تضخم وتراجع الروبل .. اقتصاد روسيا يتآكل
اَفاق نيوز – اضطر البنك المركزي الروسي إلى رفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ بدء الحرب في أوكرانيا، بضغط من تعثر الاقتصاد بفعل نقص الأيدي العاملة، وتراجع الروبل، وارتفاع التضخم.
ورغم رفع أسعار الفائدة، فإن التوقعات تشير إلى تحقيق نمو إيجابي في روسيا هذا العام، على غرار العام الماضي، حينما تجاوز المركزي الروسي حالة الركود الكبيرة التي تأثرت بها البلاد بسبب العقوبات الغربية، بفضل عائدات النفط والغاز الكبيرة، والمنح الحكومية، وإعادة توجيه خطوط التجارة من أوروبا إلى دول آسيا، وفقاً لما ذكرته صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وترى الصحيفة، أن رفع أسعار الفائدة في روسيا، هو تحرك أكبر من المتوقع وعلامة على أن الاقتصاد الروسي قرب نقطة انعطاف جديدة، بفعل ظهور ضغوطات كبيرة على الاقتصاد، أعمق من تلك المختبرة في العام الماضي.
يقول كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في “كابيتال إيكونوميكس” ليام بيتش، “الاقتصاد الكلي في روسيا الآن في وضع أكثر هشاشة من أي وقت مضى منذ بدء الحرب”.
وأدى انخفاض الروبل، متأثراً بتمرد مجموعة فاغنر الشهر الماضي، وارتفاع الأجور وازدهار الإنفاق الحكومي المدعوم بالديون، إلى إعادة إشعال الضغوط التضخمية، مما استلزم زيادة معدل الفائدة. في حين أن معدل التضخم الرئيسي في روسيا يبدو منخفضاً، عند 3.25% فقط على أساس سنوي في يونيو (حزيران) الماضي، فإن هذه زيادة حادة عن معدل 2.5% في مايو (أيار).
وجاءت الأرقام الأسبوعية الأخيرة أعلى من التوقعات ويتوقع الاقتصاديون أن أسعار المستهلك في روسيا سترتفع بشكل حاد في الأشهر المقبلة.
أمس الجمعة، في محاولة لتفادي ارتفاع التضخم بنسب أكبر، رفع البنك المركزي الفائدة إلى 8.5% من 7.5%، بخلاف توقعات الاقتصاديين.
حاكمة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا قالت للصحفيين بعد رفع الفائدة، إن “الوضع الاقتصادي تغير بشكل كبير في الأشهر الأخيرة”. لقد أصبح نقص الموظفين أكثر حدة، وضعف الروبل بدا واضحاً، حتى ارتفعت الأسعار.
وقالت نابيولينا، إن من المرجح زيادة أخرى في الأسعار، حيث يعتمد حجم تلك التحركات على التطورات الاقتصادية المستقبلية.
وقال بنك روسيا المركزي، إن من المرجح أن ينمو الاقتصاد ما بين 1.5% و 2.5% هذا العام ، بزيادة عن توقعات أبريل (نيسان) للنمو بين 0.5% و 2%. ووضع الإنفاق المرتبط بالحرب ضغوطاً على خزائن البلاد، كما تسبب برفع حجم الدين، وفقاً لما ذكره نائب وزير المالية الروسي يوم الثلاثاء الماضي.
مجلس الشيوخ بالبرلمان الروسي أكد، وفقاً لوكالة أنباء تاس الحكومية، عمل الجهات المختصة لزيادة الاقتراض، بسبب هذا الوضع اليائس، الذي يحتم على البنك المركزي اللجوء لهذه السياسة لأن إنفاق موسكو يتزايد.
وأدى انخفاض أسعار النفط الخام والخصومات الكبيرة على أسعار النفط الروسي بسبب العقوبات الغربية إلى خفض إيرادات ميزانية الطاقة إلى النصف تقريباً في النصف الأول من العام الجاري مقارنة بالعام الماضي. وتقلص فائض الحساب الجاري الروسي، وهو مقياس واسع للأموال المتدفقة إلى الاقتصاد، إلى 5.4 مليار دولار في الربع الثاني من العام الجاري من 76.7 مليار دولار في الوقت نفسه من العام الماضي.
وأدى التدهور في التجارة، فضلاً عن عدم اليقين في أعقاب تمرد يونيو (حزيران)، إلى جعل الروبل أحد أسوأ العملات أداء في العالم هذا العام، حيث انخفض بحوالي 18% مقابل الدولار. وسحب الروس 100 مليار روبل، أو 1.1 مليار دولار، خلال التمرد، وفقاً للبنك المركزي، ويؤدي ضعف العملة إلى زيادة تكلفة الواردات، مما يؤدي بدوره إلى زيادة التضخم. سوق العمل، هو نقطة ضغط أخرى للاقتصاد الروسي، فبعد أن ازدهر بفعل نمو أعداد العاملين، تواجه الشركات الروسية الآن أكبر نقص في العمال منذ التسعينيات حيث فر الملايين من البلاد أو تم حشدهم للحرب.
وتقول الخبيرة الاقتصادية في “موديز” أولغا بيتشكوفا، “تزداد المنافسة على العمالة والإنتاج، والموارد المالية في روسيا”. وأضافت، “إلى جانب التأثير المؤجل لضعف الروبل، سيؤدي كل ذلك لرفع الأسعار في الأشهر المقبلة”. وتتبع روسيا سياسة تعتيم إزاء عمليات الإنتاج العسكري.
ويقول محللون، إن إنتاج “السلع المعدنية الجاهزة” – وهو خط يشمل الأسلحة والذخيرة – ارتفع بنسبة 26% في الأشهر الخمسة الأولى من العام مقارنة بالعام السابق.
كما ازدهرت خطوط أخرى قيل إنها تشمل الإنتاج العسكري: فقد ارتفع إنتاج أجهزة الكمبيوتر والمنتجات الإلكترونية والبصرية 22%، بينما قفز إنتاج الملابس الخاصة 84%. على النقيض من ذلك، انخفض إنتاج السيارات 18.5% على أساس سنوي.
ويؤكد المحللون، أن الأثر المتصاعد للعقوبات، والعزلة الدولية، وأزمة العمالة على المدى الطويل، أضرت بشكل خطير بتوقعات نمو الاقتصاد الروسي.