الإعصار ميلتون يخلف 16 قتيلاً وفلوريدا تسترد أنفاسها وتبدأ أعمال التنظيف

اَفاق نيوز – خلّف الإعصار ميلتون 16 قتيلاً على الأقل الجمعة، وفق ما أفاد مسؤولون في ولاية فلوريدا، في الوقت الذي بدأ فيه السكان بالعودة إلى منازلهم والعمل لاستعادة إيقاع حياتهم المألوف. وقدر الرئيس جو بايدن قيمة الخسائر الجسيمة التي خلفها الإعصار بخمسين مليار دولار.

وظل نحو 2,5 مليون منزل ومقر شركة محرومة من الكهرباء، في حين أن بعض المناطق الواقعة على مسار العاصفة البالغة العنف من خليج المكسيك إلى المحيط الأطلسي لا تزال مغمورة بالمياه. ضرب ميلتون سواحل ولاية فلوريدا في وقت متأخر الأربعاء بوصفه عاصفةً من الفئة الثالثة، ما سبَّب تدمير مناطق كانت ما زالت تعاني آثار الإعصار هيلين الذي سبقه بأسبوعين وأسفر عن مقتل 237 شخصاً في جنوب شرق الولايات المتحدة.

أضرار جراء الإعصار ميلتون

وفي سييستا كي، وهي جزيرة تقع بالقرب من ساراسوتا حيث ضربت العاصفة اليابسة، ترك ميلتون خلفه مشهداً قاسياً. بعض الشوارع كانت لا تزال مغمورة بالمياه الجمعة، وعلى جوانب الطرقات تناثرت جذوع الأشجار المتساقطة والحطام وقطع الأثاث عشوائياً.

وقال مارك هورنر الذي انتقل إلى العيش هناك قبل ست سنوات، إن منزله نجا إلى حد ما، لكن الجزيرة “تضررت بشدة” والناس يعيدون تقييم المستقبل. وأبدى الرجل البالغ 67 عاماً تفاؤلاً وقال لوكالة “فرانس برس”، “جنتنا ستعود. فقط الأمر صادم بعض الشيء كي نستوعبه”.

وكانت الزوابع وليس مياه الفيضانات وراء العديد من الوفيات الناجمة عن العاصفة. وفي فورت بيرس على ساحل فلوريدا قضى أربعة أشخاص بسبب الإعصار ميلتون. وقالت سوزان ستيب البالغة 70 عاماً لوكالة فرانس برس “عثروا على بعض الأشخاص ميتين على شجرة في الخارج. أتمنى لو أنهم قاموا بإجلائهم”. وأفاد مسؤولون أن ستة أشخاص على الأقل لقوا حتفهم في مقاطعة سانت لوسي وأربعة في مقاطعة فولوسيا واثنين في مقاطعة بينيلاس وشخصاً واحداً في كل من مقاطعات هيلزبورو وبولك وأورانج وسيتروس.

وسبّبت العاصفة سقوط أعمدة الكهرباء واقتلاع سقف ملعب بيسبول في تامبا وغمرت المنازل بالمياه، لكن فلوريدا تجنبت الدمار الكارثي الذي كان المسؤولون يخشونه. وقال حاكم الولاية رون دي سانتيس للصحافيين: “كانت العاصفة كبيرة، لكن لحسن الحظ لم يكن ما حدث هو السيناريو الأسوأ”.

وأصدرت الأرصاد الجوية الوطنية 126 تحذيراً من الأعاصير في جميع أنحاء الولاية الأربعاء، وهو رقم قياسي، وفقاً لما ذكر خبير الأعاصير مايكل لوري. وقال ليديير رودريغيز الذي غمرت المياه شقته في تامبا باي “ليس من السهل أن تعتقد أنك تمتلك كل شيء وفجأة لا تملك شيئاً”.

“اهتم بشؤونك”

والجمعة كانت عمليات البحث والإنقاذ لا تزال مستمرة، وأفاد خفر السواحل عن عملية إنقاذ مذهلة لقبطان قارب نجا من العاصفة وظل متشبثاً بصندوق تبريد عائم في مياه خليج المكسيك. وقالت دانا غريدي من جهاز خفر السواحل في سانت بيترسبيرغ في بيان “نجا هذا الرجل في سيناريو أشبه بالكابوس”.

وحضّ الرئيس جو بايدن، الخميس، الناس على البقاء في منازلهم حتى تتم إزالة خطوط الكهرباء والحطام المتناثر. وتحول الإعصاران هيلين وميلتون المتتاليان في فلوريدا إلى مادة انتخابية، إذ نشر المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب نظريات مؤامرة تزعم أن بايدن والمرشحة الرئاسية الديمقراطية كامالا هاريس تخليا عن الضحايا. ورد بايدن الخميس عليه بالقول “اذهب واهتم بشؤونك”.

