الروبوت في زمن التكنولوجيا الذهبي .. تطور مطّرد يأخذ بالألباب

اَفاق نيوز – عندما نفكر في الروبوتات، قد نتخيل آلات آلية تشبه الإنسان مستوحاة من الخيال العلمي، في حين أن هذه الأنواع من الآلات لا تزال في الغالب خيالية، إلا أن هناك العديد من الأنواع الأخرى من الروبوتات العاملة في العالم اليوم.

وتشير التقديرات إلى أن قيمة هذا القطاع قد تصل إلى 260 مليار دولار بحلول عام 2030، ويأتي قسم كبير من هذا النمو من روبوتات الخدمات المهنية التي تؤدي مهام مفيدة للبشر، مثل التنظيف والتوصيل والنقل، حيث إن الروبوتات هي أدوات يمكنها الإحساس والتفكير والتخطيط والعمل بشكل مستقل. وإضافة إلى أداء المهام بشكل مستقل، يمكنها أيضا توسيع القدرات البشرية وتقليد تصرفات الإنسان.

ومن الجدير بالذكر أيضا أن كلمة روبوت مشتقة من الكلمة التشيكية روبوتا التي تعني العمل القسري. وشهدت السنوات الأخيرة تطورا هائلا في مجال الروبوتات، حيث أصبحت أكثر ذكاء وقدرة على أداء المهام المعقدة، كما أصبحت منتشرة في مجموعة متنوعة من التطبيقات.

وقد أدت هذه التطورات إلى تغييرات كبيرة في حياتنا، وأصبحت الروبوتات جزءا لا يتجزأ من حياتنا المهنية والشخصية.

شهد تطوير الروبوتات في القرن العشرين تقدمًا كبيرًا، وذلك بسبب التطورات في التكنولوجيا، مثل الإلكترونيات وأجهزة الاستشعار والذكاء الاصطناعي.

شهدت صناعة الروبوتات تطورا كبيرا في الفترة الحديثة، ولكن يمكننا تتبع جذور هذا التطور إلى العديد من الاكتشافات والابتكارات على مر العصور.

فقد بدأ العلماء في النصف الثاني من القرن العشرين بتطوير الروبوتات بشكل أكبر، وظهرت الروبوتات الصناعية الأولى، وتطورت بعد ذلك هذه التكنولوجيا بشكل سريع، وأصبحت الروبوتات جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية والصناعية.

ويعود تاريخ الروبوتات إلى العالم القديم، إذ طور العلماء أبان الثورة الصناعية القدرة الهندسية الإنشائية للتحكم في الكهرباء، بحيث يمكن تشغيل الآلات بمحركات صغيرة. في حين طوروا أوائل القرن العشرين مفهوم الآلة المشابهة للإنسان، وبُنيت الروبوتات الصناعية المبرمجة رقميا ذات الذكاء الاصطناعي منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

ويمكن القول إن تطوير الروبوتات بدأ منذ آلاف السنين عندما ابتكر البشر آلات بسيطة لأداء المهام، وعلى سبيل المثال، ابتكر المصريون القدماء آلات من أجل سحب المياه من الآبار، واستخدم الصينيون القدماء آلات من أجل نسج الملابس.

وبدأ التطوير الحديث للروبوتات في القرن التاسع عشر عندما بدأت الثورة الصناعية في أوروبا، فقد ابتكر العلماء والمهندسون في هذه الفترة آلات معقدة من أجل أداء المهام الصناعية مثل آلات المصانع وآلات التعدين.

وشهدت الروبوتات في القرن العشرين تقدما كبيرا، وذلك بسبب التطور في التكنولوجيا مثل الإلكترونيات وأجهزة الاستشعار والذكاء الاصطناعي. وأصبحت الروبوتات في هذه الفترة قادرة على أداء المهام بشكل مستقل، مثل الروبوتات المستخدمة في المصانع والمستشفيات والجيش.

وما زالت صناعة الروبوتات تشهد تطورا مستمرا في الوقت الحالي، وذلك بهدف جعلها أكثر ذكاء وقدرة على أداء المهام بشكل أكثر استقلالية.

تواريخ مهمة في تطور الروبوتات:

1495: ابتكر “ليوناردو دافنشي” تصميما لفارس ميكانيكي يرتدي درعا يمكنه الجلوس والتلويح بأذرعه وتحريك رأسه وفكه.

1745: اخترع الفرنسي “جاك دي فوكانسون” أول نول آلي.

1785: حصل “إدموند كارترايت” على براءة اختراع آلة لنسج الملابس تستخدم الطاقة المائية لتسريع عملية النسيج.

1954: قدم “جورج ديفول” براءة اختراع لذراع آلية.

1961: استُخدمت أول روبوتات صناعية في مصنع جنرال موتورز.

