الهواوشة يكتب: صرخة معلمة في القطاع الخاص: هل الضمان الاجتماعي أداة لحماية المعلمين أم غطاء لاستغلالهم؟
الدكتور محمد الهواوشة
في واقع مليء بالظلم والاستغلال، تقف المعلمة في القطاع الخاص عاجزة عن الدفاع عن حقوقها. ليس لأن صوتها غير مسموع، بل لأن المؤسسات التي يُفترض أن تكون سندًا لها، تتحول إلى خصم يقف في صف المستغلين.
شهادة مؤلمة: “الضمان الاجتماعي وقف بجانب المدرسة”
تروي إحدى المعلمات تجربتها الشخصية، حيث قامت بتقديم شكوى ضد مدرستها الخاصة إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي. كان أملها أن تُنصف وأن تحصل على حقوقها المهدورة، خاصة أن راتبها لا يعكس الحد الأدنى للأجور الحقيقي، بل يُظهر على الورق فقط. ولكن كانت الصدمة كبيرة، إذ تقول: “وقفوا مع المدرسة ومديرتها وحكولي ما بنقدر نعملك إشي.”
هذه الجملة تختصر مأساة آلاف المعلمين والمعلمات في القطاع الخاص، الذين يعانون من ازدواجية العقود، وسوء الأجور، وعدم وجود جهة حقيقية تحميهم من هذه الانتهاكات.
كيف يتحول الضمان الاجتماعي إلى خصم؟
من المفترض أن يكون الضمان الاجتماعي مظلة حماية لجميع العاملين، يضمن حقوقهم ويعاقب من ينتهكها. ولكن ما يحدث على أرض الواقع هو أن بعض المؤسسات، بدلًا من التحقيق بجدية في شكاوى المعلمين، تختار الوقوف إلى جانب أصحاب المدارس. قد يكون السبب هو غياب آليات رقابة صارمة أو تهاون في تطبيق القانون.
عندما تقدم معلم أو معلمة شكوى بشأن الراتب، فإن الضمان يركز على ما يتم تحويله إلى البنك، وهو الحد الأدنى للأجور على الورق. لكنه لا يلتفت إلى الانتهاك الحقيقي، وهو أن هذا الراتب يتم التلاعب به من خلال إجبار المعلم على إعادة جزء منه للمدرسة.
ماذا بعد؟
إذا كانت المؤسسات الرسمية مثل الضمان الاجتماعي عاجزة عن حماية المعلمين، فمن يحميهم؟ هل يُترك المعلم وحده في مواجهة الاستغلال والخوف من فقدان وظيفته؟
رسالة إلى الضمان الاجتماعي:
أين دوركم الحقيقي في التحقيق بعمق في شكاوى المعلمين؟
لماذا لا يتم إلزام المدارس الخاصة بإثبات دفع الرواتب بالكامل، دون أي تلاعب أو استرجاع؟
كيف تتوقعون من المعلم أن يقدم جودة في التعليم إذا كان يشعر بأن حقوقه مهضومة؟
رسالة إلى الحكومة ووزارة التربية والتعليم:
إذا كانت المؤسسات المسؤولة عن حماية العمال لا تؤدي دورها، فالمسؤولية تقع عليكم. لا يمكن أن تستمر هذه الانتهاكات دون رادع. يجب أن يكون هناك:
1. رقابة صارمة ومتابعة دورية على جميع المدارس الخاصة.
2. تغليظ العقوبات على المدارس التي تستغل المعلمين.
3. إنشاء لجان تحقيق مستقلة تستمع لشكاوى المعلمين بعيدًا عن أي ضغوط.
المعلمون والمعلمات هم أساس بناء المجتمع. إذا استمر استغلالهم بهذه الطريقة، فإن الخسارة لن تكون فقط على مستوى الأفراد، بل على مستوى الوطن ككل. كرامة المعلم هي كرامة التعليم، وهي مسؤوليتنا جميعاً.