3 ملايين نازح في السودان والأمم المتحدة تطالب بمحاسبة طرفي النزاع
اَفاق نيوز – تسبب النزاع الذي يقترب من إتمام شهره الثالث في السودان، بنزوح أكثر من 3 ملايين شخص، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة الأربعاء، بينما دعا مبعوث أمينها العام إلى “محاسبة” طرفي القتال المتواصل بلا هوادة.
ودخل السودان منذ 15 نيسان، دوامة من المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، فشلت معها كل محاولات التهدئة، وزادت من معاناة سكان البلاد التي كانت تعدّ من الأكثر فقرا في العالم حتى قبل الحرب.
وأفادت الأمم المتحدة أن أكثر من ثلاثة ملايين شخص اضطروا لمغادرة ديارهم، إن للنزوح داخليا أو الفرار إلى الخارج. وبلغ عدد الذين غادروا البلاد إلى الخارج ما يقرب من 724 ألفاً، بينما تجاوز عدد النازحين داخل البلاد 2.4 مليون.
وقالت الناطقة باسم المنظمة الدولية للهجرة صفاء مسهلي، لوكالة فرانس برس: “لقد تجاوز العدد الثلاثة ملايين ممن اضطروا إلى مغادرة ديارهم بسبب النزاع في السودان. لكن هذا ليس مجرد رقم، فهؤلاء أشخاص انتُزعوا من جذورهم وتركوا حياتهم وراءهم”.
وإضافة إلى الأعداد المتزايدة من النازحين، تسبب النزاع بسقوط أكثر من 2800 قتيل، على رغم أن الكثير من المصادر الإغاثية ترجح أن تكون الحصيلة الفعلية أعلى من ذلك بكثير.
وتتركز المعارك في الخرطوم ومناطق قريبة منها، إضافة إلى إقليم دارفور (غرب)، حيث حذّرت الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية من أن ما يشهده قد يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ويتخذ النزاع فيه أبعاداً عرقية أكثر فأكثر.
وتواصلت أعمال القصف والاشتباكات في العاصمة، حيث يعاني ملايين السكان صعوبات في تأمين المواد الغذائية وتوافر الخدمات الأساسية والكهرباء والمياه في ظل طقس شديد الحر.
وأفاد شهود الأربعاء، عن “قصف جوي مكثف من الجيش علي مواقع الدعم السريع في المدينة الرياضية” في جنوب الخرطوم حيث دارت اشتباكات في منطقة الكلاكلة.
وفي غرب العاصمة، أفاد سكان في ضاحية أم درمان عن “تحليق طيران الاستطلاع منذ الصباح الباكر” و”قصف مدفعي” من قاعدة للجيش في اتجاه مواقع للدعم السريع في مناطق أخرى من الخرطوم.
“كارثة” تتكرر
ويرى خبراء أن الحليفين السابقين البرهان ودقلو يمضيان في حرب استنزاف لن تتوقف إلا بنصر عسكري لأحدهما على حساب الآخر، على رغم أن أي طرف لم يحقق منذ بدء الحرب، مكتسبات مهمة تغيّر من المعطيات الميدانية.
وحذّرت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، من أن السودان بات على شفير “حرب أهلية شاملة” ستطال تداعياتها كل المنطقة.
والأربعاء، أكد رئيس بعثة المنظمة الدولية في السودان، فولكر بيرتيس، ضرورة “محاسبة” طرفي الحرب.
وقال بيرتيس الذي أعلنته الخرطوم شخصا غير مرغوب به، للصحفيين في بروكسل، إن القتال “يهدد بالتحول إلى صراع عرقي وقبلي وأيديولوجي، أي أقرب بكثير إلى حرب أهلية شاملة”.
ورأى المبعوث الأممي أن ما ارتكب بالفعل من انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك “القتل والاغتصاب والنهب”، يزيد من رغبة المواطنين السودانيين في ابتعاد القائدين العسكريين.
وسبق لمنظمات حقوقية أن طالبت المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في الانتهاكات خصوصا من قوات الدعم وقبائل حليفة لها في دارفور.
وشدد بيرتيس على أن “المحكمة الجنائية الدولية تراقب الوضع بالتأكيد. لا يعود إلى الطلب من المحكمة اتخاذ إجراءات لكن أعتقد أنها تتابع الملف” محذرا من أن الوضع يتسبب “بكارثة إنسانية مجددا”.
“جرّ دول الجوار”
وحذّر بيرتس من أن إطالة أمد النزاع تهدد “بجرّ دول الجوار” إليه.
في هذا الإطار، تستضيف القاهرة الخميس قادة الدول المحاذية للسودان.
واستبعدت المحللة السودانية خلود خير أن يقدّم الاجتماع “أي أمر مفيد” لأن “منصات مُعسكَرة كهذه … تشتري الوقت للجهد الحربي بينما يواصل النزوح وحصيلة الضحايا الارتفاع”.
وأضافت على تويتر: “يبدو أن هذه الوساطات… لا تفلح سوى في أن تظهر بشكل أوضح عدم كفاءة الوسطاء”.
ولم تفلح مبادرات الوساطة، سواء الاتحاد الإفريقي أو الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (إيغاد) أو أخرى تقودها واشنطن والرياض، في إيجاد أرضية للتفاهم.
إلى ذلك، فرضت بريطانيا الأربعاء، عقوبات على شركات قالت إنّها مرتبطة بطرفي النزاع في السودان.
وقالت وزارة الخارجية البريطانية، إنّها فرضت عقوبات على الشركات “التي تقوم بتغذية الصراع المدمّر في السودان عبر توفير التمويل والأسلحة للميليشيات المتحاربة”.
وتطال الإجراءات ثلاث شركات مرتبطة بالجيش وثلاث شركات أخرى مرتبطة بقوات الدعم السريع، ومن المفترض أن تحدّ “من حريّتها المالية من خلال منع مواطني المملكة المتحدة والشركات والبنوك من التعامل معها والضغط على الأطراف للانخراط في عملية السلام”.
وقال وزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي، إن العقوبات “تستهدف بشكل مباشر الذين تسبّبت أفعالهم بتدمير حياة الملايين”.
وكانت واشنطن قد فرضت في أيار، عقوبات على شركات مرتبطة بالطرفين، بهدف تجفيف مصادر تمويل طرفي النزاع.
ويشكك محللون في جدوى العقوبات على الطرفين اللذين يمسكان بمفاصل التحايل عليها كما جرى خلال حقبة عمر البشير الذي حكم البلاد 3 عقود قبل إطاحته بانقلاب عسكري عام 2019.
أ ف ب