التغير المناخي

اعتبر خبراء، الجمعة، أن التغير المناخي الناجم عن الإنسان جعل الإعصار ميلتون أكثر رطوبة وأشد رياحاً. وقال تقرير لمجموعة “وورلد ويذر أتريبيوشن” التي تضم علماء مناخ “إن هطل أمطار غزيرة في يوم واحد مثل تلك الأحداث المرتبطة بميلتون أصبح أكثر كثافة بنسبة 20 إلى 30 %، وأكثر ترجيحاً بنحو الضعف في مناخ اليوم”.

وأضاف التقرير، أن هذا أدى إلى زيادة قوة رياح الإعصار ميلتون بنحو 10 %، ما يحول عاصفة من الفئة الثانية إلى واحدة أكثر تدميراً من الفئة الثالثة. ترك ميلتون بعض سكان فلوريدا منهكين وفي حالة يأس، والبعض الآخر يستعدون لعملية طويلة لبناء ما تهدم. وفي أورلاندو، على الساحل الشرقي، كان جو ماير البالغ 58 عاماً يضع أمتعته للعودة إلى منزله في ماديرا بيتش، جنوب تامبا، بعد خمسة أيام قضاها في فندق.

قال إن الإعصار هيلين ضرب منزله “مثل قنبلة تنفجر”، واضطر إلى السباحة إلى منزل أحد جيرانه. أما ميلتون فقد ترك كمية أقل من المياه ولكن المزيد من الأضرار بسبب الرياح. وأضاف “من المحتمل أن نبيع” المنزل للانتقال إلى مكان أقل عرضة للفيضانات، مشيراً إلى أنه وصل إلى سن أصبح فيها هذا الأمر “أكثر مما نستطيع تحمله”.

“نرفض مغادرة الجنة”

نجت كريستن هيل من الإعصار ميلتون مرهقة وخائفة، لكن رغم ذلك، ترفض مغادرة ولاية فلوريدا التي تضرّرت بشدة، خصوصاً أنها كانت لا تزال تعاني آثار الإعصار هيلين الذي سبقه بأسبوعين وأسفر عن مقتل 237 شخصاً في جنوب شرق الولايات المتحدة. وقالت كريستن (42 عاماً) فيما كانت تزيل أغصان الأشجار والحطام من المطعم الذي تديره في جزيرة سييستا كي الواقعة بين ساراسوتا باي وخليج المكسيك على الساحل الغربي للولاية “أنت تثابر عندما تعيش في فلوريدا”. وأضافت “عندما تعيش في الجنة، هذا هو الثمن الذي تدفعه. لدينا بعض من أفضل الشواطئ في العالم، إنها مذهلة. نحن محظوظون”.

ورغم أن الولاية الواقعة في جنوب شرق الولايات المتحدة معرّضة بشدة للكوارث الناجمة عن تغير المناخ، بما في ذلك ارتفاع منسوب مياه البحر والأعاصير الأقوى، لا يبدو أن هناك ما يضعف جاذبيتها.

تُعد فلوريدا ثالث كبرى ولايات البلاد من حيث عدد السكان، وقد أظهرت بيانات التعداد السكاني الأميركي أنه في العام 2023 كان يعيش فيها أكبر عدد من السكان الجدد بعد تكساس.

كما أدت الكوارث الطبيعية المتكررة، كان ميلتون الإعصار الثالث الذي يضرب فلوريدا في الشهرين الماضيين بعد ديبي وهيلين، إلى ارتفاع أقساط التأمين على المنازل ارتفاعاً كبيراً. في العام 2023، دفع أصحاب المنازل في المتوسط 10996 دولاراً لتأمين مساكنهم، أي أكثر بنسبة 421 % من المتوسط الوطني، وفق بيانات شركة Insurify المتخصصة، لكن يبدو أن أيّاً من ذلك لا يهم عند مقارنته بجاذبية العيش في مناخ مشمس قرب المحيط.

قالت فيكتوريا ثوما وهي من سكان ساراسوتا أتت لتفقد الأضرار التي لحقت بسييستا كي القريبة “إن الوجود قرب المياه، هو أمر مميز. لا شيء يمكن أن يحل مكانه”. استقرّت هذه الروسية البالغة 49 عاماً على طول الساحل الغربي لفلوريدا قبل عقد بعدما عاشت في ولاية كونيتيكت الشمالية الشرقية. وأوضحت أنها سعيدة في سييستا كي حيث تعيش مع زوجها وأطفالهما الثمانية.

(فرانس برس)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى