منح ملكية سخية لتذهيب قبة الصخرة وتأسيس جامعة ارثوذكسية
كريستين حنا نصر
للهاشميين مبادرات ومنح ومكارم عديدة، وأبرزها ما كان مخصصاً لمدينة القدس، خاصة المعنية برعاية المقدسات الاسلامية والمسيحية فيها، ومنها تبرع المغفور له الشريف الحسين بن علي عام 1924م بمبلغ حوالي 50 الف ليرة ذهبية للاعمارات، وعلى خطاه حمل ملوك بني هاشم أمانة الوصاية الهاشمية التاريخية ففي عهد المغفور له الملك عبد الله الأول كانت مشاركته الشخصية في اخماد حريق شب في كنيسة القيامة عام 1949م ، كما استمر في اعمار المقدسات جميعها ، وفي عهد المغفور له الملك الحسين بن طلال تبرع بمبلغ حوالي 8 مليون دولار لاعادة تصفيح قبة الصخرة المشرفة بحوالي 5000 صفيحة ذهبية.
واليوم يستمر جلالة الملك عبد الله الثاني في مسيرة الاعمار الهاشمية ، حيث تمّ وبتوجيهات ملكية سامية عام 2007م اعادة منبر صلاح الدين الايوبي الى مكانه التاريخي في المسجد الاقصى المبارك ، وفي عام 2016م اطلق جلالته مبادرة الاسهام في اعمار القبر المقدس في كنيسة القيامة ، وبالأمس أطلق جلالته مبادرة ومنحة على نفقته الخاصة الشخصية لدعم تأسيس الجامعة الارثوذكسية الدولية في موقع المعمودية في المغطس ، الواقع في منطقة البحر الميت ، وأيضاً قدم جلالته منحة أخرى وعلى نفقته الخاصة لتذهيب الزخارف التاريخية لقبة الصخرة المشرفة وهي من ضمن مبادرات الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس.
وجاءت هذه المنح الملكية الهاشمية خلال استقبال جلالة الملك رعاه الله لقيادات دينية مسيحية ممثلة بالبطريرك ثيوفيلوس الثالث بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والأردن واخرى اسلامية منها فضيلة الشيخ محمد عزام الخطيب مدير عام أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى ، وهذه المنح حتماً سوف تعمق من الروابط التاريخية بين الاردن وفلسطين بما في ذلك الكنيسة في القدس ، وأيضاً من شأنها أن تعزز من حضور الكنائس في الارض المباركة ، وفي اللقاء الهاشمي شكر البطريرك ثيوفيلوس جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين على دعمه أولاً المادي لانشاء هذه الجامعة اضافة لدعم جلالته المعنوي لاهمية هذا المشروع، خاصة أن موقع الجامعة في المغطس وموقع المعمودية سوف يعمق من الروابط الوثيقة بين الاردن والكنيسة الارثوذكسية في القدس ، كذلك سيعزز من حضور الكنائس على الارض المباركة القدس ، وبمناسبة هذا اللقاء مع جلالته رعاه الله وبحضور سمو الأمير غازي بن محمد كبير مستشاري جلالته للشؤون الدينية والثقافية والمبعوث الشخصي لجلالته ، فقد هنأ جلالته المسيحيين في الاردن وفلسطين وكافة انحاء العالم بالاعياد المجيدة ، مؤكداً جلالته كعهده ومسيرته الثابتة على دعم الاردن للاشقاء في فلسطين ، واستمرار واجب أمانة الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس نظراً لاهميتها في رعاية وحماية هذه المقدسات .
ونبذة عن المدارس التعليمية الارثوذكسية والجامعات في الاردن والعالم ، تُظهر وجود العديد منها، مثل المدرسة الوطنية الارثوذكسية في منطقة الشميساني والاشرفية في العاصمة الاردنية عمّان ، حيث تُعلم هذه المدرسة المنهاج الاردني للمراحل الابتدائي والتوجيهي ودبلوم البكالوريا الدولي ، ويدرس فيها التلاميذ من المسلمين والمسيحيين وفي صف واحد ، وأيضاً يوجد في الاردن المدارس الاسلامية مثل مدارس الكلية العلمية الاسلامية في العاصمة الاردنية وتحديداً منطقة جبل عمّان والجبيهة ، وفيما يتعلق بالجامعات الارثوذكسية في العالم فهناك الجامعة الارثوذكسية الغربية في فلوريدا، كما هو الحال بالنسبة للجامعات الكاثوليكية فهي منتشرة أيضاً ، مثل الجامعة الكاثوليكية في واشنطن والتي تخرجت فيها بتخصص الهندسة المعمارية وأقوم اليوم بمشاريع ترميم خاصة للبيوت التراثية الاردنية، وجميع هذه الجامعات تدرس تخصصات معرفية متنوعة في الهندسة والطب والعلوم والموسيقى واللغات والفنون وغيرها، وهناك ما هو متخصص بدراسات اللاهوت فقط ، وهذه الجامعات تمنح شهاداتها في مختلف الدرجات من البكالوريوس والماجستير والدكتوراة .
وفي الاردن لدينا ايضاً جامعات اسلامية مثل جامعة العلوم الاسلامية العالمية والتي تأسست عام 2008م، وفيها العديد من الكليات والتخصصات مثل العلوم التربوية وتكنولوجيا المعلومات وكلية المال والاعمال والفنون والقانون والعمارة الاسلامية اضافة الى العلوم الفقهية ، وتمنح شهادة البكالوريوس والماجستير والدكتوراة .
وختاماً أود القول بأن هذه المنحة السخية والمكرمة الملكية من الملك الاردني الهاشمي عبد الله الثاني بن الحسين هي نموذج عن مسيرة هاشمية مستمرة من العطاء والبذل ، وتؤكد الاستمرار الهاشمي في مسيرة حافلة وثرية بالمبادرات والتبرعات وعلى مدى العصور والعقود ، وفي المجالات المختلفة الدينية والتعليمية والثقافية والفنية .