أن يتحدث بلغة مشتركة مع أي جهة مستهدفة وهذا يتركز في القطاع الخاص بجميع فعالياته لأنه يمتلك المقومات، والقطاع العام مهمته توفير الممكنات المناسبة التي تكمل مسار رحلة المستثمر”.
ولفت القريوتي، إلى أن الأردن يمتلك تشريعات وقوانين كافية، كما يمتلك أفضل نظام مالي ومصرفي وعلى مستوى عالمي، إضافة إلى أن ثبات سعر صرف الدينار أهم أداة نمتلكها لحماية المستثمر واستثماره، وهناك الكثير من الفرص الاستثمارية متاحة ولدينا مناخ مميز وموقع جغرافي يمتلك منافذ جوية وبحرية وبرية متعددة.
وبين أن “اقتصاد الأردن صغير وعدد السكان قليل مقارنة بالدول المجاورة والقوة الشرائية للأفراد مرتبطة في معظمها بدخول ثابتة لأفرادها والقوى العاملة تشكل 30 بالمئة من عدد السكان فقط، والميزان التجاري لصالح المستوردات بشكل كبير، هذا ما يدرسه المستثمر الذكي لأن قاعدة أي استثمار ناجح يجب أن تكون مبنية على أن المصاريف التشغيلية كافة يجب أن تغطى من إيرادات السوق المحلية كبداية وهذا الحد الأدنى لضمان استمرارية الاستثمار وبعدها يتوجه لأسواق أخرى ويقوم بتنويع منتجاته وخدماته المختلفة ليصل إلى نقطة التعادل في المصاريف الثابتة والمتغيرة”.
وقال “عندما نقوم بالترويج للاستثمار، يجب أن ندرك تماما الحقائق أعلاه ونتحرك بناء عليها لتكون بوصلتنا واضحة وهدفنا معروف”، مشيرا إلى أن هناك قطاعات في الأردن وصل بها الاستثمار الأجنبي لنسب مرتفعة، فمثلا القطاع المصرفي وصل الاستثمار الأجنبي به إلى 53 بالمئة، والاستثمار في السوق المالي بالشركات المساهمة العامة أكثر من نصفه استثمارات أجنبية، وأيضا القطاع الصناعي يمتلك نسبة جيدة من الاستثمار الأجنبي والقطاع السياحي والاتصالات وكذلك قطاعات أخرى.
وأضاف القريوتي “أن ما جذب هذه الاستثمارات هو ثبات الاستثمار المحلي الذي تم الاستثمار به ومعه، كما أن الاستثمار هو الاستثمار بما نملك، وبما نقوى به، وهنا ننظر إلى الوراء لنعرف ما بنينا والبداية كيف نحافظ على ما نملك ونقوى به، فلدينا كل ما نحتاج لنستمر ونبني عليه”.
بترا