1997: هزم الروبوت “ديب بلو”لاعب الشطرنج الأسطورة “غاريغ كاسباروف”.

غيرت الروبوتات حياة البشر بشكل كبير في مجموعة متنوعة من المجالات، سواء في حياتنا المهنية أو الشخصية، ودخلت الروبوتات مجالات مختلفة في حياتنا المهنية، مثل الصناعة والطب والتعليم والترفيه والأمن والخدمات اللوجستية والزراعة والبحث والتطوير والعلوم والفضاء والبناء والتشييد والتنظيف والتعقيم والتسوق والتوصيل والترجمة والتعرف على الوجوه والصوت والنصوص والأشكال والألوان والحركات وغيرها.

وتساعد الروبوتات في تحسين الإنتاجية والجودة والدقة والكلفة في مجال الصناعة، حيث تُستخدم على نطاق واسع في المصانع والشركات الأخرى لأداء المهام الروتينية أو الخطرة أو المملة، مثل لحام قطع السيارات وتركيبها، الأمر الذي أدى إلى زيادة الإنتاجية وتحسين الدقة وسرّع عمليات التصنيع وقلل الأخطاء.

كما تساعد في تحسين الكفاءة والأمان في مكان العمل، مما يسمح للشركات بإنتاج المزيد من المنتجات والخدمات بأقل عدد من العمال، وتحمي العمال من الإصابات، حيث يمكنها أداء المهام التي يمكن أن تكون خطيرة أو صعبة على البشر.

وتستخدم الروبوتات في مجموعة متنوعة من التطبيقات في حياتنا الشخصية، بما في ذلك الرعاية الصحية والترفيه والمساعدة المنزلية، حيث تساعد الأطباء والجراحين في المستشفيات، وتُستخدم في الجراحات والعلاجات الطبية المتقدمة لمساعدة المرضى في المشي والتنقل وأداء المهام اليومية، وشاركت في المعركة ضد فيروس كورونا عبر إنتاج أجهزة التنفس، وتساهم في تقديم رعاية صحية أفضل.

كما تساعد الروبوتات في تحسين تجربة العملاء وتقديم خدمات فعالة، وتراقب الأنظمة وتحد من المخاطر في مراكز البيانات، وتساهم في أداء المهام المتكررة والمملة، مما يتيح للبشر التركيز على المهام الإبداعية والمبتكرة.

وتحسن الروبوتات جودة الحياة عبر جعلها أسهل وأكثر راحة وأمانا، فهي تُنظف أرضيات المنازل وتجز العشب وتعد الوجبات وتوفر رفقة لكبار السن الذين يعيشون بمفردهم أو الذين يعانون من إعاقة.

كما أنها تستكشف الفضاء، إذ إن مستكشفي المريخ مثل “سوجورنر” و”بيرسيفيرانس” إنما هما روبوتات، كما يُصنف تلسكوب “هابل” على أنه روبوت، وكذلك مجسات الفضاء السحيق مثل “فوييغر” و”كاسيني”.

وتقسم الروبوتات إلى عدة أنواع، منها:

روبوتات صناعية: وتساعد في إنتاج المزيد من المنتجات بأقل عدد من العمال، حيث تُستخدم في مصانع السيارات من أجل أداء المهام الروتينية مثل لحام قطع السيارات وتركيبها، مما يسمح للشركات بإنتاج المزيد من السيارات بكلفة أقل.

روبوتات طبية: وتساعد في أداء المهام الجراحية والعلاجية بدقة وأمان أكبر، حيث تستخدم في المستشفيات لمساعدة الأطباء والجراحين في عمليات جراحية مثل استبدال مفصل الورك، مما يقلل من خطر حدوث مضاعفات ويحسن النتائج الجراحية.

روبوتات عسكرية: وتساعد في أداء المهام القتالية وحماية الجنود من الخطر، حيث تستخدم لإطلاق النار ونقل الذخائر والبحث عن الألغام، وعلى سبيل المثال، هناك روبوت “سنتور” للكشف عن المتفجرات والتخلص منها، وروبوت “موت” الذي يتتبع الجنود ويحمل معداتهم، وروبوت “سافير” الذي يكافح الحرائق التي تندلع على السفن البحرية.

روبوتات اجتماعية: وتساعد البشر في أداء المهام اليومية، حيث تُستخدم في المنازل لتنظيفها وإعداد الوجبات ورعاية كبار السن، مما يوفر للناس الوقت والجهد ويحسن جودة الحياة.

تواصل الروبوتات تغيير حياتنا بطرق جديدة، فمع تطور التكنولوجيا تتطور الروبوتات وتصبح أكثر ذكاء وقدرة على التعلم والتفاعل مع البيئة المحيطة بها.

