حرب التجسس.. كيف ساعدت “سي آي إيه” كييف سراً؟
اَفاق نيوز – مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثالث تعد الشراكة الاستخباراتية بين واشنطن وكييف حجر الزاوية في قدرة كييف على الدفاع عن نفسها.
ومنذ بداية الحرب قدمت وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) ووكالات الاستخبارات الأميركية الأخرى معلومات استخباراتية عن تحركات القوات الروسية وساعدت في دعم شبكات التجسس.
إلا أن الشراكة بين البلدين ليست وليدة زمن الحرب، كما أن أوكرانيا ليست المستفيد الوحيد منها، وفق تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”.
وترسخت هذه الفكرة قبل عقد من الزمن، وتجمعت في فترات متقطعة في عهد ثلاثة رؤساء أميركيين مختلفين، ودفع بها إلى الأمام أفراد رئيسيون كانوا في كثير من الأحيان يخوضون مخاطرات جريئة.
وحولت أوكرانيا، التي كان يُنظر إلى وكالاتها الاستخباراتية منذ فترة طويلة على أنها معرضة للخطر بشكل كامل من قبل روسيا، إلى واحدة من أهم شركاء واشنطن الاستخباراتيين ضد الكرملين اليوم.
مركز لجمع المعلومات الاستخبارية
فقد وصف مسؤولون حاليون وسابقون في أوكرانيا والولايات المتحدة وأوروبا في أكثر من 200 مقابلة، شراكة كادت أن تنهار بسبب انعدام الثقة المتبادلة قبل أن تتوسع بشكل مطرد، وتحول أوكرانيا إلى مركز لجمع المعلومات الاستخبارية.
وتحدث العديد من المسؤولين شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة المعلومات الاستخبارية والمسائل الدبلوماسية الحساسة، بحسب “نيويورك تايمز”.
قاعدة سرية
وكشفوا وجود قاعدة سرية قرب الحدود الروسية تم تمويلها بالكامل تقريباً، وتجهيزها جزئياً، من قبل وكالة المخابرات المركزية.
إلا أن الطريق الضيق المؤدي إلى القاعدة السرية أصبح اليوم محاطاً بحقول الألغام، التي تم زرعها كخط دفاع في الأسابيع التي تلت الغزو الروسي.
فيما يبدو أن الصواريخ الروسية التي ضربت القاعدة قد أغلقتها، لكن بعد أسابيع فقط عاد إليها الأوكرانيون.
وبفضل الأموال والمعدات التي قدمتها وكالة المخابرات المركزية، بدأت أطقم العمل تحت قيادة الجنرال سيرهي دفوريتسكي في إعادة البناء، ولكن تحت الأرض.
ولتجنب اكتشافها، كانت تعمل فقط في الليل وعندما لا تكون أقمار التجسس الروسية في سماء المنطقة.
كما أوقف العمال سياراتهم على مسافة بعيدة عن موقع البناء.
وفي المخبأ، أشار الجنرال دفوريتسكي إلى معدات اتصالات وخوادم كمبيوتر كبيرة، تم تمويل بعضها من قبل وكالة المخابرات المركزية.
وقال إن فرقه كانت تستخدم القاعدة لاختراق شبكات الاتصالات الآمنة للجيش الروسي.
عملية “السمكة الذهبية”
وخارج القاعدة، أشرفت الوكالة أيضاً على برنامج تدريبي تم تنفيذه في مدينتين أوروبيتين لتعليم ضباط المخابرات الأوكرانية كيفية افتراض شخصيات مزيفة بشكل مقنع وسرقة الأسرار في روسيا ودول أخرى ماهرة في استئصال الجواسيس، وكان البرنامج يسمى عملية “السمكة الذهبية”.
إلى ذلك سرعان ما تم نشر ضباط عملية “السمكة الذهبية” في 12 قاعدة عمليات أمامية حديثة الإنشاء على طول الحدود الروسية.
بدوره قال فاليري كوندراتيوك، القائد السابق لوكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، إنه من كل قاعدة، كان الضباط الأوكرانيون يديرون شبكات من العملاء الذين يجمعون المعلومات الاستخبارية داخل روسيا.
وقام ضباط الوكالة بتركيب معدات في القواعد للمساعدة في جمع المعلومات الاستخبارية، كما حددوا بعضاً من أكثر الخريجين الأوكرانيين مهارة في برنامج عملية “السمكة الذهبية”، وعملوا معهم للتواصل مع المصادر الروسية المحتملة.
ثم درّب هؤلاء الخريجون عملاء نائمين على الأراضي الأوكرانية بهدف شن عمليات حرب العصابات في حالة الاحتلال.
علاقة متأصلة
وأكد التقرير أن العلاقة متأصلة للغاية بين واشنطن وكييف لدرجة أن ضباط وكالة المخابرات المركزية ظلوا في مكان بعيد في غرب أوكرانيا عندما قامت إدارة بايدن بإجلاء الموظفين الأميركيين في الأسابيع التي سبقت العملية الروسية في فبراير 2022.
وخلال الغزو، نقل الضباط معلومات استخباراتية مهمة، بما في ذلك المكان الذي كانت روسيا تخطط فيه لضربات وهجمات وما هي أنظمة الأسلحة التي سيستخدمونها.
يذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن في 24 فبراير 2022 عملية عسكرية في أوكرانيا تركزت على طول الحدود.
وتبع ذلك عمليات وغارات جوية استهدفت المباني العسكرية في البلاد، وكذلك دخول الدبابات عبر حدود بيلاروسيا.