خبيران اقتصاديان: أسعار مواد الطاقة تتجه للانخفاض في 2025 بضغط من المعروض النفطي
اَفاق نيوز – تشير توقعات خبيرين اقتصاديين وتقرير للبنك الدولي إلى اتجاه أسعار مواد الطاقة في العام 2025 إلى الانخفاض، حيث رجح الخبيران تراجعا في الأسعار يتراوح بين 7 إلى 9 بالمئة. في حين يتوقع البنك الدولي أن يقوم العديد من الدول غير الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بتكثيف إنتاجها من النفط، ما سيؤدي ذلك إلى تغذية الفائض والمساهمة في انخفاض أسعار المواد الخام بنحو 10% بحلول نهاية عام 2026.
وأرجع الخبيران الاقتصاديان، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية “قنا”، تراجع الأسعار إلى فائض المعروض النفطي وتباطؤ النمو الاقتصادي في الصين، بالإضافة إلى انخفاض حدة التوترات في عدد من مناطق العالم.
وفي هذا السياق، قال السيد ناصر جهام الكواري الخبير في مجال النفط والغاز إن توقعات سوق الطاقة لعام 2025 تشير إلى استمرار فائض العرض في النفط، مما سيؤدي إلى ضغوط على الأسعار.
وتوقع الخبير الاقتصادي أن يبلغ متوسط سعر خام برنت حوالي 73 دولارا للبرميل، في حين يتوقع أن يصل سعر خام غرب تكساس الوسيط (WTI) إلى 71 دولارا للبرميل، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة تتراوح بين 7 – 9 % مقارنة بالعام السابق.
واردف الكواري: إن الفائض في العرض يأتي نتيجة زيادة الإنتاج من منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”، كما تم التصريح في آخر اجتماع لهذه المنظمة، وكذلك زيادة الإنتاج في المناطق خارج “أوبك بلس “، مثل أمريكا الشمالية والبرازيل وغويانا.
وتابع: “علاوة على ذلك، أعلنت الصين أن توقعاتها للناتج المحلي الإجمالي لعام 2025 ستكون أقل من المتوقع، مما سيدفعها إلى خفض وارداتها من النفط الخام، ويضيف المزيد من الضغوط على الطلب العالمي. وفي الوقت نفسه، لا تزال القضايا الجيوسياسية مثل التوترات في الشرق الأوسط والحرب الروسية الأوكرانية تؤثر على استقرار إمدادات النفط، رغم وجود قدرة احتياطية كبيرة لتخفيف أي اضطرابات”.
بدوره اعتبر الدكتور عمر غرايبة، الأستاذ المشارك في إدارة المخاطر الاستثمارية بجامعة آل البيت بالأردن، أن تقدير اتجاهات أسعار النفط في المستقبل يشكل تحديا بالغ التعقيد، وذلك لوجود عوامل متعددة تتجاوز عوامل العرض والطلب التقليدية، كالتغيرات في المخاطر الجيوسياسية، ومدى توسع رقعة الحرب في منطقة الشرق الأوسط.
وقال الدكتور غرايبة : “إضافة إلى التوترات التجارية المتزايدة والعقوبات الاقتصادية بين الشرق والغرب، أن السياسات النقدية من البنوك المركزية تلعب دورا كبيرا في مستويات الطلب على النفط، إلى جانب سرعة واستجابة منظمة “أوبك بلس” لهذه الظروف المتغيرة لتحقيق التوازن بين هذه المستويات، جميع العوامل السابقة تخلق منظومة ديناميكية تتسم بعدم اليقين”.
ولخص الدكتور غرايبة اتجاهات أسعار النفط لعام 2025 في ثلاثة سيناريوهات، أولها السيناريو غير العادي للأسواق، والذي يمكن أن يصل فيه برميل النفط إلى 130 دولارا، وتعد احتماليته قليلة.
وتوقع في هذا السيناريو أن يشهد الاقتصاد العالمي طلبا كبيرا، بسبب تزايد المخاطر الجيوسياسية وتوسع رقعة الحرب في الشرق الأوسط ، وتعرقل سلاسل إمداد الطاقة في المضايق المائية، مع تزايد في التوترات التجارية بين الشرق والغرب، مما يؤدي إلى نقص حاد في المعروض النفطي، وهذا سيدفع بأسعار النفط إلى مستويات عالية جدا، بسبب الاختلالات بين قوى الطلب والعرض، وعدم القدرة على السيطرة على الأسعار.
ووصف غرايبة السيناريو الثاني بالمتفائل، حيث يتوقع أن يصل برميل النفط إلى 90 دولارا، واحتمالية حدوثه أكثر من السيناريو الأول.
وأوضح في هذا السيناريو إمكانية تحقيق الاقتصاد العالمي نموا قويا بسبب انخفاض المخاطر الجيوسياسية والتوترات التجارية بين الشرق والغرب من جهة، وتوجه البنوك المركزية في معظم دول العالم نحو السياسة النقدية التيسيرية من جهة أخرى، حيث تقوم البنوك بتخفيض معدلات الفائدة، وانخفاض معدلات الفائدة يضغط على الدولار الأمريكي بالتراجع، ويرفع معنويات المستثمرين بسبب تكلفة الدين القليلة، ويفتح شهيتهم نحو الاستثمار أو التوسع في استثماراتهم.
وقال الأستاذ المشارك في إدارة المخاطر الاستثمارية بجامعة آل البيت في الأردن: إن الوضع المشار إليه سيعزز الطلب العالمي النسبي على النفط، وبالتالي سترتفع أسعار النفط إلى مستويات عالية، مما يفيد الدول المصدرة بشكل كبير، لكنه يزيد تكاليف الطاقة عالميا، وبالتالي تتدخل منظمة “أوبك بلس” لتحقيق التوازن بين قوى الطلب والعرض العالمي، لأجل المحافظة على استقرار أسعار النفط وتمنعها من الارتفاع الشديد في الأسواق العالمية بزيادة المعروض النفطي عن طريق زيادة الإنتاج.
كما اعتبر الدكتور غرايبة السيناريو الثالث بالواقعي والأكثر احتمالية بأن يصل برميل النفط إلى 50 دولارا، وهو ما تتوقعه الولايات المتحدة لتخفيض معدلات التضخم العالمية.
ويفترض هذا السيناريو استمرار الاقتصاد العالمي في التباطؤ والركود التدريجي، بسبب وجود التوترات التجارية وفرض العقوبات الاقتصادية، خاصة على الصين، حيث تعد الصين أكبر مستورد للنفط في العالم، وتتداخل مع دول العالم في سلاسل الإمداد والتوريد، مما يؤدي إلى تراجع الإنتاج الاقتصادي العالمي، وانخفاض حاد في التجارة الدولية، وبالتالي يتعمق التباطؤ الاقتصادي ويتراجع الطلب العالمي على النفط.
المصدر قنا /وكالة الأنباء القطريه