وقد أصبحت الروبوتات الذاتية الحركة أكثر تطورا وقدرة على التنقل في بيئات معقدة، حيث جرى تطوير روبوتات قادرة على التنقل في المباني والمستشفيات والمطارات دون مساعدة بشرية.

كما أصبحت الروبوتات أكثر ذكاء وقدرة على التعلم والتفاعل مع البيئة المحيطة بها، وجرى تطوير روبوتات قادرة على التعرف على الوجوه وتمييز الأشياء واتخاذ القرارات المستقلة.

وازداد شيوع الروبوتات الاجتماعية التي تُستخدم في مجموعة متنوعة من التطبيقات، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والترفيه، وهناك روبوتات قادرة على تقديم الرفقة للأشخاص المرضى أو المعزولين أو المسنين.

وتطورت الروبوتات القابلة للارتداء، حيث تُستخدم في مجموعة متنوعة من التطبيقات بما في ذلك الصحة والرياضة والصناعة، وظهرت روبوتات قابلة للارتداء يمكنها مراقبة صحة الإنسان وتحسين الأداء الرياضي.

وتتضمن أحدث التطورات في مجال الروبوتات العديد من الابتكارات المثيرة للاهتمام، فعلى سبيل المثال، تمكّن الباحثون من طباعة يد روبوتية تحتوي على عظام وأربطة وأوتار مصنوعة من مواد بوليمرية مختلفة باستخدام تقنية المسح بالليزر الجديدة.

وطور الباحثون جلدا أيونيا جديدا يمكن استخدامه لمحاكاة وظيفة أطراف الأصابع في الروبوتات، ويسمح هذا الجلد للروبوتات باستشعار خصائص اللمس للأشياء والتعرف على الأنسجة أو المواد المختلفة.

كما طور الباحثون نظاما روبوتيا جديدا لجمع بيانات دقيقة عن كيفية استخدام الأشخاص الذين يتعافون من السكتة الدماغية لأذرعهم تلقائيا، مما يساعد في تحسين العلاج والتأهيل.

ويُعد ما سبق بعض الأمثلة عن أحدث التطورات في مجال الروبوتات، ومن المتوقع أن يستمر تطور الروبوتات في السنوات القادمة، لتصبح أكثر ذكاء وقدرة على أداء المهام التي يصعب أو يستحيل على البشر القيام بها.

يزداد في الوقت الحالي استخدام الروبوتات في مختلف الصناعات، فهناك استخدامات جديدة مثل استخدام الروبوتات في الجراحات بالتحكم عن بعد، وكذلك في توفير المساعدة في رعاية المرضى وتوزيع الأدوية.

وتشمل استخدامات الروبوتات مجال النقل، حيث تستخدم في المصانع لتوصيل البضائع بين المرافق، كما تستخدم في المطارات لنقل الركاب بين البوابات.

ويعتمد مجال الصناعة الصحية على الروبوتات في تنظيف المستشفيات وتعقيم الأماكن، مما يساهم في الحفاظ على النظافة. كما تستخدم في الزراعة لأداء مهام مختلفة مثل زراعة المحاصيل وتسميد التربة وري المزروعات والحصاد ورعاية الحيوانات في مزارع الأبقار.

ووصلت الروبوتات إلى مجال البناء، حيث تنفذ المهام الخطرة أو المتكررة. وتستفيد صناعة التجزئة من الروبوتات الذكية في المتاجر من أجل تقديم المساعدة للعملاء وتحسين تجربة التسوق. كما تستخدم في مجال التعليم من أجل توفير تجارب تعلم تفاعلية.

وتستفيد الخدمات اللوجستية من الروبوتات في إدارة وتحسين سلسلة التوريد وفرز الطلبات ومعالجتها وتعبئة البضائع في مراكز التوزيع وتوزيعها وتسليمها. ويلجأ قطاع السياحة إليها من أجل توفير المعلومات والخدمات للزوار، كما تستخدم ضمن صناعة الترفيه مثل الروبوتات الذكية في المتاحف والحدائق.

تستمر الروبوتات في الانتقال من مجرد آلات روتينية إلى متعاونة في وظائف معرفية، وذلك بفضل تكنولوجيا الاستشعار المحسنة والتقدم الملحوظ في التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي.

وتتمتع هذه التطورات والمجالات الأخرى المرتبطة بها بمسار تصاعدي، وسوف تستفيد الروبوتات بشكل كبير من هذه الخطوات.

ومن المتوقع في السنوات القادمة أن يستمر تطور التكنولوجيا في مجال الروبوتات، مما يؤدي إلى تغييرات أعمق في حياتنا، حيث قد تؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتحسين الكفاءة ورؤية المزيد من الروبوتات المتطورة المندمجة في المزيد من مجالات الحياة والعمل مع البشر.

Related Articles

Back to top button